الصينيون قادمون.. صناعة السينما الصينية تهدد عرش هوليوود وتصبح ثانى أكبر سوق للأفلام فى العالم

آخر تحديث: الأربعاء 5 سبتمبر 2018 - 10:18 م بتوقيت القاهرة

خالد محمود

مدينة ضخمة للسينما تضم 10 ستديوهات بتكلفة 7.86 مليارات دولار.. مساحتها تفوق 500 ملعب لكرة القدم لدعم أفلامها والمنافسة على استقطاب الإنتاجات الأجنبية
6 5077 دار عرض فى مقابل 40 ألف شاشة تملكها الولايات المتحدة
آدم جودمان مدير إنتاج أمريكى: لم نكن نفكر قط فى الصين قبل عشر سنوات لكننا الآن فى مرحلة لا يمكن فيها لهوليوود أن توجد من دون الصين.
«جيل التضحية» أعاد إحياء السينما فى ظل أزمة اقتصادية عنيفة ورقابة سياسية صارمة ووضع قواعد النهضة السينمائية.. وقدم الجيل الخامس أزهى عصور السينما الصينية
هل تهدد صناعة السينما الصينية عرش هوليوود بكل مقوماتها خلال الفترة القادمة؟!
سؤال بات مطروحا بقوة، خاصة بعد زيادة نفوذ الصين وتأثيرها المباشر فى صناعة السينما العالمية فى العامين الأخيرين، وباعتبار أن الصين ثانى أكبر سوق للأفلام فى العالم، وكشفت شركات الإنتاج الأمريكية انها على استعداد لتعديل محتوى أفلامها كى ترضى المشاهد الصينى والرقابة الحكومية فى بلاده، بينما ارتفع الاستثمار الصينى بهوليوود مع دخول التكتلات الاقتصادية الصينية الكبيرة فى تمويل وصناعة الأفلام الأجنبية.
كما ان شباك التذاكر فى الصين الذى ارتفع بنسبة 50% له أثر كبير على نوع الأفلام التى تقدمها هوليوود للمشاهد الصينى.
النجم جاكى شان قال بأنه «عندما لم تكن الصين هى السوق المستهدفة كان المنتجون يتبعون الطريقة الأمريكية، بينما بات اليوم الذوق العام الصينى يؤخذ بعين الاعتبار قبل عمليات الإنتاج».
الانطلاقة الكبرى اخذت منحنى أخر من إبريل الماضى، حيث دشنت الصين مدينة ضخمة للسينما بمنطقة «تشينجداو» الساحلية شرق البلاد، بهدف دعم صناعتها السينمائية والمنافسة على استقطاب الإنتاجات الأجنبية التى اجتذبتها بالفعل قبل استكمال تجهيزاتها، حيث صور النجم مات ديمون أحدث أفلامه The great wall هناك 2016 وكذلك فيلم «باسيفيك ريم ابرايزينج» 2018.
بلغت كلفة بناء مدينة السينما الجديدة 7.86 مليارات دولار، وتفوق مساحتها 500 ملعب لكرة القدم، حيث تمتد لـ376 هكتارا شرق البلاد، وبنى حتى اليوم 35 استوديو ضخما يراعى المعايير الدولية، بينها واحد ضخم يمتد على عشرة آلاف متر مربع وسوف تضاف 10 استديوهات أخرى خلال السنوات الخمس المقبلة. ويضم هذا المجمع الضخم الذى يسعى إلى منافسة هوليوود، قاعة عروض ومدرسة ومستشفى وفنادق فخمة وناديا لليخوت مستوحى من نادى موناكو.
وأكدت مجموعة «واندا»، أكبر مركز استثمار فى العالم فى مجال السينما والتلفزيون انها تخوض غمار السينما منذ فترة، فهى تنتج أفلاما، وسبق لها أن اشترت سلسلة دور السينما الأمريكية «إيه إم سى» عام 2012 والاستوديو الهوليوودى «لجيندرى» الذى قدم «جوراسيك وورلد» و«أنترستيلر» و«جودزيلا».
وقال المؤسس وانج جيانلين: «سيساعد هذا المجمع على تطوير السينما الصينية وسيعزز انفتاحها على العالمية».

عائدات السينما الصينية تحقق نموا 13%

ارتفعت عائدات السينما الصينية بنسبة 13.45 فى المائة خلال العام الماضى إلى 8.59 مليار دولار لتحقق أكثر من ثلاثة أمثال معدل النمو فى 2016، بينما حصلت الأفلام الأجنبية على حصة أكبر من مبيعات التذاكر مقارنة بالعام السابق. كما سجلت مبيعات تذاكر الأفلام المحلية 30.1 مليار يوان فى 2017 أى ما يعادل 54 فى المائة من إجمالى مبيعات التذاكر.
وتعد الصين ثانى أكبر سوق لأفلام السينما فى العالم بعد الولايات المتحدة على الرغم من امتلاكها عددا أكبر من شاشات العرض بعد توسع سريع استمر لأعوام.
وقالت الهيئة التنظيمية للإعلام إن الصين أضافت 9597 شاشة عرض سينمائى العام الماضى ليصبح العدد الإجمالى 50776. فى المقابل تملك الولايات المتحدة أكثر قليلا من 40 ألف شاشة عرض سينمائى بحسب بيانات من الاتحاد الوطنى لملاك دور العرض ومقره الولايات المتحدة.
وحقق فيلم (وولف واريور 2) أكبر الإيرادات فى الصين العام الماضى بمبيعات تذاكر بلغت 5.68 مليار يوان.
فى هذا الإطار قال آدم جودمان، مدير إنتاج أمريكى: «لم نكن نفكر قط فى الصين قبل عشر سنوات، لكننا الآن فى مرحلة لا يمكن فيها لهوليوود أن توجد من دون الصين».
بموجب نظام الحصص المعمول به فى الصين، لا تسمح السلطات الصينية باستيراد سوى 34 فيلما أجنبيا إلى البلاد كل عام، حيث تخضع صناعة الأفلام داخليا لرقابة صارمة منذ عقود، وذلك بهدف تحديد الحصة السوقية للأفلام الأجنبية فى السوق المحلى، والحد من تأثيرها على المجتمع الصينى. وهو الأمر الذى دفع العديد من الشركات العالمية إلى اللجوء للإنتاج المشترك باعتباره أحد الخيارات التى تمكن هذه الشركات من التحايل على نظام الحصص الذى تفرضه السلطات الصينية.
المخرج الإسبانى جوردى ليومبارت يرى أن هذا النوع من الإنتاج لا يستهدف فقط اختراق الحواجز والضوابط الحكومية فى الصين، بل من شأنه أيضا أن يسهم فى الترويج للسينما الصينية فى الخارج.
واشارت الممثلة الصينية شياو بينج إلى أن السينما الصينية استطاعت فى فترة قياسية أن تحقق نجاحات كبيرة، وتمكنت من الخروج إلى العالمية عبر أفلام تجاوزت القوالب الكلاسيكية وبإنتاج محلى.
وعلى الرغم من النجاحات التى حققتها السينما الصينية محليا، يرى مراقبون أنها لاتزال تعانى من ضعف الانتشار والتأثير فى الخارج، لكن فى العام الماضى وفى سابقة هى الأولى من نوعها تفوقت إيرادات السينما الصينية وذلك بفضل أفلام حطمت أرقاما قياسية، وحققت إيرادات تجاوزت المليار دولار.
دون شك فرضت السينما الصينية نفسها خلال العقدين الماضيين بقوة على الخريطة العالمية، إذ لفتت موجة الأفلام الجديدة التى تنتمى لما يسمى بـ«الجيل الخامس»، اهتمام النقاد وعشاق الفن السابع بقدرتها على استلهام الموروث الشعبى، وتعاملها الخاص مع تاريخها، وإعادة النظر فى قيم وتقاليد كثيرة موروثة، ومحاولة فهمها، ونقدها معا.
وبحسب الناقد امير العمرى فتحت السينما الصينية الجديدة شهية السينمائيين حول العالم على مدرسة جديدة فى التعبير، والأداء، والتصوير، والإخراج، وحققت، بقصصها الواقعية المستوحاة من حياة الملايين فى القرى والمدن، نجاحا كبيرا، حاصدة عشرات الجوائز فى مهرجانات سينمائية دولية.
الناقد الفرنسى ميشيل فرودن، صاحب كتاب «نظرة على السينما الصينية»، كتب تحت عنوان «طريق طويل نحو النور»: تعد السينما الصينية اليوم من الصناعات القوية للفن السابع عالميا، سواء بعدد أفلامها، ومشاهديها، أو بأهميتها الفنية التى تشهد بها مهرجانات دولية كبيرة.
يقول ميشيل: «تعد السينما الصينية اليوم من أقوى صناعات الفن السابع على مستوى العالم، سواء من حيث عدد الأفلام التى تنتجها وعدد المشاهدين أو من حيث أهيمتها الفنية التى تشهد عليها المهرجانات الدولية الكبرى، وتزامن تألقها مع صعود الصين على الساحة الدولية لتصبح القوة العالمية الثانية بعد الولايات المتحدة (البعض يعتبرونها الأولى، اقتصاديا وعسكريا)».
يشير ميشيل إلى أن الاعتراف بالأفلام الصينية لم يأت عن طريق عشاق السينما أو المهرجانات أو النقاد، بل جاء باستيراد نوعية شعبية
ويشير فرودن إلى أن وصول السينما إلى الصين، كان فى أغسطس عام 1896، بعد ستة أشهر تقريبا من العرض
الأول للأخوين لوميير فى باريس، حيث أرسلا فنيين لعرض الصور المتحركة الأولى فى الصين. ويعتبر الصينيون مولد السينما الحقيقية لديهم فى 1905، بفيلم تسجيلى حمل اسم «مونت دينج جون». ويقسم الكتاب مراحل تطورها إلى ستة أجيال، وهى:
ــ الجيل الأول: مرحلة السينما الصامتة. وكانت عاصمة السينما حينها مدينة شينهاى، وفيها أنشئت استوديوهات عدة لصناعة أفلام تحاكى النموذج الهوليوودى، ومن أعمال هذه المرحلة «زوجان قليلا الحظ». والجيل الثانى بدأ مع السينما الناطقة، وتأثرت أفلامه بالأحداث السياسية التى شهدتها البلاد حينها، كالصراع بين الحزب الوطنى والشيوعيين، والغزو اليابانى للصين. ويصف الكتاب الإنتاج السينمائى لهذه الفترة بأنه كان فى منتهى الحيوية، وتمتع بتصوير وأداء تمثيلى ممتازين، ومن أفلام هذه المرحلة «أغنية الصيادين»، و»ملائكة الشوارع».
ويعد جيل ما بعد الثورة الصينية هو الثالث، وبدأ فى العام 1949، وفيه اعتمدت السينما على محاكاة النموذج السوفييتى، وازدهرت الصناعة القائمة على استوديوهات الدولة، وانتشرت دور العرض الريفية، لكن السينما توقفت مع اندلاع «الثورة الثقافية» فى العام 1966.
ويعتبر فرودن الجيل الرابع «جيل التضحية»، الذى أعاد إحياء السينما فى نهاية السبعينيات، فى ظل أزمة اقتصادية عنيفة، ورقابة سياسية صارمة، إذ وضع هذا الجيل قواعد النهضة السينمائية.
وقدم الجيل الخامس أزهى عصور السينما الصينية، وهو الذى تخرج فى صفوف الدفعة الأولى بأكاديمية بكين للسينما، التى افتتحت العام 1978. وصنعوا أفلاما ريفية تمجد المناظر الطبيعية مثل «نهر بلا مرشد»، و«قصة كو جو» 1991، و«لعنة الزهرة الذهبية» إنتاج 2006.
وظهر الجيل السادس فى بداية التسعينيات، متبعا أسلوبا جديدا يتناقض مع القيم الجمالية التى أبرزها الجيل الخامس فى أعماله.
ويستعرض الكتاب تأثيرات الثورة الرقمية فى نهاية التسعينيات، وانتشار كاميراتها، وتطور الإنترنت، فى صناعة السينما الحديثة. ويقدم فصلا عن الازدهار التجارى للسوق، وتراجع سينما المؤلف، ومدى شعبية السينما الصينية عالميا، وتواجدها خارجيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved