بعد سجن والدهم.. أشقاء بأمريكا يؤسسون منظمة لإنهاء الوصمة المرتبطة بسجن أحد الأبوين

آخر تحديث: الخميس 5 سبتمبر 2024 - 11:46 ص بتوقيت القاهرة

د ب أ - ت ك أ

اعتاد الأشقاء جوشوا، وآفاـ وديفيد مارتوما، على الاستيقاظ قبل شروق الشمس في صباح كل يوم سبت، دون أي كلل أو ملل، وارتداء ملابسهم وركوب سيارة والدتهم، للتوجه إلى "المؤسسة الإصلاحية الفيدرالية" في جنوب غرب مقاطعة ميامي ديد بولاية فلوريدا الامريكية، لزيارة والدهم ماثيو مارتوما، الذي كان يقضي هناك حكما بالسجن لمدة 9 أعوام.

وبعد اجتياز الفحص الأمني ​​للسجن، يدخل الأشقاء مع أمهم إلى الغرفة المخصصة للانتظار، حيث يمضون ساعات وهم جالسون في غرفة الزيارة على كراسي غير مريحة مصنوعة من البلاستيك بينما يتحدثون مع والدهم. ثم تنتهي فترة الزيارة فجأة عند الساعة العاشرة والنصف صباحا، بحسب ما تشير إليه صحيفة "ميامي هيرالد" الأمريكية في تقرير لها.

ولم يكن هناك الكثير الذي يمكن القيام به في غرفة الزيارة. كما لم يتمكن الأبناء - الذين كانوا يبلغون من العمر 5 و7 و9 أعوام عندما ذهب والدهم إلى السجن - من إحضار أي شيء معهم إلى المنطقة المخصصة للزيارة، سواء كتب أو ألعاب أو غيرها. وكان هناك في المكان رف صغير يوجد عليه عدد قليل من الكتب والموسوعات القديمة البالية.

وتشير "ميامي هيرالد" إلى أن الزيارات قد تبدو مملة بسبب قلة الأنشطة المتاحة في غرفة الزيارة، لذلك أراد كل من الشقيقين آفا وجوشوا أن يعرفا كيف يمكنهما أن يحضرا الألعاب والكتب إلى السجن. وتم إخبارهما بأنه لا يمكن قبول التبرعات إلا من خلال المنظمات غير الربحية، لذلك قررا تأسيس واحدة.

وقالت آفا، التي صارت تبلغ من العمر حاليا 17 عاما: "قلنا، حسنا، فلنتجاوز تلك العقبة".

وبمساعدة والدتهما، أسسا منظمة "كيدز ميتس" وحصلا على التبرعات الأولى من الكتب من مكتبة مدرستهما، وهي "مدرسة باين كريست" في فورت لودرديل. وقد توسعت المنظمة غير الربحية منذ ذلك الحين لتصير مصدرا إلكترونيا للآباء والأبناء والمعلمين، وقد تعاون الشقيقان مع منظمات أخرى لتعريف العامة بشأن أفضل السبل للتعامل مع سجن أحد الوالدين، بالإضافة إلى الدفع من أجل تحقيق إصلاحات في سياسة العدالة الجنائية.

وبعد تسليم تبرعاتهم الأولى من الكتب، لم يعد الأطفال يركضون في غرفة الزيارة ويتسببون في المشاكل. فقد صاروا الآن يجلسون بهدوء ويقرأون مع والديهم، وهو نشاط تظهر الأبحاث أن له فوائد عديدة تشمل التطور المعرفي والترابط الأسري.

وقالت آفا: "لقد أحببت إحضار الكتب إلى هناك لأنني أحب القراءة، وأحب أن يستمتع الآخرون أيضا بالقراءة في السجون".

ويشار إلى أنه منذ تأسيس "كيدز ميتس"، تبرعت المجموعة بـ5000 كتاب ولعبة وفيلم، إلى غرف الزيارة بالسجون الفيدرالية المنتشرة في 23 ولاية.

ويقول المدافعون عن إصلاح نظام العدالة الجنائية، إن الأطفال الذين لديهم آباء مسجونين عادة ما يعانون في المدرسة، بسبب عدم استقرار حياتهم المنزلية.

ولكن من خلال الزيارات والعلاقات القوية الأخرى مع البالغين، تمكن أبناء مارتوما من إدارة صدمة وجود أحد والديهما في السجن. ويعد جزءا من المهمة المعنية بها منظمتهم، هو إعطاء الأطفال الأدوات اللازمة لكي يكونوا قادرين على الصمود في الحياة.

وتدرس آفا حاليا في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية بـ "مدرسة باين كريست الثانوية". فيما يبلغ عمر شقيقها الأصغر ديفيد /15 عاما/ وقد دخل سنته الأولى في المرحلة الثانوية. وهو أصغر زميل شاب في "وورث رايزز!"، وهي منظمة محلية غير ربحية تعمل على توسيع نطاق الخطاب المتعلق بتسويق النظام القانوني الجنائي. وقد دخل ديفيد في شراكة مع أحد الأساتذة لإجراء أبحاث بشأن إيجابيات وسلبيات السماح للسجناء بالوصول إلى أدوات التكنولوجيا الحديثة.

جدير بالذكر أن "كيدز ميتس" لديها موقع الإلكتروني لتزويد الأطفال الذين لديهم آباء مسجونين، بمكان للعثور على قصص من الآخرين الذين مروا بنفس الأمر. كما تعمل المنظمة على إنهاء الوصمة المرتبطة بتعرض أحد الابوين للسجن، من خلال إطلاق حملات للتوعية العامة.

وكان ماثيو مارتوما، والد الأشقاء الثلاثة، قد أُدين بالتداول الداخلي، وهو نشاط غير شرعي يتعلق بالأسهم، وكان ذلك في واحدة من أكثر المخططات المربحة على الإطلاق، بحسب ما ورد في تقرير وزارة العدل في ذلك الوقت. وكان مارتوما أحد متداولي صناديق التحوط، وقد أُدين لأنه نصح عملائه ببيع أسهم لشركات أدوية، بناء على معلومات داخلية.

إلا أن أبناء مارتوما لا يتحدثون كثيرا بشأن الجريمة التي أُدين فيها والدهم، مؤكدين على أن ما يفعله والدهم لا يحدد وضعهم.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة تضم عددا كبيرا من الأطفال الذين تعرض أحد والديهم، أو ولي أمرهم، للسجن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved