تشبه القلم الرصاص.. تطور عمارة المآذن في مصر منذ صدر الإسلام وحتى الدولة العثمانية

آخر تحديث: الأربعاء 6 أبريل 2022 - 2:12 م بتوقيت القاهرة

إلهام عبدالعزيز

تمثل المئذنة إحدى العناصر المعمارية المهمة التي اقترنت بعمارة المساجد، وجاءت هذه الأهمية نتيجة الدور الوظيفي لها، بالإضافة إلى دورها التشكيلي والرمزي، لما لها من خصائص معمارية مميزة، فأصبحت بارتفاعها علامة أرضية داخل المدن الإسلامية.

تغيرت أشكال المآذن عبر العصور الإسلامية المختلفة. وفي مصر، تأثرت العمارة الإسلامية ككل بالطرز المعمارية السائدة في العالم الإسلامي، حيث جاء كل حاكم إلى مصر حاملا الفنون المعمارية لبلاده.

وفي التقرير التالي، نرصد كيف تغيرت أشكال المآذن في مصر من بداية الفتح الإسلامي وحتى الدولة العثمانية، كما جاء في دراسة تحليلة بقسم العمارة في كلية الهندسة جامعة أسيوط بعنوان "تطور عمارة المآذن في اليمن ومصر من عصر صدر الإسلام حتى الدولة العثمانية".

• نشأة المآذن ووظيفتها

لم تكن المئذنة معروفة في عهد الرسول ولا زمن الخلفاء الراشدين، حيث كان يدعي للصلاة بدون أذان حتى أمر الرسول، بلال بن رباح، للصلاة بالأذان، فكان يؤذن من أعلي سطح مجاور للمسجد، وكانت جميع المساجد التي شيدت خارج الجزيرة العربية مثل مسجد الرسول، تخلو من المئذنة، مثل مسجد البصرة والكوفة وعمرو بن العاص في الفسطاط.

وفي عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، أشار ببناء المآذن، التي أصبحت ضرورة تتطلبها ظروف المسلمين لكي يصعد إليها المؤذن لنشر صوته وإسماع الأذان إلى أبعد مكان.

• تطور المآذن في العالم الإسلامي

اتخذت المآذن أشكالاً متعددة تبعا لفترات زمنية مختلفة، فقد بدأت كأبراج حجرية منخفضة مربعة الشكل، وذلك على أنقاض المعهد الوثني بمدينة دمشق، الذي أقيم مكانه الجامع الأموي الكبير، وصممت على شكل أدوار مدرجة يتناقص ارتفاع كل دور عن الذي قبله، وانتقل هذا النوع إلى شمال إفريقيا والأندلس.

بعد ذلك تعددت أشكال المآذن، فظهرت المضلعة في العصر الفاطمي، والمئذنة بشكل المبخرة في العصر الأيوبي، كما انتشرت الأسطوانية في إيران والعراق وآسيا الوسطى، وفي العصر العثماني انتشرت في مصر وآسيا الصغرى والبلدان الخاضعة للدولة العثمانية، مآذن أسطوانية الشكل أو كثيرة الأضلاع، عالية، رفيعة ونحيلة، تعلوها قمة مخروطية مدببة.

• المآذن في مصر

كان بداية ظهور المآذن في مصر في العصر الأموي بجامع عمرو بن العاص، حيث بُنيت للجامع 4 مآذن في أركانه، وتعددت مرات بناء وهدم هذه المآذن، وفي كل مرة تُبنى على طراز مختلف عن سابقيه.

وفي عصر الدولة الطولونية، التي تنسب إلى الوالي العباسي أحمد بن طولون، تمثلت المباني الدينية في مسجد أحمد بن طولون، الذي جاءت مئذنته متأثرة في تصميمها بشكل الملوية في جامع سامراء بالعراق.

وأثناء حكم الدولة الأيوبية، تطور بناء المساجد بظهور المدرسة التي تدرس علوم القرآن والحديث كمبنى مستقل في نطاق المباني الدينية، أما المآذن فقد احتلت مكانها فوق المدخل، وانتهت قمتها بما يسمى المنخرة أو المبخرة، وتعتبر مئذنة الصالح نجم الدين أيوب هي النموذج الأصلي لمآذن العصر الأيوبي.

أما في العصر المملوكي، الذي يعتبر العصر الذهبي للعمارة الإسلامية في مصر، حيث كترث وتنوعت المنشآت المعمارية بين مدارس ومساجد وخنقاوات وخلافه، وألحقت بالمسجد وحدات معمارية جديدة مثل الأضرحة ذات القباب والسبل والكتاب، وتميزت المآذن بالرشاقة وجمال النسب، وتعتبر مئذنة مدرسة السلطان حسن من أجمل المآذن لما فيها من جمال وروعة انسجام بين أجزائها المختلفة.

وعن مآذن مصر في ظل الحكم العثماني، فقد شيدت العديد من المساجد مثل مسجد سنان باشا ببولاق، وجامع محمد علي الذي شُيد على غرار جامع السلطان أحمد بالأستانة، وكانت المآذن رشيقة ومرتفعة ومنتهية بنهاية مدببة تشبه القلم الرصاص.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved