الرأى العام الأوروبى ينتفض لدعم المهاجرين

آخر تحديث: الأحد 6 سبتمبر 2015 - 10:11 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد هشام:

• ناشطة ألمانية تطلق مبادرة لاستضافة اللاجئين فى المنازل بدلا من مخيمات اللجوء.. ومتقاعدون فى بريطانيا يخصصون غرفا فى منازلهم للمهاجرين
• مكتبة فى النرويج تخصص نصف مبيعاتها لمساعدة اللاجئين السويين.. ومقهى بريطانى يتبرع بـ5 آلاف جنيه إسترلينى لتوفير وجبة لائقة لمهاجرى كاليه
• موسيقيون يطلقون حملة فى بريطانيا لجمع آلات موسيقية لنظرائهم المهاجرين.. وتدشين صندوق تبرعات باسم «إيلان» لصالح اللاجئين
• حملات شعبية للضغط على الساسة من أجل استقبال اللاجئين.. ومؤلفة «هارى بوتر» تنضم للشخصيات العامة الداعمة للمهاجرين
• بايرن ميونخ يخصص مليون دولار للاجئى سوريا.. نجوم ألمانيا يرفضون العنصرية.. و«سيلتك» يخصص جزءا من عائدات مباراة خيرية للاجئين

مع تدفق أعداد غير مسبوقة من المهاجرين واللاجئين القادمين من مناطق الصراع المشتعلة فى الشرق الأوسط وفى مقدمتها سوريا، إلى أوروبا، أبدى العديد من الأوروبيون، على اختلاف مشاربهم، سخطهم من تفاعل حكوماتهم مع الأزمة، مبتكرين طرقا خاصة لدعم اللاجئين والضغط على حكوماتهم لتصويب سياستهم إزاء تلك الفاجعة الإنسانية.

وشهدت مختلف الدول الأوروبية حراكا غير مسبوق من المبادرات المجتمعية الرامية لتقديم يد العون والمساعدة للاجئين، لاسيما أن العالم بات يواجه الآن أسوأ أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية (1939_1945)، بحسب ما أعلن المفوض الأوروبى لشئون الهجرة، ديمتريس افراموبولوس.

ففى ألمانيا، أطلقت فتاة تدعى ماريكا جيلينج مبادرة للترحيب باللاجئين فى البلاد تتمثل فى تقديم مساحة فى المنازل لإقامة اللاجئين بدلا من الإقامة الجماعية المشتركة فى مخيمات.
وأوضحت جلينج لصحيفة «الجارديان» البريطانية أنه «على الرغم من أن ألمانيا توفر أماكن اللجوء أكثر من أى بلد أوروبى آخر، إلا أنها تعتقد أن الألمان راغبون فى مزيد من الفرص للمساعدة»، مؤكدة أنه «لا ينبغى أن ينظر إلى اللاجئين باعتبارهم تهديدا بل باعتبارهم فرصة».
وفى أيسلندا، عرض أكثر من عشرة آلاف مواطن استقبال اللاجئين السوريين فى منازلهم الأسبوع الماضى، فى وقت أعلنت فيه السلطات أنها لن تسمح سوى بحصتها المقررة، وهى 50 لاجئا فقط سنويا.
ودشن النشطاء الأيسلنديون حملتهم عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، بناء على دعوة أطلقتها الكاتبة الأيسلندية، برينديس بيورجفينسدوتير، عبر صفحتها الشخصية على «فيسبوك» حثت فيها مواطنيها على التعبير عن أرائهم حول ما إذا كانوا يريدون أن تستقبل أيسلندا عددا أكبر من اللاجئين السوريين.

وفى النرويج، اختار كريستيان سكريده صاحب مكتبة إلدورادو الكائنة وسط أوسلو، شعار «كرونة تعادل وجبة طعام»، لدعم الحالة الإنسانية فى سوريا، من خلال بيع الكتب ودفع نصف ثمنها إلى منظمة المساعدة الشعبية النرويجية، ليتم إرسال هذه الأموال كمساعدات للسوريين المنكوبين فى البلاد، حسب وكالة فلسطين حرة.
أما فى بريطانيا، يبادر المواطنون بالسفر إلى معسكر كاليه (الذى يضم محاولى الهجرة عبر نفق المانش) فى فرنسا لتقديم العون للاجئين، كما تلقت مجموعة «امنح فقط» المعنية بجمع الأموال للمهاجرين أكثر من 2500 تبرع من 32 دولة لمهاجرى كاليه، حسب صحيفة «تليجراف» البريطانية.

وتبرع أحد المقاهى الشهيرة فى وسط لندن بـ5 آلاف جنيه استرلينى لتوفير وجبة لائقة لمهاجرى كاليه، كما وفرت جمعية السلام بقيادة شاب يدعى توم ماكلهوم (19عاما) إمدادات بالغذاء لكاليه، فيما يقدم مشروع الحمامة الزاجلة بانتظام ممرضات، والمساعدة القانونية لمهاجرى كاليه.
وأطلقت مجموعة «موسيقى ضد الحدود» على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» حملة لجمع آلات موسيقية، لتوزيعها على الموسيقيين المهاجرين.
إلى ذلك، شكلت صورة الطفل السورى الغريق إيلان الكردى وهو ملقى على وجهه على شاطى قبالة سواحل مدينة بودروم التركية نقطة تحول فاصلة فى جهود الأوروبيون لدعم اللاجئين السوريين، إذ أثارت الصورة شعورا بالغضب والفاجعة.
إذ تم تدشين صندوق خاص باسم إيلان كردى تكريما له فى غضون 24 ساعة من تداول صوره غريقا، تسلم جميع عائدات التبرعات التى ترد إليه، يدا بيد إلى منظمة إنسانية تعمل من أجل سوريا (دون تسميتها)، كما سجلت محطة المعونة للمهاجرين فى الخارج، وهى جمعية خيرية تدير قوارب لإنقاذ المهاجرين المعرضين لخطر الغرق، ارتفاعا كبيرا فى التبرعات منذ ظهور صور إيلان غريقا.

إلى ذلك، كثفت الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية الأوروبية والدولية من نداءات المساعدة فى التصدى لمحنة اللاجئين عبر تحديد قيمة مالية للتبرع وإيضاح الخدمة التى يمكن تقديمها نظيرها.
ومن أبرز تلك الجمعيات، مجلس اللاجئين الذى أعلن أن التبرع بمبلغ 100 جنيه استرلينى يغطى تكاليف تعليم وسفر طفلين لمدة أسبوع، فيما أشارت منظمة اليونيسيف إلى أن هبة قيمتها 9 جنيهات استرلينية يمكن أن توفر حقيبة مياه فى حالات الطوارئ لأسرة، وأوضحت منظمة الإغاثة الإسلامية أن 210 جنيهات استرلينية توفر الطعام لثلاث عائلات لمدة شهر.

أما منظمة إنقاذ الطفولة، فأطلقت حملة شعارها «هبة بـ50 جنيها استرلينيا تمكن من شراء مستلزمات النظافة لفردين». ويؤكد الصليب الأحمر البريطانى أن التبرع بـ30 جنيها استرلينيا يمكن من شراء 28 سجادة لمساعدة اللاجئين السوريين فى التعامل مع البرد القارس.
فى سياق متصل، انتشرت عرائض لحشد توقيعات الأوروبين بغية الضغط على حكومات بلادهم لدعم اللاجئين والمهاجرين، ومن أبرزها عريضة أطلقتها صحيفة «إندبندنت» البريطانية قبل أيام لمطالبة لندن بقبول نصيب عادل من اللاجئين، وأخرى لقبول المزيد من طالبى اللجوء وزيادة الدعم للمهاجرين اللاجئين فى بريطانيا، وثالثة حول صياغة سياسة رحيمة لمنطقة اليورو للتعامل مع المهاجرين واللاجئين.
ووفقا لبيانات المفوضية الأوروبية، بلغ عدد طلبات اللجوء من السوريين إلى أوروبا 348.540 طلب فى الفترة ما بين أبريل 2011 ويوليو 2015، وكان مايقرب من نصف تلك الطلبات إلى ألمانيا والسويد. وتوقع تقرير احصائى للمرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، أمس الأول، أن يتجاوز عدد اللاجئين فى أوروبا نصف مليون لاجئ مع نهاية العام.
من جانبها، أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر البريطانى نداء رئيسيا لجمع التبرعات، بعدما دفعت صورة الطفل السورى الغريق الآلاف من المواطنين للاتصال باللجنة لعرض مساعدة اللاجئين.

وأوضحت اللجنة أن الحملة تستهدف اللاجئين وطالبى اللجوء سواء فى بريطانيا أو خارجها عبر توفير الغذاء والمياه والرعاية الطبية، مشيرة إلى أنه سيتم توفير معدات للأطباء فى الصليب الأحمر الإيطالى والممرضين والمسعفين الذين على أهبة الاستعداد طوال 24 ساعة لتقديم المساعدة الطبية للاجئين الوافدين فى الموانئ الرئيسية فى جنوب إيطاليا، حسب صحيفة «إندبندنت» البريطانية.
وجاء نداء الصليب الأحمر البريطانى بعدما انهالت اتصالات من الجماهير من شتى أنحاء البلاد تعرض مساعدة اللاجئين، من أبرزهم تبرع مواطنين من مدينة فولكستون التابعة لمقاطعة كنت (جنوب شرق) بأكثر من 3 آلاف جنيه استرلينى لشراء بطانيات للاجئين والمهاجرين فى كاليه، وتقديم متقاعدين فى مقاطعة دورست (جنوب غرب) غرف الضيوف بمنازلهم للاجئين.

وتفاعل مشاهير الأدب والأعمال والاقتصاد الأوروبى مع القضية، إذ كرست الكاتبة البريطانية، جى كى رولينج، مؤلفة سلسلة روايات «هارى بوتر» حسابها الرسمى على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» لدعم اللاجئين عبر نشرها هشتاج (# مرحبا باللاجئين) الأخذ فى الانتشار منذ الخميس الماضى، على إثر نشر الصحف البريطانية صورا للطفل الغريق إيلان.
وانضمت رولينج إلى عدد من الشخصيات البارزة التى حثت الحكومة البريطانية لتغيير سياستها إزاء اللاجئين، عبر تغريدة نصها: «إذا كنت لا تستطيع أن تتخيل نفسك فى واحدة من تلك القوارب، فلديك شىء مفقود.. إنهم يموتون من أجل حياة تستحق أن تعاش». ولاقت التغريدة قبولا واسعا بين متابعى حساب رولينج، إذ تم إعادة التغريدة نحو 17 ألف مرة، حسب مجلة «التايم» الأمريكية.
بدوره، كتب رئيس مجموعة «دايملر» الألمانية لصناعة السيارات، ديتر تستشه فى صحيفة «بيلد ام زونتاج» الألمانية: «من يعرف الماضى، لا يمكنه رفض اللاجئين. ومن يرى الحاضر، لا يمكنه رفضهم، ومن يفكر فى المستقبل، لا يمكنه رفضهم»، حسب موقع «إذاعة دويتش فيلله» الألمانية.

وعلى الصعيد الرياضى، اتخذ نادى بايرن ميونيخ الألمانى زمام المبادرة بين أندية أوروبا لدعم اللاجئين عبر إعلانه عن التبرع بمبلغ مليون يورو لصالح اللاجئين، بحسب بيان على موقع الفريق الرسمى، وذلك من مباراة ودية يخصص ريعها لمشاريع اللاجئين.
ووجه نجوم المنتخب الألمانى لكرة القدم دعوة لمساعدة اللاجئين الفارين إلى بلادهم، ونددوا بالهجمات العنصرية التى تستهدفهم، وذلك عبر مقطع مصور ظهر فيه عدد من لاعبى المنتخب ومنهم مسعود أوزيل وجيروم بواتنج وباستيان شفاينشتايجر، حملوا فيه لافتات كتب عليها «ضد العنف والعنصرية» و«احترام» و«مساعدة» و«اندماج».
من جانبه، أعلن نادى سيلتك بطل الدورى الإسكتلندى فى بيان على موقعه على الانترنت، أمس الأول، تخصيص جزء من عائدات المباراة الخيرية للذكرى الثلاثين لوفاة أسطورة النادى والكرة الاسكتلندية جوك شتاين التى تقام اليوم إلى وكالة للمساعدات الدولية.
ووصف سلتيك أزمة اللاجئين بأنها «مروعة ومفجعة»، وقال الرئيس التنفيذى للنادى بيتر لاويل وفى معرض حديثه عن هذه الخطوة: «بعد أن رأينا آثار هذه الأزمة الإنسانية تتكشف فى الأيام الأخيرة، شعرنا كنادٍ أن علينا أن نساعد بأى شكل من الأشكال».

إقرأ أيضاً:

فيكتور أوربان.. «دونالد ترامب» أوروبا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved