هاني فرحات: أتمنى تحويل مهرجان الموسيقى العربية إلى مصدر بهجة للشعب.. وأرفض انغلاقه على نفسه

آخر تحديث: الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 7:29 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ أمجد مصطفى

 المؤتمر العلمى أهم من الحفلات.. وأتمنى عدم تقييم المهرجان وفقًا لحجم النجوم المشاركة

قائد الأوركسترا مثل الجراح، أو قائد الطائرة، أو ربان السفينة، الثقة فى قدراته هى مصدر رئيسى للتعامل معه، لأن كل هذه الوظائف تحتاج إلى شخص ماهر يصل إلى بر الأمان بمن معه. لذلك يبحث المطرب دائما عن مايسترو بقدرات خاصة فى الحفلات التى يظهر بها، لأن الخطأ قد يكلف المطرب الكثير أمام جمهوره، خاصة أن الحفلات الآن فى ظل وجود الفضائيات أصبحت تتابع من قبل الملايين، وعليه لابد أن يتمتع المايسترو بمواصفات تجعله قادر على الخروج بالحفل إلى بر الامان. المايسترو هانى فرحات، هو مصدر ثقة كبار نجوم الغناء، حتى أصبح قاسما مشتركا فى نجاحات أغلب الحفلات التى تقام فى العالم العربى، وامتد نجاحه إلى حدود أوروبا.

على المستوى الفنى هو يتمتع بشخصية و«كاريزما»على المسرح، وهو لا يترك أى شىء للصدفة، يمتلك أيضا ردة فعل كبيرة تجعله يسيطر على أى خطأ قد يحدث من عازف أو مطرب، وردة فعل المايسترو يعنى أن ذهنه لابد أن يكون حاضرا بقوة طوال الحفل.

على المستوى الشخصى هو صديق مقرب من نجوم الغناء، وهو أمر مطلوب حتى تزداد جسور الثقة التى هى أساس هذه الصنعة والحرفة.

مؤخرا تولى إدارة مهرجان عريق، وبالتالى دخل فى اختبار وتحد جديد، جعل الأنظار تتجه اليه، ودائما أى مسئول جديد تجد حوله جدلا كبيرا، فريق يتمنى له التوفيق وفريق آخر يراقب من بعيد، الخروج بمهرجان الموسيقى العربية إلى بر الأمان فى السنة الأولى يمنح هانى فرحات مساحة أكبر من التألق خلال السنوات القادمة على مستوى الإدارة. فى هذا الحوار حاولنا طرح بعض القضايا المتعلقة بالمهرجان وكذلك الاقتراب من عالمه الموسيقى.

< فى البداية أريد الحديث معك حول فكرة توليك ادارة مهرجان الموسيقى العربية فى دورته الـ32 بما له من عراقة.. هل شعرت بالخوف أو القلق؟
ــ هذا المهرجان يعد إرثا عظيما، فهو ذو قيمة عظيمة، لأنه يعد امتدادا لأول مؤتمر للموسيقى العربية الذى أقيم عام 1932 وبالتالى هو ليس مهرجانا مثل سائر المهرجانات، فهو له طبيعة خاصة، وشارك فيه فنانون كبار على مدى السنين، كما شارك فيه باحثون وأساتذة وعلماء على أعلى مستوى، إلى جانب أنه يجمع كل إخوتك فى العالم يتشاورون ويتباحثون فى أمور تهم شأننا الموسيقى، هو جامعة للدول العربية بمعنى الكلمة، لذلك أقول إن قيمته فى التعليم والثقافة، وليس الحفلات، ربنا سبحانه وتعالى كتب علينا كمصر، أن نحمل شعاع الثقافة، مصر التاريخ، أنت استعمرت وجدان الوطن العربى كله بفنك وبمبدعيك، وكتابك.. هى نعمة عظيمة لذلك لابد أن تبذل كل جهودك من أجل أمتك العربية، لابد أن تنقل كل شىء.. ربنا أنعم به علينا كبلد ليكون فى خدمة البشرية. كل ما أتمناه أن نعود إلى فكرة المؤتمر الذى بدأ قبل 90 سنة تقريبا، ثم أعادته الدكتورة رتيبة الحفنى من 32 سنة تقريبا، لذلك الأفكار هذا العام تعتمد على كيفية أن نخرج بالمؤتمر العلمى فى صورة مختلفة، أكبر كم من الناس تستفيد منه، ولا يقتصر على الأكاديميين أو الباحثين فقط، لكنه يشمل رجل الشارع العادى.
أما فكرة الحفلات فهى مصدر البهجة والمتعة، أراها جانبا ترفيهيا على هامش المؤتمر الذى أعتبره الأساس.
أعود بك إلى السؤال الأصلى وهو فكرة قبول المنصب، لقد شعرت برعب شديد، وكان من الصعب على أن أرفض، لذلك بمجرد أن عرضت على وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى، والدكتور خالد داغر، قلت حاضر دون تفكير، لأنى شعرت بأنها مهمة قومية، ثم جلست مع نفسى لأفكر ماذا أنا فاعل، لاننى أصلا فنان.. وعملى هو الفن وليس الإدارة.

< لكن قيادة الأوركسترا هى فن الإدارة أيضًا.
ــمعك حق، لكن ايضا هذا لا يمنع من القلق، لذلك قلت سوف أختبر نفسى، وعشت صراعا نفسيا، وتوكلت على الله، وقلت ربنا يقدرنى على عمل شىء كويس.

< هل هناك خطة لوصول المؤتمر العلمى إلى ما تتمناه من انتشار ملموس؟
ــ بالتأكيد الدكتورة رشا طموم والدكتور عصام الملاح وأعضاء اللجنة العلمية أعدوا هذا العام خطة طموحا لذلك.

< ما هى أوجه القصور التى وجدتها فى مهرجان الموسيقى العربية وتعمل على علاجها؟
ــ هناك أمور كنت أشعر بها، منها انغلاق المهرجان على نفسه، على سبيل المثال مهرجان القاهرة السينمائى، كل مصر تشعر به، تحس أنه مهرجان مصر كلها، أنا أريد أن تعرف مصر كلها أن هناك مهرجانا موجودا اسمه مهرجان الموسيقى، وأقصد بمصر كل المحافظات وليس فى القاهرة والإسكندرية فقط، أريد الشعب كله يعيش معنا هذه البهجة، الشىء الثانى، تقييم المهرجان ينصب على النجوم المشاركة، وهذا ما أرفضه، المهرجان ليس حفلات فقط.

< ربما يأتى هذا التقييم لأن النجوم تسلط عليها الأضواء!
ــ جميل بالتأكيد، لكن لا تقيمنى على وجود هذا النجم أو عدم وجوده، الحفلات شىء ترفيهى.. إنها جزء وليست كل المهرجان.

< الانتقال بالمهرجان إلى المحافظات والمدن، يحتاج إلى كوادر فنية وإدارية كثيرة «أتحدث عن الكم والكيف» هل الأوبرا لديها كل هذا الإمكانيات خاصة أن الحفلات تقام فى فترة زمنية واحدة؟
ــ الحقيقة أننا نمتلك ثروة بشرية غير موجودة إلا فى مصر، أتمنى أن نستطيع استعراض قوة مصر الفنية والبشرية فى هذا المهرجان، لدينا فرق للموسيقى العربية وأكثر من اوركسترا.

< منصبك كمستشار لهيئة الترفيه بالسعودية هل يتعارض مع كونك مديرًا لمهرجان الموسيقى العربية؟
ــ هذه معلومة ليست صحيحة أنا لست مستشارا لهيئة الترفيه، الناس هناك يقدرون خبرتى التى اكتسبتها فى مشوارى الفنى، لذلك هم داعمون لى فى بعض الأمور، كمشروع أو فكرة أحاول أن أنفذها، الناس تقول لى هناك إحلم وأحنا معاك.
لكننى لا أتولى أى منصب رسمى فى السعودية، الأفكار التى تخرج من هيئة الترفيه وراءها شخص واحد، يفكر ويخطط وكل الناس خلفه.

< فى يونيو الماضى قمت بقيادة أوركسترا فرنسى، هنا أتحدث عن النقلة من الشرقى إلى الغربى.
ــ أنا أصلا موسيقى كلاسيكى، وقد قمت بالعزف وقيادة عدد من الاوركسترات داخل وخارج مصر، منها أوركسترا براج وأنا ابن معهد الكونسرفتوار، وأعتبر نفسى ضيفا على الشرقى. أنا ذهبت إلى الشرقى، لأننى كنت أريد أن أسمع نفس صوت الموسيقى التى نسجلها فى الاستوديو، فى الحفلات الحية.
والحكاية أنه كان هناك حفل مشروع لإكسبو 2030، بحضور عدد من الزعماء، وأعضاء الاتحاد الأوروبى، وهو أوركسترا من أعظم أوركسترات العالم والحمد لله ربنا وفقنى.

< منحك العضوية الفخرية لجمعية المؤلفين والملحنين أمر لم نعتد عليه!
ــ هذا شرف وفخر لأننى أول فنان يحصل عليها، وهى مسئولية عظيمة، وسر سعادتى أن الناس استشعرت حجم عطائى ونجاحى. فأنا أول مايسترو يحصل على هذه العضوية.

< المهرجانات العربية هل لها تأثير سلبى على الساحة المصرية؟
ــ بالعكس، وأنا أرى أن من لا يملك منافسا فعليه أن يخترع له منافسا، حتى يظل طوال الوقت يحارب، كلما يحدث شىء جيد فى دولة عربية يحمسنا نحن لعمل شىء أفضل أو على الأقل فى نفس المستوى. وبالمناسبة أى مهرجان يقام فى بلد عربى تجد عددا كبيرا من المبدعين المصريين يشاركون فيه، عازفين، قادة أوركسترا، مطربين، مهندسى صوت، نعمة ربنا علينا أن الإخوة العرب يثقون فينا، لذلك أرى أن هناك فائدة كبيرة من وجود مهرجانات فى بعض الدول العربية. فكرة التنافس شىء عظيم.

< بعض الفنانين تعرضوا للهجوم عند المشاركة، لمجرد أنهم قالوا بعض الكلمات كنوع من المجاملة آخرهم محمد الحلو.. كيف ترى هذا؟
ــ كل المطربين فى كل البلاد العربية يفعلون كما فعل محمد الحلو، وارجعوا إلى كل الحفلات التى قدمها المطربون العرب فى مصر وتابع ماذا قالوا من كلمات فى حب مصر، على سبيل المثال حسين الجسمى، قال قصائد فى حب مصر، هل الإخوة فى الإمارات هاجموه على ذلك، ماجدة الرومى أيضا، أتصور أن فكرة التصيد على الكلمة أنا ضدها، لأن هؤلاء هم قوة مصر الناعمة والبشر حول العالم يحترمونهم، أى حفل لنجم مصرى فى الدول العربية، يتم استقباله بشكل أسطورى، وطبيعى أن يرد التحية بتحية.
أتصور أنها ظاهرة وسوف تنتهى.

< فى تصريح لك قلت إنك كنت مرعوبا من حفل محمد منير.
ــ لأن محمد منير جمهوره خط أحمر وكذلك فنه، لذلك من الصعب أن تخرجه من إطاره الموسيقى، هو لديه شخصية موسيقية والناس لن تتقبل أن يقترب أحد منها، لذلك عندما تعيد صياغة أعمالة الموسيقية لكى تناسب الأوركسترا فهى مغامرة كبيرة، مع وجود صوليستات من أهم عازفى العالم، لذلك كان ذهنى مشغولا هل سيقبل ذلك جمهور منير، لكن بفضل ربنا تقبلوا الأمر.

< هذا أول حفل تقوده لمنير.. ما الاختلاف الذى وجدته عنده؟
ــ منير موسيقاه مختلفة، لكننى استمتعت معه، واكتشفت أنه بمجرد أن شعر بالثقة فى شخصى، ترك نفسه لى.

< البعض كان يرى أن وجود الصوليستات العالمية نقطة سلبية لأنهم أخرجوا الناس من «المود» أو درجة الاستمتاع بمنير.
ــ منير نفسه كان مستمتعا وأنا شخصيا كذلك، ولكن الفن ذوق، قد يتقبله البعض ويرفضه البعض الآخر.

< قلت إن عمرو دياب كان سببا فى تقبل موسيقاك.
ــ عمرو دياب أعظم فاترينة عرض، أول توزيع قمت به كان ألبوم كامل اسمه علم قلبك، كان رأى الناس وكذلك عمرو دياب، أننى نقلت صوت الموسيقى إلى منطقة أخرى، وبعد هذا الألبوم، كنت محظوظا لأننى قدمت ألبوم أنغام عمرى معاك، بعدها وجدت الخليج كله مهتم بالعمل معى.

< كيف اختارك عمرو؟ هل استمع لعمل سابق لك؟
ــ لم يكن قد سمع أى شىء لى، لكن عمرو دياب عنده ميزة كبيرة، وهى أن لديه القدرة على اكتشافك، كان شايف انى متعلم فى الخارج ومثقف، فقال هذا الولد ممكن يطلع منه شىء مختلف، وأنا متأكد انه وضعنى فى اختبار، لأن عمرو زمان كان يسجل 40 أغنية ثم يختار منهم ما يشاء للألبوم، وفوجئت أنه أختار كل أغانى الألبوم من توزيعى، كانت أول أغنية قدمتها له أغنية علم قلبى، بعدها كان الموضوع منتهيا.

< هل مازال لديك درجات تخوف عند تعاملك مع النجوم الكبار؟
ــ الآن الحمد لله هناك ثقة كبيرة من الناس، تسلمك تاريخها كله، ومشوارها، والحمد لله الآن أعلم «أنا عاوز إيه».

< هل قيمة المسرح الذى تقف عليه من الممكن أن تشعرك بالرهبة؟
ــ طبعا، وأكثرهم رهبة المسرح الكبير بدار الأوبرا، لأننى شاركت فى افتتاحه وعملت مع دكتور مصطفى ناجى ورمزى يسى، قامات كبيرة وقفت عليه، حتى الآن عندما أدخل إلى خشبته أكون مرعوبا.

< على ذكر رمزى يسى، له تجربة واحدة مع موسيقى عبدالوهاب، لماذا لا يتم إقناعه بعمل نفس التجربة فى مهرجان الموسيقى العربية القادم؟
ــ أتمنى لأنه شخصية مصرية، كلنا نفتخر به، ولا يوجد صوليست بيانو فى تاريخنا مثله. وسوف أعمل على ذلك. وجوده يرفع من قيمة أى مهرجان. إن شاء الله هناك تجارب كثيرة سوف يزخر بها المهرجان.

< من الموسيقى المصرى ــ سواء كان مؤلفا أو ملحنا ــ الذى تحب سماع موسيقاه؟
ــ الذى أثر فى حياتى وتبنى موهبتى، فى سن صغيرة، كان ياسر عبدالرحمن، بالنسبة لى أيقونة مصرية لم ولن تتكرر فى العالم.
عمر خيرت حاجة عظيمة، وهو من جعل هناك قيمة للحفلات الموسيقية، كل حفلاته كاملة العدد، أيضا هشام نزيه، مصر بها عمالقة كثر، عمار الشريعى رحمه الله، والتاريخ المصرى ملىء بالناس التى تعلمنا منها سيد درويش وبليغ حمدى، و منير مراد، احنا محتاجين مجلدات.

< هل من الممكن أن تلعب أو تقود نوعا موسيقيا لا تحبه؟
ــ تعلمت من الكلاسيك أن المحترف يلعب أى نوع موسيقى سواء تحبه أو لا، لذلك فى اختبارات الأوركسترات يختارون لك أكثر المقطوعات «بشاعة» أو «دمها تقيل».

< من المطرب الذى تشعر بوجود «كيمياء» معه؟
ــ هناك أكثر من فنان، فى المقدمة أكيد أنغام، 75 % من أعمالها أنا عضو أساسى فيها، وأنا أحب موسيقاها جدا،
لأننى أحب الدمج بين الحديث والكلاسيك، أحب أعمال شيرين، صابر الرباعى.
أيضا الفنان الكبير محمد عبده وقدرته على الأداء الكلاسيكى، طوال الوقت أقف أمامه أتعلم، عبدالمجيد عبدالله الكلمة واللحن، وبساطة الأداء التى تبهرك.
كما أحب موسيقى رابح صقر، وأستمتع بها، لأنه عنده قوة وطاقة غريبة فى الموسيقى.

< أنت شبهت رابح صقر بمايكل جاكسون.
ــ بالفعل هو مايكل جاكسون.

< لغة الجسد تستمدها من الموسيقى التى تقودها.
ــ أنا أكثر حاجة أكرهها مشاهدة نفسى، لأننى أنسى نفسى أمام الموسيقى، أبكى وأبتسم، أنا على المسرح لا أشعر بنفسى ماذا أفعل، بالفعل أتفاعل مع الموسيقى.

< ما الفارق بالنسبة لك بين حفل يقام فى لندن وآخر يقام فى القاهرة والرياض؟
ــ الجمهور، طبعا التفاعل يختلف، جمهور السعودية هو نفسه جمهور لندن، حافظ كل الأغانى، حفل تامر عاشور الأخير كل الناس حافظة للأغانى، أول مرة أنغام تقدم أغنية اكتبلك تعهد بالأوبرا، الناس كانت بتصرخ فى المسرح، وقمنا بإعادتها أكثر من مرة، الغريب أنها لم تحصل على شهرتها عند طرحها فى الكاسيت، لكن التفاعل الذى حدث فى المسرح لدرجة أبكت أنغام، جعل الأغنية فى حتة تانية. الجمهور طبعا له دور، نحن نعمل فى أى مسرح من أجل إمتاع الجمهور، الحفل عبارة عن رحلة.

< اختيار المطرب لبرنامجه الغنائى.. هل تتدخل فيه؟
ــ المطرب أو المطربة يعرض البرنامج على، وأحيانا أنصحه بتغيير بعض الأغانى، أو استبعادها، حتى تكون الحالة الموسيقية واحدة.
فى أكثر من مهرجان للموسيقى العربية كنت أرفض بعض الأعمال للمطربين، لأنها لم تكن مناسبة للمهرجان أو الاوبرا والمسرح الكبير، أو للأوركسترا المصاحب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved