المناصب العليا في المفوضية الأوروبية الجديدة .. التوازن بين الجنسين في دائرة الخطر

آخر تحديث: الجمعة 6 سبتمبر 2024 - 9:59 ص بتوقيت القاهرة

تواجه خطة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بشأن تحقيق التوازن بين الجنسين في فريق المفوضين الجديد، خطورة الفشل بسبب عدم تعاون الدول الأعضاء.

ومن أجل تحقيق التوازن بين الجنسين، طلبت فون دير لاين من حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ترشيح رجل وامرأة من أجل تحقيق التوازن بين الجنسين، وذلك بحلول نهاية أغسطس الماضي.
وليس هذا الهدف بجديد، حيث سعت فون دير لاين خلال ولايتها الأولى إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، بمزيد من النجاح. ولكن هذه المرة تجاهلت عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي طلب السياسية الألمانية المحافظة.
ومع ذلك، قدمت أكثر من نصف حكومات الدول الأعضاء مرشحا واحدا -رجلا- لمنصب مفوض.

وأظهرت الحصيلة النهائية أن 16 دولة قدمت مرشحين ذكور، وعشر دول نساء، وكانت بلغاريا الدولة الوحيدة التي امتثلت لطلب فون دير لاين واقترحت رجلا وامرأة.
ومن الممكن أن يشغل الرجال قرابة ثلثي المناصب الـ27 إذا لم تحدث تغييرات أخرى في الترشيحات.

كان فريق المفوضين الأوروبيين السابق يضم 15 رجلا و12 امرأة.
وتتولى المفوضية الأوروبية مسؤولية اقتراح القوانين الجديدة للاتحاد الأوروبي، ومراقبة الامتثال للمعاهدات الأوروبية. ويعمل لدى المفوضية حوالي 32 ألف شخص.
ويشكل اختيار مفوضي الاتحاد الأوروبي الخطوة الرئيسية الأخيرة في شغل المناصب السياسية العليا بالمفوضية في أعقاب انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في يونيو الماضي. .
وتحصل كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي على منصب لمفوض واحد.

"نادي الفتيان"


وقالت "جماعة الضغط النسائية الأوروبية" (إي دبليو إل)، وهي مجموعة شاملة تعمل من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين في الاتحاد الأوروبي، إن الوضع يدل على عقلية "نادي الفتيان"، ووصفته بأنه "أمر محرج للغاية".
وقالت المتحدثة باسم المجموعة، ميرتا باسيلوفيتش: "إذا كانت الدول الأعضاء تعتقد حقا أن الرجال فقط هم من يصلحون لهذه الأدوار، أو أنه لا توجد نساء مؤهلات لديها، فهذه الدول بعيدة كل البعد عن الواقع - بل هي واهمة."
وقالت لينا جالفيز مونيوز، رئيسة لجنة البرلمان الأوروبي المعنية بالمساواة بين الجنسين، إن الأرقام تظهر افتقارا واضحا لـ "الإرادة السياسية" لدى الدول الأعضاء، وهو ما يبعث بـ "إشارة سيئة للغاية، خاصة للنساء والفتيات الأصغر سنا".
وقال مصدر مقرب من رئيسة المفوضية الأوروبية: "اعتقد أن هذه القصة تظهر- لسوء الحظ- كيف لم يتم بعد استيعاب المساواة بين الجنسين في مجال السياسة".


لعبة القوة


ويرى المراقبون أن الأمر يعود في جذوره إلى وجود "لعبة القوة" بين فون دير لاين والعواصم الأوروبية التي قد تدعم أهدافا مثل المساواة بين الجنسين على الورق فحسب، لكنها في الواقع تقاوم تقييد أيديها بأي شكل من الأشكال.

وقال أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي: "كدول أعضاء، نتوقع من فون دير لاين أن تسعى جاهدة لتحقيق المساواة بين الجنسين".
وأضاف الدبلوماسي، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته: "وفي الوقت نفسه، نعتقد كذلك أن الأمر يعود لنا لاقتراح المفوض الذي نفضله... وللأسف، لا يبدو أن هناك توافقا في الرغبتين هذه المرة".


الإضرار بالسمعة؟
حذر الخبير القانوني الإيطالي لدى الاتحاد الأوروبي ألبرتو أليمانو مؤخرا أن من شأن هيئة مفوضين يهيمن عليها الذكور إضعاف سلطة رئيسة المفوضية.

ودعا أليمانو فون دير لاين إلى الإعراب عن استيائها للعواصم الأوروبية، والمطالبة بإعداد قائمة جديدة من المرشحين في أقرب وقت ممكن للحد من الضرر الذي قد يلحق بسمعتها وسمعة الاتحاد الأوروبي بأسره.

وبحسب أليمانو، يخاطر المرشحون الذكور الأضعف لمنصب مفوض أوروبي بعدم الحصول على الموافقة الضرورية من البرلمان الأوروبي. وسوف يتعين على حكومات الدول الأعضاء التي رشحتهم تقديم مرشحين جدد.


وماذا بعد؟
ويتعين على فون دير لاين الآن توزيع جميع حقائب المفوضية، وتحديد وضع ونطاق مسؤولية كل مفوض، مع اعتبار الاقتصاد والصناعة والدفاع ضمن أكثر المجالات التي يريدها المرشحون.
ومن الممكن أن يشكل منح المرشحات حقائب أكثر أهمية، وأدوار نواب رئيسة المفوضية وسيلة لتعويض الخلل العددي بين الجنسين.
وذكرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية يوم الثلاثاء الماضي أن فون دير لاين حققت بالفعل الاختيارات الأولية لفريقها في القيادة العليا.
ووفقا للصحيفة، سيحصل الشعبوي اليميني رافاييل فيتو، من حزب فراتيلي ديتاليا (إخوة إيطاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني، على منصب بارز في المفوضية.
ويتوقع تعيين فيتو في منصب النائب التنفيذي لرئيسة المفوضية، ليكون مسؤولا عن الاقتصاد والتعافي خلال حقبة ما بعد الوباء.
ومن المنتظر أن يتولى الفرنسي تييري بريتون مسؤولية ملف الصناعة، في حين جرى اختيار الإسبانية تيريزا ريبيرا لحقيبة "انتقالية" تشمل شؤون البيئة والشؤون الرقمية، بحسب تقرير "دي فيلت".

وسوف يظل ماروس سيفتشوفيتش، من سلوفاكيا، مفوضا للشؤون المشتركة بين المؤسسات، وسيتولى وزير الصناعة والتجارة التشيكي جوزيف سيكيلا منصب مفوض شؤون الطاقة، والبولندي بيوتر سيرافين مسؤولية شؤون الموازنة.
ودعا البرلمان الأوروبي فون دير لاين إلى عقد لقاء مع رؤساء المجموعات السياسية به ورئيس الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي يوم 11أيلول/سبتمبر لتقديم التوزيع النهائي المقترح لفريقها.
ورغم ذلك، لم يتضح ما إذا كانت رئيسة المفوضية سوف تعلن اختياراتها قبل الاجتماع المغلق، أم في أعقابه.
وعقب اختيار فون دير لاين فريق القيادة الجديد، من المتوقع أن يعقد المفوضون جلسات استماع فردية في اللجان البرلمانية التي تتعامل مع حقائبهم، وذلك خلال شهري سبتمبر الخالي وأكتوبر المقبل.
وعادة ما يخفق مرشح واحد، على الأقل، في هذه المرحلة، التي يجرى خلالها مراجعة تضارب المصالح أيضا، مما يضطر بلده الأصلي إلى تقديم مرشح بديل.
وبمجرد حصول جميع المرشحين على الضوء الأخضر من لجانهم، يصوت البرلمان بكامل هيئته على إجمالي فريق المفوضين، وهذه هي الخطوة الأخيرة قبل بدء ولايتهم الجديدة.
وبالرغم من أن مهام المفوضية الحالية تنتهي في 31 أكتوبر، فإن عملها ربما يمتد لحين إتمام تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved