نيللي حنا: تاريخ مصر لم يصنعه السلاطين بل البسطاء

آخر تحديث: الأحد 6 نوفمبر 2011 - 4:26 م بتوقيت القاهرة
محمد جاد

خمس سنوات استغرقتها نيللي حنا، أستاذة التاريخ بالجامعة الأمريكية، في تتبع تاريخ شريحة من الحرفيين المصريين خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر؛ لاحظت تطور نشاطهم الصناعي والتجاري على نحو يجعلهم يمثلون ما أسمته بـ«بواكير الرأسمالية في مصر»، وهو الاكتشاف الذي يعارض الآراء الشائعة التي تنسب الفضل لتحديث مصر إلى وصول الثقافة الأوروبية للبلاد، الشروق تابعت ندوة المجلس القومي للترجمة حول كتاب «حرفيون مستثمرون» لنيللي حنا.

 

يستهل تقديم الكتاب حديثه بالإشارة إلى تباين الآراء حول أصل الرأسمالية في مصر، فمن قائل بأن الاستعمار الفرنسي هو السبب، ومن قائل بأن مشروع محمد على النهضوي، والذي استوحاة من الحضارة الأوروبية هو الأصل، فيما ترى صاحبة الكتاب أن الرأسمالية في مصر لم تنشأ من أعلى فحسب، بل كانت هناك «رأسمالية من تحت»، فرأسمالية المماليك والعسكر من أعلى واجهتها رأسمالية الصناع من أسفل.

 

والفكرة المحورية في كتاب حنا، كما يقول التقديم، هي أن تاريخ مصر لم يصنعه مماليكها وسلاطينها.. بل اختطه زراعها وتجارها وصناعها والعاملون في كل مجالات الحياة، وهو ما يدلل على أن أوروبا لم تكن مركز الكون في نشأة الصناعة والرأسمالية، وأن الحداثة في مصر لم تنجم عن مجرد الاتصال بالغرب، بل كانت لها آلياتها ومصادرها الداخلية في المجتمع والاقتصاد.

 

ومن منطلق دراسة حنا العميقة فى حياة عدد من كبار الصناع والحرفيين المؤثرين فى الحياة المصرية خلال القرنين السابع والثامن عشر، يمثل هذا الكتاب جسرا بين الدراسات التى تتحدث عن مصر فى العهد العثمانى، والدراسات المعنية بمصر فى العصر الحديث فى القرن التاسع عشر، حيث ترى حنا أن التطورات التى حدثت فى طبقة المصنعين الحرفيين ساهمت فى التطورات التى عاشتها مصر فى القرن التاسع عشر، كما قالت خلال كلمتها بالندوة.

 

 وأشارت حنا خلال الندوة إلى أن من أبرز الممارسات التى رصدتها فى كتابها، اتجاه البعض لجمع أموال من أعضاء طائفة معينة من الحرفيين لشراء النحاس وتأجيره ومن أموال الإيجار يتم شراء نحاس جديد، وهو ما اعتبرته حنا نمط من أنماط تراكم رأس المال، أو بالتعبير الدارج «بيزنس».

 

واعتبر، المترجم، بشير السباعى، خلال الندوة أن عمل حنا التاريخى وراءه رغبة فى تجاوز الفكرة القائلة بالمركزية الأوروبية فى صناعة التاريخ الحديث، وهى الفكرة التى تظهر بشكل واضح فى أعمال المستشرقين الأوروبيين التاريخية، والتى حاول قطاع كبير من مؤرخى العالم الثالث دحضها، ككتاب  إدوارد سعيد الشهير «الاستشراق» الذى حاول أن يصبغ الرؤية الاستشراقية بالنرجسية. إلا أن السباعى يتحفظ على النقد المغالى فيه للاجتهادات الاستشراقية فى تأريخ مصر والعالم الثالث وإنكار دور أوروبا فى صياغة التاريخ الحديث، مشيرا إلى أن أعمال مثل كتاب جابريل باير «ملكية الأرض والعلاقات الزراعية» وكتاب فريدمان «بنية الريف المصرى» ساعدت العديد من المؤرخين المصريين على دراسة التاريخ المصرى.

 

وتساءلت الروائية سلوى بكر، خلال الندوة، عن إمكانية الربط بين الدراسات التاريخية التى تنتقد الرؤية السائدة عن دور مشروع محمد على، ذى الطابع الأوروبى، فى تحديث مصر، وتعيد النظر فى مظاهر التطور التى حدثت فى مصر خلال العهد العثمانى، وتصاعد الدور التركى فى منطقة الشرق الأوسط حاليا بعد عدم نجاحها فى دخول الاتحاد الأوروبى.

 

فيما اعتبر المؤرخ عاصم الدسوقى أن مصر ليس بها رأسمالية، بالمعنى العلمى، حتى الآن، فى ظل عدم وجود علاقات الإنتاج الخاصة بالنظام الرأسمالى فى مصر كحق العامل فى الإضراب وإنشاء النقابة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved