الإعلام الفرنسي بين الحذر والقلق من عودة ترامب: تداعيات فوزه في 2024 على أوروبا والعالم

آخر تحديث: الأربعاء 6 نوفمبر 2024 - 10:39 ص بتوقيت القاهرة

هايدي صبري:

أثار إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 ردود فعل متباينة في الصحافة الفرنسية، التي تناولت هذا الحدث بمزيج من القلق، الدهشة، والتوقعات لما قد يحمله هذا العهد الجديد.

واعتبرت إذاعة "إر تي.إل" الفرنسية، أن أوروبا، الخاسر الأكبر من الفوز المحتمل لدونالد ترامب، موضحة أن فوز دونالد ترامب يأتي في عالم يختلف تمامًا عن ذلك الذي عرفه في عام 2016، خلال ولايته الأولى؛ عالم أكثر انقسامًا وأشد خطرًا، مشيراً إلى انه في هذا السياق، يعد الاتحاد الأوروبي، المنقسم والضعيف، أول ضحية محتملة لذلك.

وشددت الإذاعة الفرنسية على ضرورة بذل جهد كبير حتى لا يكون التحليل مبتذلاً هذا الصباح، فيُقال إن فوز ترامب المحتمل هو أيضًا فوز للطغاة من جميع الأنواع، موضحة أن ترامب، الذي كان ولا يزال رئيسًا محتملًا للولايات المتحدة، هو بالفعل شخص غير متوقع؛ ولكن فوزه سيغير المعادلة في وقت يشهد فيه العالم توترات وحروبًا لم يعرفها منذ فترة طويلة.

كما اعتبرت أن عودته إلى البيت الأبيض ستكون بمثابة نهاية حقبة رمزية، وفي خطر أن يبدو ذلك مبالغًا فيه، نهاية لعالم كان يغرق بالفعل من جميع الجهات: عالم التعددية الذي وُلد في عام 1945، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ ذلك العالم الذي كانت القوة العظمى الأمريكية هي بمثابة الشرطي والزعيم، بكل ما في ذلك من إيجابيات وسلبيات.

ورأت الإذاعة الفرنسية أنه "بالنسبة للأوروبيين، هو عودة لصورة لا تزال راسخة في الأذهان: صورة قمة مجموعة السبع في كيبيك عام 2018".

وتابعت:" نرى في تلك الصورة دونالد ترامب جالسًا وذراعيه معقودتان، ونظرة مليئة بالتحدي؛ وأمامه أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، وهي تدعم نفسها على يديها، مع جسد مائل للأمام، محاطة ببقية القادة الغربيين.

وأضافت أن هذه اللحظة من المواجهة، التي التقطها مصور في لحظة حاسمة، أصبحت كابوسًا يطارد مؤيدي الديمقراطية الليبرالية، في حين أن دونالد ترامب يحقق عودة مذهلة.

وتساءلت الإذاعة الفرنسية "هل هو نفس دونالد ترامب؟ لقد أظهرت الحملة الانتخابية، التي كانت مليئة بالعنف اللفظي والمبالغات، أن ترامب لا يزال هو... ترامب! لم يتغير في شخصيته. ما تغير هو حالة العالم مقارنة بعام 2016، تاريخ أول انتخاب له.

وقالت :"نحن نعيش اليوم في ظل حربين كبيرتين، غزو روسيا لأوكرانيا وحالة الاضطراب في الشرق الأوسط؛ بالإضافة إلى التنافس الصيني الأمريكي الذي ازداد تفاقمًا منذ أن أشعل ترامب بنفسه فتيل هذه المنافسة.

وأوضحت أنه إذا أردنا أن نفهم ما الذي ينتظرنا، يكفي أن نلاحظ من هم كبار شركائه في الحوار، في الاتحاد الأوروبي، هناك فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، زعيم المشككين في الاتحاد الأوروبي وأحد أبرز المؤيدين لفلاديمير بوتين في القارة؛ وهو ما يذكره ترامب دائمًا في تجمعاته الانتخابية، بالإضافة إلى تأثره بالمفكرين من أقصى اليمين الذين شكلوا برنامج المرشح الجمهوري.

لذلك، من المحتمل أن تكون الاتحاد الأوروبي الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات الأمريكية، على الأقل الاتحاد الأوروبي كما نعرفه الآن. الطريقة التي سيدير بها ترامب الحرب في أوكرانيا، والتي وعد بحلها "في 24 ساعة"، ستحدد مسار الأحداث القادمة. إذا قام بقطع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، أو دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتفاوض من موقع ضعف مع موسكو، فإن ذلك سيؤثر على أوروبا بأسرها، مما يضعفها.

كما اعتبرت الإذاعة الفرنسية أن ضمان الأمن الأمريكي في إطار حلف الناتو مهدد الآن مع رجل سبق له تهديده في الماضي؛ والحروب التجارية التي يلوح بها ستزعزع استقرار أوروبا.

أما في الشرق الأوسط، قالت الإذاعة الفرنسية، إن عودة ترامب لن تهدئ الوضع: بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي لم يكن يخفي رهانه على فوز المرشح الجمهوري، يعتمد عليه لمنحه الحرية الكاملة في حملته العسكرية الواسعة في غزة ولبنان، وأبرزها ضد إيران. لذا، لن تنتهي عملية تقييم نتائج عودة ترامب إلى البيت الأبيض في فوضى العالم.

من جهتها، وصفت صحيفة لوموند وصفت الأمر بأنه "عودة غير متوقعة"، متحدثة عن قدرة ترامب على حشد أنصاره رغم سنوات من الجدل.

وأشارت الصحيفة إلى ما يحمله هذا الفوز من تداعيات على العلاقات عبر الأطلسي، مؤكدة أن "أوروبا ستضطر للتكيف مجددًا مع أمريكا أكثر تقلبًا وذات توجه قومي".

أما صحيفة ليبراسيون، فقد تبنت نبرة أكثر انتقادًا، معتبرة عودة ترامب بمثابة "تراجع مقلق" للديمقراطية الأمريكية. وحذرت الافتتاحية من احتمال تراجع الحقوق المدنية والاجتماعية في الولايات المتحدة، معتبرة أن هذا العهد قد يعمق الانقسامات داخل البلاد.

من جانبها، قالت صحيفة لوفيجارو، اتخذت موقفًا أكثر حيادية، لكنها أشارت إلى "فعالية استراتيجية ترامب" في استعادة قاعدته الانتخابية.

وقدمت الصحيفة المحافظة تحليلاً حول نقاط قوة حملة ترامب، مسلطة الضوء على رسائله التي ركزت على الأمن والاقتصاد والاستقلالية الطاقية، والتي نجحت في جذب شريحة كبيرة من الناخبين الأمريكيين.

فيما وصفت محطة فرانس إنفو الفرنسية لحظة فوز ترامب قائلة: حلت الوجوه القلقة محل الابتسامات بعد إعلان فوز ترامب، مشيرة إلى أن هذا العهد الثاني قد يؤدي إلى تغييرات جذرية ليس فقط في الولايات المتحدة، بل على الصعيد الدولي أيضًا.

في المقابل، اهتمت صحيفة "ليزيكو" بتداعيات هذا الفوز على الاقتصاد الأوروبي والأسواق العالمية. وذكرت الصحيفة الاقتصادية أن ردود الفعل الأولية في الأسواق كانت متباينة، حيث أبدى المستثمرون مخاوفهم من عودة الحمائية وعدم الاستقرار المتوقع في العلاقات التجارية الدولية.

اما الشخصيات السياسية، فبدأت ردود الفعل الدولية الأولى بالوصول بعد احتمال فوز الجمهوريين، إذ هنأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأمريكي دونالد ترامب معلناً عن استعداده للعمل معه، فيما قالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية مود بريجون لإذاعة "إر تي إل" الفرنسية صباح الأربعاء على أوروبا أن "تأخذ مصيرها بين يديها" في مواجهة الفوز المحتمل لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وأضافت "لا ينبغي أن يسألنا هذا عما ستفعله الولايات المتحدة، بل عما تستطيع أوروبا أن تفعله في عدد معين من القطاعات الرئيسية، مثل الدفاع، وإعادة التصنيع، وإزالة الكربون، يجب أن نأخذ مصيرنا بأيدينا، مؤكدة أن هذا الرد صحيح أيضا بغض النظر عمن فاز.

من جانبها، قالت زعيمة حزب البيئة الفرنسي، مارين تونديلي: "هذا الجحيم الذي يلوح في الأفق..." كما كتبت. "الشجاعة للأمريكيين الذين سيكونون في الخطوط الأمامية لسياسات ترامب".

وفي المجر، رحب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المؤيد غير المشروط لدونالد ترامب، بالنتائج الأولى للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأربعاء. وكتب على فيسبوك، وظهر أمام شاشة تلفزيون تعرض فرز الأصوات في الولايات المتحدة: "على الطريق إلى نصر عظيم".

ولا يخفي الزعيم القومي إعجابه بـ”صديقه” دونالد ترامب، الذي التقى به بالفعل مرتين هذا العام والذي يدعمه منذ عام 2016.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved