طائر الكركي ومرضى السرطان في اليابان
آخر تحديث: الأربعاء 6 ديسمبر 2023 - 9:09 ص بتوقيت القاهرة
طوكيو - د ب أ
أعلنت اليابان استسلامها في الحرب العالمية الثانية أمام الحلفاء في 15 أغسطس 1945. وجاء ذلك بعدما ألقت الولايات المتحدة القنبلة الذرية على هيروشيما في السادس من نفس الشهر.
ورغم تواجد الطفلة ساداكو ساساكي التي كانت تبلغ حينها عامين، على بعد كيلومترين فقط من موقع الانفجار فإنها نجت من الموت الذي نشره الجحيم الذري.
وبعد انتهاء الحرب اكتشفت ساداكو في عام 1955 أنها مصابة باللوكيما أي سرطان الدم. ودخلت البنت الصغيرة المستشفى لتلقي العلاج.
ومن منطلق المعتقد السائد في التراث الياباني أن الآلهة تحقق أمنيات أي شخص يستطع أن يطوي ألف ورقة، بحيث تتخذ شكل طائر الكركي، الذي يعد في اليابان رمزا لحسن الطالع وطول العمر، كرست ساداكو وقتها كله لفن الأوريجامي، واستطاعت أن تبدع أكثر من ألف شكل ورقي لطائر الكركي.
ولكنها فارقت الحياة بعد مرور عدة أشهر على هذا الإنجاز، وهي في الثانية عشرة من عمرها.
وكان مصير هذه الفتاة الصغيرة التي وقعت ضحية للقنبلة، بعد مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب، بمثابة "محفز" للوعي بالطبيعة الوحشية، لهذا السلاح بين الجمهور الياباني.
ومع تدفق التبرعات من جميع أنحاء اليابان، تم تشييد نصب تذكاري عام 1958، تخليدا لذكرى ساداكو.
ويجسد التمثال البرونزي الذي أقيم في متنزه هيروشيما للسلام، فتاة صغيرة تمسك بشكل طائر كيركي كبير الحجم، مصمم من الورق، فوق رأسها رمزا لأملها في مستقبل يسوده السلام.
وهذا النصب التذكاري الطفولي للسلام، أصبح الآن مقصدا مهيبا للزوار، الذين يضعون عنده سلاسل طويلة من طيور الكركي الورقية كل عام، مثلما فعلت الألمانية إيفا فريتز.
جاءت فريتز إلى اليابان عندما كان عمرها ستة أعوام. وعندما استعدت فريتز للعودة إلى ألمانيا، وكان عمرها وقتذاك 12 عاما، أعطتها صديقة في المدرسة الابتدائية، أشكال طيور الكركي الورقية لتأخذها معها، وتقول فريتز "منذ ذلك الحين، رافقتني هذه الأشكال طوال حياتي".
غير أن قصة ساداكو ظلت عالقة بذاكرتها، والآن بعد أن عادت إلى اليابان، أصبح لديها مشروع طموح، يتمثل في قطع ألف كيلومتر سيرا على الأقدام، من طوكيو إلى هيروشيما. ومن الطبيعي أن تحمل أيضا ألف من طيور الكركي الورقية الملونة، كنوع من المعونة للمساعدة على الشفاء من مرض السرطان.
وقامت بفتح حساب لها على منصة إنستجرام، لتوثيق رحلتها ولكي تذهب التبرعات مباشرة إلى منظمة المعونة.
وتمول فريتز نفقات رحلتها من مالها الخاص، ولكنها نجحت حتى الآن في جمع ما يقرب من ثمانية آلاف دولار كتبرعات. وتقول فريتز "يتم بعد ذلك تعليق كل كركي مدون عليه اسم المتبرع، في هيروشيما في نهاية المطاف"، على النصب التذكاري لساداكو ساساكي.