في حياة المصري القديم (16).. صناعة الأصباغ واحدة من اهتمامات الحضارة المصرية

آخر تحديث: الجمعة 7 أبريل 2023 - 12:40 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

الراوي والحكايات جزء أصيل من ثقافتنا، كان الناس يجلسون أمام القهاوي يستمعون لحكايات أبوزيد الهلالي والزير سالم، وكان الأطفال يجتمعون لكي يسمعوا قصص الجدة في الدار، وفي رمضان تجتمع الأسر حول الحكايات الدرامية وأمام الفوازير، الحكاية تجذب الكثيرين، لذلك نقدم في سلسلة مكتوبة خلال شهر رمضان الكريم مجموعة من الحكايات التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة وتحديداً عن تفاصيل الحياة اليومية.

ويستمر حديثنا عن حياة الفرد المصري القديم وعلاقته بالطبيعة من حوله وتسخيره لها لصناعة أدوات مختلفة استخدمها في قضاء مصالحه أو اعتبرها زينة وحُلي وغيرها ومواد أخرى وُظفت في البناء والتعمير، وهو ما تحدث عنه كتاب "المواد والصناعات عند قدماء المصريين" تأليف ألفريد لوكاس وترجمة دكتور زكي إسكندر، وإصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، وفي الفصل الثامن ينتقل لوكاس إلى صناعات الألياف قديماً.

كانت الحلقة السابقة عن صناعة المنسوجات، ولا يمكن الحديث عن الغزل والنسيج إلا ويقترن به الحديث عن الصباغة، وقد عرف المصريون القدماء فن الصباغة منذ عصر الأسرات إذ وجدت منه حصيرة حافتها مصبوغة باللون الأحمر، ولا يعرف طبيعة الأصباغ التي استخدموها ولا عن طرق استعمالها إلا القليل ولكن من المؤكد أن الأصباغ المصرية القديمة كانت من الألوان الطبيعية ويرجح أن تكون جميعها مصدرها أرض مصر.

من الأدلة التي تحدث عنها لوكاس في كتابه عن دلائل وجود الأصباغ، هما البرديتان المكتوبتان باللغة اليونانية ويرجع تاريخها إلى حوالي القرن الثالث أو الرابع بعد الميلاد وفيهما وصف لعملية الصباغة وطبيعة الأصباغ المستعملة، ومنها:

- صبغة الأرخيل: وهي صبغة أرجوانية تستخرج من بعض الطحالب البحرية التي توجد على الصخور في البحر الأبيض المتوسط.

- القانت وهي صبغة حمراء تستخلص من جذور نبات "حناء الغول".

- صبغة حمراء تستخلص من جذور نبات الفوة، وكلاً من نباتء الفوة ونبات الحناء كان شائعاً في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفي المنطقة الصحراوية الواقعة غرب الاسكندرية.

- وصبغة القرمز ولونها أحمر يستخلص من إناث الحشرات القرمزية المجففة والتي توجد على شجر البلوط الدائم الإخضرار الذي ينمو في منطقة شمال إفريقيا.

- النيلة البرية وهي صبغة زرفاء تستخلق بالتخمير من أوراق شجرة النيلة البرية، وكانت تسمى الصبغة الزرقاء المصرية القديمة تسمى بالنيلة، وتستخلص من شجرتين كلاهما لم يعرف في مصر إلا في القرون الوسطى ومن المرجح أنها كانت تستورد من الهند، وذكر المقريزي أن النيلة كانت تزرع في مصر في عصره -القرن الرابع عشر بعد الميلاد- ولكن لم يتفق لوكاس على الأصل الذي يأتي منه النيلة وهناك روايات مختلفة عن وجود النبات في مصر في عصور مبكرة أم في العصر المسيحي وما تلاه.

- اللون الأصفر كان يستخرج من العصفر ولم يكن مثبتاً بشكل قاطع أنه مصدر اللون حتى أثبته أحد العلماء عندما تعرف على العصفر في أقمشة من الأسرة الثانية عشرة وهناك مصادر أخرى للون مثل أكسيد الحديد الأصفر البرتقالي.

أما عن مثبتات الألوان، قال لوكاس إنه من غير المحتمل أن تكون المثبتات قد استخدمت في صناعة الصباغة على القماش عندما بدأ المصريون الصباغة، إلا أنه من المؤكد أن هذه المثبتات كانت مستعملة في القرن الأول الميلادي، وفق ما ورد في مصادر تاريخية، "إنهم في مصر يستخدمون عملية عجيبة لتلوين المنسوجات فهم بعد عصر القماش الذي يكون أبيض أولا يشبعونه لا بالمصبغات بل بالمثبتات التي قدرون أنها تمتص اللون وبعد ذلك تغمس الأقمشة في قدر وهي تغلي"، ولكن لم يذكر ما نوع المثبت، ولكن في البرديتين المذكورتان في بداية الحديث قد ذكر أن المثبتات شملت الشب وبعض أملاح الحديد مثل خلات الحديد وكذلك كبريتات الحديد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved