ماذا يعني توريق العوائد الدولارية للدولة المصرية؟ رئيس هيئة الرقابة المالية الأسبق يجيب
آخر تحديث: الإثنين 8 يناير 2024 - 7:53 م بتوقيت القاهرة
محمد فوزي
شريف سامي: توريق عوائد المشروعات الدولارية هو الحل الأيسر في ظل ارتفاع تكلفة الديون السيادية والتصنيف الائتماني الحالي لمصر
كشفت وثيقة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، يوم الجمعة الماضى، بعنوان «أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة (2024ــ2030)»، عن دراسة توريق نسبة تتراوح بين 20 و25% من العائد الدولارى للدولة، وتقوم الحكومة بإصدار سندات مقابل هذا العائد، لبيعه لبنوك الاستثمار والمستثمرين بالعملة الأجنبية.
وأشارت الوثيقة إلى أن هذه الآلية ستتم وفقا لثلاثة سيناريوهات لم تحددها، ولكنها أكدت أن العائد سيتراوح بين 1.4 و10.1 مليار دولار سنويا.
وقال شريف سامي، رئيس وهيئة الرقابة المالية الأسبق، إن التوريق يعتبر من عمليات الهندسة المالية التى ينتج عنها تحويل مستحقات مالية مستقبلية لجهة ما سواء كانت شركة أو بنك أو هيئة عامة إلى سيولة آنية أو فورية، وذلك من خلال حوالة تلك الحقوق وإصدار سندات توريق مقابلها.
وأشار خلال تصريحاته لـ«الشروق» إلى أن تلك الحقوق المستقبلية قد تكون أقساط بيع عقارات أو سلع معمرة أو غيرها من الخدمات، وبالطبع تعتمد الحصيلة الناتجة من التوريق على آجال استحقاق تلك الحقوق ومعدل الفائدة السائد عند طرح تلك السندات وأيضاً توقعات اتجاه سعر الفائدة مستقبلاً مما يؤثر على تكلفة اصدارها. لذا تلجأ بعض الجهات المصدرة لسندات التوريق لتبنى معدل عائد متغير للتعامل مع مخاطر تغير سعر العائد أو الفائدة على مدى حياة تلك السندات، متابعا: «يلجأون أيضا إلى إصدار تلك السندات فى صورة شرائح بآجال مختلفة، لاستقطاب المستثمرين على اختلاف شهيتهم، فمنهم من يقبل على قصير الأجل والآخرون قد يفضلون السندات متوسطة الأجل».
ونوه إلى أن المستثمرين ولاسيما البنوك وشركات التأمين وصناديق الاستثمار تقبل على توظيف أموالها في تلك السندات في ضوء جاذبية عوائدها جنباً إلى جنب مع أدوات الدين الأخرى.
ولفت شريف سامى إلى أن التوريق يمكن أن يتم بالدولار أو بأى عملة رئيسية أخرى طالما كانت الحقوق المستقبلية التى يتم توريقها تدر إيرادات بنفس العملة.
وبالنسبة لما صدر في الوثيقة قال سامي: « إن على الحكومة المصرية التمعن والتفكير جيدا فى مدى مناسبة الحصول على سيولة دولارية حالية من خلال توريق مصادر الإيرادات الدولارية لأنشطة مثل مشروعات بترولية أو تعدينية أو ما يرتبط بالموانئ أو ببعض الأنشطة الخاصة بقناة السويس أو غيرها، مقابل تحمل انخفاض إيراداتها مستقبلا لأنها ستستخدم فى سداد فوائد سندات التوريق وكذا رد أصل المبلغ لاحقاً».
وأضاف رئيس هية الرقابة المالية الأسبق، أن سندات التوريق ليس البديل الوحيد الذى يجب تقييمه، ولكن يمكن النظر أيضاً فى سندات الإيراد وإصدار الصكوك، مشيرا إلى أنه من الأفضل تبني مزيج من تلك الأدوات المالية وعدم الاقتصار على بديل وحيد، فلكل منها مزاياه ومناسبته لغرض التمويل المستهدف، على حد تعبيره.
ولفت إلى أنه لا يجب أن نغفل أيضا تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية والتصنيف الائتمانى الحالى لمصر، متابعا: «قد يكون التوريق وإصدار الصكوك لمشروعات بعينها وليس السيادية – أى قروض على الخزانة العامة للدولة – لمشروعات محددة يتوقع أن تدر دخل دولارى هى البديل الأيسر حالياً».
وشدد شريف سامى على أن سندات التوريق مخاطرها مختلفة – وعادة أقل – من الاستثمار فى سندات تصدر عن شركة أو هيئة، فهى مضمونة بالحقوق المستقبلية التى تم توريقها وليس بالملاءة المالية للجهة والتى قد تتغير من فترة إلى أخرى.
وأضاف أنه يتم تصنيف إئتمانى للإصدار وتقييم مخاطر عدم تحصيل تلك الحقوق المالية المستقبلية الضامنة لسندات التوريق، أى جودة ما يتم توريقه، وعلى ضوء هذا التصنيف يتخذ المستثمرون المستهدفون قرارهم الاستثمارى بمدى تقبلهم لدرجة الخطر التى يكشف عنها التصنيف ومدى مناسبة العائد أو الفائدة المعروضة حال شراؤهم لتلك السندات.
وأكد أن القطاع الخاص نشط في إصدار تلك السندات خلال السنوات الأخيرة، وكانت أول عملية توريق لجهة عامة فى مصر تلك التى قامت بها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وأضاف أن عمليات التوريق تنظمها المواد 41 مكرر إلى 41 مكرر 8 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 وتخض لإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية فى جميع مراحلها.