هل تحتاج إعادة إعمار غزة لـ خطة مارشال؟

آخر تحديث: السبت 8 فبراير 2025 - 2:06 م بتوقيت القاهرة

هديل هلال

أعدت صحيفة "جارديان" البريطانية تحليلاً عن إعادة بناء غزة، تناول المهمة الضخمة التي يواجهها الفلسطينيين لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية، مشيراً إلى أنه من غير المرجح أن يقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدة.

• إعادة إعمار غزة

في الأسبوع الذي دعا فيه ترامب لما وصف بـ"تطهير عرقي" للفلسطينيين في غزة، لإعادة بنائها لتصبح "ريفيرا الشرق الأوسط" – وهي فكرة غير قابلة للتطبيق لأنها غير منطقية – عادت مسألة كيف يمكن إعادة إعمار غزة وتوقيت ذلك إلى الواجهة.

وأشار تحليل "جارديان" إلى أن إعادة الإعمار بعد الصراعات السابقة – إن حدثت – كانت جزئية في أحسن الظروف وتخضع لمطالب إسرائيل.

واستشهد التحليل بأحدث أبرز الأمثلة على ذلك: بعد حرب غزة عام 2014، عندما جرى فرض نظام معقد لمراقبة توزيع مواد إعادة بناء القطاع. وبعد اعتراض إسرائيل أن تعيد حماس توجيه الأسمنت والصلب والمواد الأخرى للبناء.

وكان أحد أبرز الأمثلة على ذلك في أعقاب حرب غزة عام 2014، عندما تم وضع نظام معقد لمراقبة توزيع المواد اللازمة لإعادة البناء في القطاع، بحسب تحليل جارديان، مشيرا إلى أنه بعد اعتراض إسرائيل على أن حماس ستعيد توجيه الخرسانة والصلب والموارد الأخرى إلى مباني الأنفاق، تم وضع عملية إشراف للأمم المتحدة تُعرف باسم آلية إعادة إعمار غزة.

وكانت المشاريع التي خضعت للفحص والمتعاقدين يقدمون أنفسهم عند مستودعات تخضع للمراقبة، وتُجرى مراجعة للأوراق وبطاقات الهوية، فيما يمكنهم الحصول على ما خُصص لهم.

وأشار التحليل إلى أن آلية إعادة إعمار غزة لم تعمل قط بشكل مناسب، مع الإفراط في التعقيدات ونقص الموارد، وبدلاً من ذلك سمحت بالظهور السريع لسوق يعمل في الخفاء، حيث كانت تتم صفقات شراء الأسمنت أمام أبواب مخازن مؤمنة.

ويوضح كل ذلك بعض من التعقيدات الهائلة التي تواجه مهمة إعادة إعمار غزة، حيث إنها ليست مشكلة مادية ببساطة، لكنها سياسة كذلك.

وأوضح التحليل أن تجربة إعادة الإعمار السابقة في غزة والفيتو الإسرائيلي على العملية استُخدمت كوسيلة لمواصلة السيطرة والصراع في النهاية.

كان حظر دخول مواد البناء إلى قطاع غزة سمة من سمات الحصار الإسرائيلي منذ فرضه في عام 2007. تم تصنيف المئات من المواد، من معدات الحفر إلى القوالب الخرسانية والأسفلت والأسلاك، على أنها مواد مزدوجة الاستخدام.

وهذه المرة، بحسب التحليل، ستكون المهمة واحتياجات الفلسطينيين أكبر على نحو لا يمكن قياسه، مشيرا إلى أنه ستكون هناك مسألة الحطام، حيث يقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة وموئل الأمم المتحدة بأنه كان هناك 50 مليون طن من الأنقاض والحطام في غزة في ديسمبر، وهو رقم يتجاوز الأنقاض الناتجة عن الأعمال العدائية هناك منذ عام 2008 بـ17 مرة.

ويمكن للحطام، إن تم جمعه في مكان واحد، أن يغطي مساحة 5 كيلومترات مكعبة، ويقدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن التخلص منه سيستغرق ما يصل إلى 20 عاما بتكلفة 909 ملايين دولار.

وبعد الصراعات السابقة، اعتمد الفلسطينيون في غزة بشكل كبير على إعادة تدوير الأنقاض الخرسانية، بمعالجته في مواقع في الأماكن المفتوحة.

أما بالنسبة للفترة التي ستستغرقها عملية إعادة الإعمار، فهي مسألة أخرى. وفي حين رجح بعض الخبراء أن تستغرق عدة عقود، عملياً، يعتمد الأمر بالكامل على الظروف السياسية.

وأشار التحليل إلى أنه بعد الحرب العالمية الثانية، أعيد إعمار المدن الألمانية – مع الاستفادة من "خطة مارشال" (وهي خطة اعتمدتها الولايات المتحدة ونفّذتها بهدف إعادة إعمار أوروبا بعد تعرضها للدمار جراء القصف الجوي والمعارك التي دارت خلال الحرب العالمية الثانية) – في غضون حوالي عقد، بالرغم من استمرار بعض عمليات إعادة البناء حتى التسعينيات.

وبعيداً عن البنية التحتية المادية، هناك ضرر آخر أقل وضوحاً؛ حيث إن أكثر من نصف الأراضي الزراعية الحيوية في غزة تدهورت جراء الصراع، وذبح 95% من الماشية إلى جانب نحو نصف الأغنام.

وبحسب التحليل، يرجح ذلك أن أمراً مثل "خطة مارشال" ستكون مطلوبة، وإن كان من شبه المؤكد بدون انخراط إدارة ترامب، التي ألمحت أنها لن تدفع وأوقفت عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved