رئيس جامعة القاهرة السابق: قوة المجتمعات لا تكمن في فرض التوافق القسري بل في استيعاب الاختلافات وإدارتها بحكمة

آخر تحديث: السبت 8 مارس 2025 - 12:04 م بتوقيت القاهرة

عمر فارس

ترأس الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة السابق، جلسة بعنوان "مبادئ العمل المشترك بين المذاهب الإسلامية وفق وثيقة بناء الجسور"، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لبناء الجسور بين المذاهب الإسلامية الذي يعقد تحت شعار "نحو مؤتلف إسلامي فاعل"، وبرعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وتنظيم رابطة العالم الإسلامي بقيادة الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وبمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين وقادة المؤسسات الإسلامية من جميع أنحاء العالم.

أكد الدكتور محمد الخشت أن التعددية المذهبية ليست عائقًا، بل يمكن أن تكون مصدرًا للقوة إذا أُديرت بشكل صحيح، مشيرًا إلى أن النهج التقليدي القائم على محاولات التقريب العقائدي أثبت عدم فاعليته، مما يستوجب التحول إلى استراتيجية إدارة التعددية المذهبية من خلال تعزيز القيم المشتركة، والتعاون في المجالات التنموية والتعليمية والإعلامية والإغاثية، دون المساس بالخصوصيات العقائدية.

وأوضح الخشت، أن التجربة التاريخية أظهرت أن الصراعات المذهبية لم تكن مجرد خلافات دينية بحتة، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى أدوات سياسية لتعزيز السلطة وإقصاء الخصوم، مشيرًا إلى أمثلة تاريخية مثل الجدل حول “خلق القرآن” في العصر العباسي، والتوظيف السياسي لقضايا التكفير والإيمان من قبل بعض الجماعات المتشددة.

ودعا الخشت، إلى الاستفادة من التجربة الأوروبية والأمريكية في التعامل مع التعددية الدينية، موضحًا أن أوروبا عانت من صراعات مذهبية دموية قبل أن تنجح في تبني مفهوم التسامح والعقد الاجتماعي كما طرحه فلاسفة مثل جون لوك وفولتير وروسو، مشيرًا إلى أن الحل لا يكمن في فرض مذهب معين على الجميع، بل في إيجاد إطار مشترك يحترم الاختلافات، ويعزز وحدة المجتمع على أساس القيم المشتركة الجامعة.

وطرح الخشت، آليات عملية جديدة لإدارة التعددية المذهبية، مؤكدًا أن النهج الصحيح يتطلب تعزيز دولة المواطنة واحترام سيادتها وأمنها القومي، باعتبارها أساس الهوية واساس العلاقات بين الدول المختلفة، وإصلاح النظام التعليمي ليشمل تعريفًا علميًا محايدًا بالمذاهب المختلفة، مما يسهم في إزالة الصور النمطية السلبية، ويعزز ثقافة التفاهم بين الأجيال القادمة، وإيجاد أرضيات مشتركة للتعاون في المجالات الشرعية والتنموية والتعليمية والإعلامية، وضبط الخطاب الديني والإعلامي، بحيث يُركز على القيم الإسلامية الجامعة بدلًا من إذكاء الخلافات، وإطلاق مبادرات حوارية بين المذاهب لتعزيز التعاون العملي بدلًا من التركيز على الخلافات الفكرية، وأخيرًا تعزيز دولة المواطنة المتساوية بحيث يكون الولاء للوطن والدولة، وليس للطائفة أو المذهب.

واختتم الخشت، كلمته، بالتأكيد على أن إدارة التعددية الدينية ضرورة لتحقيق التسامح والتعايش الحقيقي بين أتباع المذاهب الإسلامية، مشددًا على أن قوة المجتمعات لا تكمن في فرض التوافق القسري، بل في استيعاب الاختلافات وإدارتها بحكمة، حتى تصبح التعددية مصدرًا للإثراء الفكري والاجتماعي، لا سببًا للانقسام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved