قصص الأنبياء (4) .. من هو ود بن سيدنا آدم سبب بعث سيدنا نوح بالرسالة؟
آخر تحديث: الجمعة 8 أبريل 2022 - 11:17 ص بتوقيت القاهرة
ياسمين سعد:
نعيش خلال شهر رمضان المبارك نفحات إيمانية جليلة، وما أطيب من أن نتحدث عن أنبياء الله تعالى، حيث تروي الشروق قصص الأنبياء في سلسلة تنشر على مدار الشهر الكريم، كما وردت في كتاب يحمل نفس الاسم للإمام الحافظ ابن كثير.
هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس عليه السلام بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام، وكان مولده بعد وفاة آدم بـ 146 سنة، وكان بينهما 10 قرون كما قال الحافظ أبو حاتم ابن حبان، وإن كان المراد بالقرن هو الجيل وليس المدة الزمنية، كما قال الله تعالى "كم أهلكنا قبلهم من القرون"، فقد كان الجيل قبل نوح عليه السلام يعمرون الدهور الطويلة، وعلى هذا يكون بين آدم ونوح عليهما السلام ألوف من السنين.
بعث الله تعالى نبيه نوح عندما عبد الناس الأصنام والطواغيت، وشرعوا في الضلالة والكفر، وكان هو أول رسول يبعث إلى أهل الأرض كما يقول أهل الموقف يوم القيامة، وكان قومه يقال لهم بنو راسب كما ذكر ابن جبير.
اختلف العلماء في تحديد عمره عندما بعث بالرسالة، فقيل كان ابن 50 عاما، وقيل ابن 350 عاما، وقيل ابن 480 عاما، وقد ذكر الله تعالى قصته في أكثر من سورة بالقرآن الكريم، وهم الأعراف، يونس، هود، الأنبياء، المؤمنون، الشعراء، العنكبوت، كما أنزلت فيه سورة كاملة، وهي سورة نوح، كما جاء ذكره في بعض الآيات القصيرة في أكثر من سورة أخرى مثل سورة التوبة، الإسراء، والأنعام، ص، غافر، والذاريات.
روى البخاري من حديث ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس عن تفسير قول الله تعالى، "وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا"، صدق الله العظيم، أن هذه كانت أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، ولكن بعدما هلكوا، وجاء قوم آخرين من بعد منهم، عبدوهم.
وروى ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أنه قال، ود ويغوث ويعوق وسواع ونسر أولاد آدم عليه السلام، وكان ود أكبرهم وأبرهم به، وكان رجلا صالحا محببا بين قومه، فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبّه في صورة انسان ثم قال، إني أرى جزعكم عل هذا الرجل، فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟ فقالوا نعم، فصور لهم مثله، فوضعوه في ناديهم وظلوا يذكرونه.
عندما رآهم الشيطان يذكرون ودا، قال لهم هل أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا نعم، قال فمثّل لكل أهل بيت تمثالا مثله، فأقبلوا فظلوا يذكرونه، وأدرك أبناؤهم وتناسلوا وتوارث أمر ذكره بين الأجيال، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله تعالى، فكان ود أول ما عبد غير الله تعالى.
بعث الله تعالى نوحا لكي ينهي الناس عن عبادة ود وعبادة الأصنام، لكي يعبدون الله تعالى إله واحد لا شريك له، وقد دعا نوح قومه في الليل والنهار، والسر والإجهار، وبالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، ولكن لم تفلح معهم أي طريقة، بل نصبوا له العداوة، وانتقصوا منه ومن كل من آمن به، وتوعدوهم بالرجم والإخراج من المدينة.
كم عاما ظل يدعي فيه سيدنا نوح عليه السلام قومه للتوحيد بالله عز وجل؟ وما هي الدعوة التي دعاها واستجابها الله له وأرسل الطوفان؟ .. هذا ما سنعرفه خلال الحلقة القادمة ..