في حياة المصري القديم (17).. كيف صنع المصريون القدماء الزجاج على نطاق واسع؟
آخر تحديث: السبت 8 أبريل 2023 - 11:33 ص بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
الراوي والحكايات جزء أصيل من ثقافتنا، كان الناس يجلسون أمام القهاوي يستمعون لحكايات أبوزيد الهلالي والزير سالم، وكان الأطفال يجتمعون لكي يسمعوا قصص الجدة في الدار، وفي رمضان تجتمع الأسر حول الحكايات الدرامية وأمام الفوازير؛ ولأن الحكاية تجذب الكثيرين، لذلك نقدم في سلسلة مكتوبة خلال شهر رمضان الكريم مجموعة من الحكايات التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة، وتحديدا عن تفاصيل الحياة اليومية.
ويستمر حديثنا عن حياة الفرد المصري القديم، وعلاقته بالطبيعة من حوله، وتسخيره لها لصناعة أدوات مختلفة استخدمها في قضاء مصالحه أو اعتبرها زينة وحُلي وغيرها ومواد أخرى وُظفت في البناء والتعمير، وهو ما تحدث عنه كتاب "المواد والصناعات عند قدماء المصريين"، من تأليف ألفريد لوكاس، وترجمة الدكتور زكي إسكندر، وإصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، وفي الفصل العاشر يخصص لوكاس فصلا كاملا حول الزجاج وصناعته في مصر القديمة.
كانت صناعة الزجاج في مصر القديمة وحتى عصر متأخر من رمل الكوارتز وكربونات الكلسيوم والنطرون أو رماد النباتات، وتخلط المواد في جفنات من الخزف وتسخن تسخينا شديدا في فرن خاص إلى أن تنصهر انصهاراً كلياً، وتتحد بعضها، وتصير كتلة الزجاج الناتجة صافية متجانسة، ثم يصب الزجاج الناتج في قوالب أو يبرم عيدانا زجاجية رفيعة، وبعض العيدان كانت تقطع إلى قطع صغيرة للترصيع أو تترك كتلة الزجاج في الجفنة إلى أن تبرد، ثم تكسر للتخلص من الطبقة السطحية المليئة بالمسام، ثم تصهر بعد التنظيف، وتشكل حسبما يشاءون.
ووجد في العمارنة أدلة على استعمال جفنات صغيرة لصهر الزجاج، تتراوح أعمقها وأقطارها بين بوصتين وثلاث بوصات، ويوجد في متحف المتروبوليتان بنيويورك كتلة من الزجاج كبيرة الحجم، لا يمكن أن تكون صهرت إلا في جفنة تزيد سعتها عن 5000 سم.
ولا يعرف تحديدا متى بدأ صنع الأشياء الزجاجية في مصر، ولكن إنتاجه كان على نطاق واسع، وبطريقة منتظمة بدأ في أوائل الأسرة الثامنة عشرة، وقد بلغ إلى درجة عالية من الاتقان في هذا العصر، وكانت تصنع الخرز والتمائم من الزجاج وأشياء أخرى مثل رأس حنحور والتي ترجع لعصر ما قبل الأسرات، وهناك قطع من الزجاج مستخدمة في ترصيع صندوق خشب من عهد الأسرة الأولى، وفسيفساء الملك أمنمحات المشهورة الموجودة بمتحف برلين، وهي من الزجاج الأبيض والأسود.
ووجدت بمصر بقايا عدة مصانع للزجاج، وكان أقدمها عهداً ما وجد بطيبة، ويرجع تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ويلي هذا ثلاثة أو أربعة مصانع وجدت بالعمارة من عهد الملك إخناتون، ثم مصانع أخرى من الأسرة العشرين وجدت باللشت، ووجدت مصانع أخرى بوادي النطرون، ولكن غير معروف تاريخها تحديداً.
أقرأ أيضاً