رحيل صاحبة نوبل التي تبنت قضايا المضطهدين.. من هي توني موريسون؟

آخر تحديث: الخميس 8 أغسطس 2019 - 4:31 م بتوقيت القاهرة

إيمان صبرى خفاجة:

«حياة الكاتب وعمله ليست هدية للبشرية، بل هى ضرورتها التى لابد منها»، اختصرت الكاتبة والروائية الأمريكية تونى موريسون فى كلماتها السابقة مشوارها الأدبى الذى استمر لسنوات حتى أعلن بول بورجاردز المتحدث باسم دار نشر الفريد إيه نوف عن انتهائه برحيل صاحبة نوبل مساء الثلاثاء الماضى الموافق 6 أغسطس 2019، التى سخرت حياتها لنضالها الإنسانى ضد مظاهر الاضطهاد العرقى والتفرقة العنصرية التى عانى منها أصحاب البشرة السمراء فى أمريكا خلال القرون الماضية.
تونى موريسون حملت على عاتقها الكتابة عن معاناة أصحاب البشرة السمراء فى الولايات المتحدة من خلال أعمالها الأدبية التى انحصرت موضوعاتها فى هذا الصدد؛ حتى عرفت أعمالها الأدبية كمرجع لمحاربة العنصرية وتوثيق آلام ضحاياها؛ وتطور ذلك حتى أطلقت على نفسها كاتبة السود الأمريكيين.
ولدت «تونى موريسون» فى 18 فبراير عام 1931، بمقاطعة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية لأسرة من أصول إفريقية هاجرت من الجنوب، عانت أسرتها من الاضطهاد والتمييز العنصرى، لكنهم واجهوا العنصرية بحب الفن والأدب.
عشقت «موريسون» عالم الأدب منذ طفولتها من خلال أعمال تولستوى و جين أوستن، وفى عام 1949 التحقت بجامعة هاوارد لدراسة القانون، ثم حصلت على بكالوريوس الأدب الإنجليزى عام 1953، ونالت درجة الماجستير من جامعة كورنيل عام 1955، ثم امتهنت التدريس فى العديد من الجامعات ومنها جامعة تكساس الجنوبية، وجامعة هوارد، وعملت كأستاذة فى علم الإنسانيات بجامعة برينستون، وفى عام 1964 عملت كمحررة أدبية فى مؤسسة راندوم للنشر لتؤدى دور مهم فى دفع الأدب الإفريقى الأمريكى للأمام.

بالرغم من عملها لسنوات كناقدة أدبية وإلقائها العديد من المحاضرات المتخصصة فى الأدب الإفريقى ــ الأمريكى، وإعدادها رسالة دكتوراه عن الانتحار فى أدب ويليام فوكنر وفيرجينيا وولف، لم تبدأ حياتها الأدبية إلا بعد أن تجاوزت الأربعين من عمرها، حين صدرت روايتها الأولى بعنوان «العيون الأكثر زرقة» عام 1970 والتى ترجمت إلى العربية وقد استغرقت كتابتها خمسة أعوام وتناولت من خلالها قصة حياة سيدة تعيش فى ضاحية من ضواحى ولاية أوهايو تحاول التمرد على العادات والتقاليد السائدة فتصطدم بمن يؤمنون بتلك العادات لتبدأ معاناتها، وحققت الرواية نجاحًا كبيرا استطاعت من خلاله أن تفرض وجودها على الأدب الأمريكى والعالمى حتى الآن.

انطلقت فى مسيرتها الأدبية لتنتج 11 عملا أدبيا ترجمت إلى لغات متعددة، ومن أشهر هذه الأعمال سولا 1974، أغنية سليمان 1977، جاز 1992، الفردوس 1997، رحمة عام 2008، لكن ظلت أشهر أعمالها الأدبية رواية «محبوبة» الصادرة عام 1987 وهى قصة حقيقية استوحت أحداثها من تقرير عثرت عليه فى الكتاب الأسود الذى يحتوى على العديد من التقارير الصحفية التى ترصد تاريخ الأمريكيين الأفارقة بداية من تجارة الرقيق وصولا إلى حركة الحقوق المدنية.
تتناول الرواية قصة سيدة قتلت ابنتها الوحيدة التى لم تتجاوز عامها الثانى معللة ذلك الفعل بأنه الخلاص الأكيد للطفلة من نيران العبودية والاضطهاد لأصحاب البشرة السمراء الذى اشتدت وتيرته أثناء الحرب الأهلية الأمريكية. حققت الرواية نجاحا مدويا على مستوى العالم وتم تحويلها عام 1988 إلى عمل سينمائى ضخم بطولة وإنتاج أوبرا وينفرى.

ومن أشهر أعمالها فى الوطن العربى رواية رحمة ورواية «كان الله فى عون الطفلة» التى صدرت عام 2015 وترجمتها للعربية بثينة الإبراهيم عن دار أثر للنشر، وتتناول الرواية حياة طفلة تتمنى لو تمتلك بشرة بيضاء لتتخلص من الاضطهاد الذى ترسخ إيمانها بوجوده وصعوبة التخلص منه.
بدأت رحلة التكريم الأدبى لمسيرتها الروائية عام 1988 حين حصلت على جائزة بوليتزر عن عملها الأدبى الأشهر «محبوبة»، ثم كانت المفاجأة المدوية التى تعد انتصارا لقضيتها حين حصلت على جائزة نوبل عام 1993 عن مجمل أعمالها، وتبعها حصولها على جائزة جيفرسون للعلوم الإنسانية عام 1996، وميدالية المساهمات المتميزة للمؤسسة الوطنية للكتاب 1996، وصولا إلى حصولها على جائزة بن سول بيلو عن إنجازاتها الأدبية فى الأدب الأمريكى عام 2016، بالإضافة إلى تكريم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بتقليدها ميدالية الحرية الرئاسية عام 2012، وكان الرئيس الأمريكى السابق أول من كتب ينعى للعالم رحيلها عبر حسابه الرسمى على تويتر قائلا: «كانت تونى موريسون كنزا وطنيا.. كانت كتابتها تحديا جميلا ذا معنى لضميرنا وخيالنا الأخلاقى، يا لها من هدية أن تتنفس الهواء الذى تتنفسه، ولو لفترة قصيرة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved