حكاية بينات السنجاب الذي ساهم في وصول ترامب إلى البيت الأبيض

آخر تحديث: الجمعة 8 نوفمبر 2024 - 2:24 م بتوقيت القاهرة

أسامة زكريا

كيف استغل الحزب الجمهوري ودوائره قصة قتل سنجاب شهير لضرب شعبية الديمقراطيين؟

 

في خضم الانتخابات الأمريكية وحمى المنافسة على السلطة، ظهرت قصة غير متوقعة لتصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام. لم يكن بطل القصة سياسياً معروفا أو نجما لامعا، بل كان سنجابا صغيرا، يعرفه الجميع باسم "بينات Peanut"، ليساهم بحضوره غير المتوقع في ترجيح كفة دونالد ترامب في بعض الأوساط الناقمة على سياسات الحزب الديمقراطي.

وعشية الاقتراع كان السنجاب بينات من المحاور الرئيسة لخطاب نائب ترامب چي دي ڤانس الذي وصف قيادات الحزب الديمقراطي بأنهم "قتلوا السنجاب" وأنهم لا يهتمون بدخول مئات الآلاف من المجرمين إلى الولايات المتحدة (يقصد المهاجرين غير النظاميين) في حين أنهم يهتمون بقتل حيوان أليف.

قبل نحو 7 سنوات، التقط مارك لونجو، الذي يعيش في مدينة نيويورك، سنجابا صغيرا على وشك الموت بعد أن فقد والدته التي صدمتها سيارة. قرر مارك أن يأخذه معه إلى منزله ويعتني به، ليصبح "بينات" عضوا جديدا في العائلة. ومع الوقت، أصبح السنجاب المدلل محببًا إلى قلوب الأسرة والجيران.

ربطت بينات ومارك علاقة قوية تجلت في مقاطع الفيديو والصور التي اعتاد مارك نشرها على إنستجرام، حيث يظهر فيها بينات بقبعته الصغيرة يلتهم البندق بمرح، أو يقفز على كتف مارك برشاقة. سرعان ما جذب هذا السنجاب الصغير قلوب المتابعين على منصات التواصل، وأصبح له جمهور واسع يقدر بمئات الآلاف ممن يشاركون مقاطع الفيديو الخاصة به ويعلقون على صوره.

 

 

ولكن قصة بينات لم تظل سعيدة طويلا. ففي أحد الأيام، طرقت الشرطة باب مارك، وبدأت بتنفيذ عملية تفتيش غير متوقعة أثارت دهشة العائلة والجيران. فقد جاء بعض أفراد السلطات مدججين بمعداتهم، بحجة أن بينات قد يكون حاملاً لفيروس داء الكلب، وقرروا مصادرة السنجاب على الفور رغم توسلات مارك وأفراد العائلة بعدم أخذه بعيدا.

لم تكن هذه المداهمة عادية، إذ بدت كعملية احتجاز لحيوان خطر، إلا أنها بالنسبة لمارك كانت صدمة لا تُصدق.

غضب الشارع ووسائل الإعلام

بعد أيام من احتجاز بينات، أعلنت السلطات أنه تم تنفيذ "القتل الرحيم" له بعد ورود عدة بلاغات تشير إلى خطر هذا السنجاب.

انفجر غضب عارم بين متابعي بينات وعشاق الحيوانات بشكل عام، والذين اعتبروا أن ما حدث كان ظلمًا لا داعي له تجاه حيوان بري صغير لم يسبب أذى لأحد.

 

 

بدأت موجة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بإعادة النظر في تلك القوانين التي تعطي الحق للسلطات في إعدام الحيوانات الأليفة دون تحقيق شفاف.

وسرعان ما تصدرت القصة عناوين الصحف الكبرى، مثل NBC News التي نشرت تقريرًا بعنوان: "السنجاب بينات المشهور على إنستجرام يخضع للقتل الرحيم بعد مصادرته من منزله". وThe Guardian التي غطت الحدث بعنوان: "السلطات في نيويورك تُعدم نجم وسائل التواصل الاجتماعي السنجاب بينات".

كما أشار تقرير Fox News إلى تأثير الواقعة على السوشيال ميديا بعنوان: "السنجاب بينات يشعل عاصفة من الجدل بعد تصرفات السلطات في نيويورك".

تزايد الحديث عن "حرية الحيوان" في إسقاط على حرية الفرد، إذ بدأت الصحف الدولية والمحلية بتغطية القصة، وفتح نقاشات حول تدخل الحكومة في حياة المواطنين، الأمر الذي جعل البعض يرون في الحدث دليلاً على تزايد "التدخل الحكومي" في تفاصيل الحياة اليومية.

 

 

استغلال القصة سياسيا

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية واحتدام المنافسة بين ترامب وكامالا هاريس، رأى فريق حملة ترامب فرصة ذهبية في قصة بينات لتحويلها إلى قضية سياسية تسلط الضوء على تجاوزات الحكومة وقوانينها المتشددة، والتي أصبحت أحد أكبر القضايا التي يثيرها الحزب الجمهوري.

على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت رسائل دعم من مؤيدي ترامب وتغريدة من فريق حملة ترامب تقول: "صوّتوا للحرية، صوّتوا من أجل حياة مثل حياة بينات التي أزهقت بلا داع!".

وبرز وسم "الحرية للسناجب" كرمز للاحتجاج والدعوة للتغيير. وسرعان ما أصبح الهاشتاج الأكثر تداولًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول إلى حركة رمزية تستغلها حملة ترامب لإضفاء لمسة إنسانية وحقوقية على رسالتها السياسية.

إيلون ماسك يعلّق: بينات ضحية النظام

في ظل تصاعد الضجة حول قصة بينات، أطلق الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الداعم لحملة ترامب، سلسلة من المنشورات عبر "إكس" (تويتر سابقًا) للحديث عن القضية. كتب ماسك قائلاً: "بينات ليس مجرد سنجاب، بل ضحية لنظام يتدخل بشكل غير مبرر في حياتنا" وأتبعها بتساؤل أثار الكثير من النقاش: "إذا كنا نعجز عن حماية حيوان بري، فكيف نؤمّن حماية الأفراد؟"

 

تجاوب أنصار ترامب سريعًا مع تعليقات ماسك، وانتشر الشعار الجديد "من أجل السنجاب، صوّت لترامب" في أوساط الناخبين الذين رأوا في قصة بينات رمزًا حقيقيًا للحريات الفردية التي يرونها مهددة بالتدخل الحكومي المفرط.

وكتب أحد مؤيدي ترامب على "إكس": "انتقمنا لبينات بتصويتنا اليوم. إنه رمز لكل فرد يسعى للعيش بعيدًا عن تدخلات الحكومة”.

قصة بينات أثبتت أن التفاصيل الصغيرة قد تؤدي إلى تحولات كبيرة. فبالنسبة للعديد من الأمريكيين، أصبح بينات رمزا للحق في حياة خالية من التدخلات السلطوية، ورأوا في فوز ترامب امتدادا لهذا الحق.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved