سمير الفيل يعبر بحكايات ورش دمياط وحاراتها إلى جوائز الأدب العربي

آخر تحديث: السبت 9 مارس 2024 - 11:49 ص بتوقيت القاهرة

حلمي ياسين:

الفيل يستلهم حكاياته من ورش الموبيليا ومحلات الأحذية ويكتب قصصه في المقاهي والأسواق

حصد الأديب سمير الفيل جائزة الملتقى الثقافي للقصة القصيرة العربية من دولة الكويت، عن مجموعته القصصية «دمى حزينة» ليصبح أول أديب مصري يفوز بها.

الجائزة التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار في دورتها السادسة، تحظى برعاية جامعة الشرق الأوسط الأميركية في الكويت.

يبلغ الأديب سمير الفيل 73 عاما، ولد وعاش في محافظة دمياط، بدأ شاعرا ثم انتقل لكتابة القصة القصيرة، وتنوعت أعماله وإنتاجه الأدبي، وتميز في فترة الثمانينات والتسعينات بأدب المقاومة بعد أن كتب رواية "رجال وشظايا" و"كيف يحارب الجندي بلا خوذة" و"خوذة ونورس وحيد" ثم قدم للإذاعة المصرية للبرنامج العام عملين إذاعيين هما وجوه في أكتوبر عام 1991 وأوراق أكتوبرية عام1996.

نال سمير الفيل جائزة الدولة التشجيعية عن القصة القصيرة عام 2016، ثم جائزة يوسف أبو رية عن اتحاد كتّاب مصر في 2017 ميلادية، ثم فاز بجائزة ساويرس لأفضل مجموعة قصصية فرع كبار الأدباء عن المجموعة القصصية "أتوبيس خط 77" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم تم تكريمه في مايو 2022 من مبادرة امارة الشارقة للتكريم الثقافي، تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

مسيرة سمير الفيل مع الأدب امتدت 54 عامًا دون توقف، ظل على مداها مقيما في دمياط، وخلال العشرين عاما الأخيرة كتب 27 مجموعة قصصية و3 روايات.

جذور الكتابة والإبداع في الورش والمقاهي

في أعمال سمير الفيل تتبدى تأثيرات واضحة للبيئة المحلية في دمياط، المدينة والضواحي، الحرف والأنشطة والحارات والشوارع القديمة والأسواق، الشخوص السابحة بنشاط يشوبه سوء الحظ في عالم "عنيف يموج بالقسوة" كما يصفه الفيل في حديث لـ الشروق قبل فوزه بالجائزة الكويتية الأحدث.

يقول الفيل: "أحاول تأمل العلاقات الإنسانية بين البشر، وكشف تفصيلات الحياة مؤلمة، فهي تحمل غرائب لا حصر لها، وحكمة الحياة التنوع. نحن أمام أحداث واقعية تحمل قدرًا من تعاسة الناس وأحزانهم مع لمسات قليلة من الفرح، كما في "أتوبيس خط 77".

أما مجموعة "مكابدات الطفولة والصبا" التي صدرت عام 2007 فاسترجع فيها الفيل فترة عمله طفلاً في ورش الموبيليا وفي بيع الأحذية بدمياط، معطيا لمحة عن حياة صبيان الورش فترة ازدهار الحرف، وحازت المجموعة على اهتمام القراء.

تظل تلك الحكايا المتجددة الرافد الأول لإلهام سمير الفيل الذي يقول: "أجلس في المقاهي، وأجوب الأسواق، وأتأمل كل ما يقع عليه بصري من مفارقات، وألتقط خيطًا سريًا لا يكاد يرى لأبني من خلاله قصتي القادمة. أحاول أن يكون نصي مركزًا، حاملًا روح السخرية بلا تعمد، وأفكر في مصير الإنسان، في مأزقه الوجودي، وأدرك أن عمود الحكي أساسي في كتاباتي، وأبتعد عن الثرثرة، والنبرة التعليمية، وأنظر للمشهد من زاوية غير مألوفة".

أما الرافد التالي في الأهمية لأدب سمير الفيل فهو الحرب، التي يقول عنها: بدأت علاقتي بالقصة في حرب أكتوبر 1973، وفي السنة التالية فازت قصتي بجائزة منظمة الشباب، ونشرت القصة في مجلة "صباح الخير"، ثم فازت قصتي "كيف يحارب الجندي بلا خوذة؟" بجائزة الشئون المعنوية للجيش.

ظل سمير الفيل مولعًا بتتبع حكايات الجنود والضباط الذين استشهدوا في جبهة القتال، وفي قصته الأولى "في البدء كانت طيبة" طعّم النص السردي بمقاطع من الكتابات الهيروغليفية بحسب ما نشر عملاق المصريات سليم حسن في كتابه العمدة "مصر القديمة".

أما مجموعته "دمى حزينة" الفائزة بجائزة الملتقى الثقافي بالكويت فهي تنقب عن تقلبات الحياة ومصائر تحولاتها. يرى الفيل أنه في كتابتها لم يغادر المنطقة الشعبية التي اهتم بها: "توقفت أمام حالات انهيار الأسرة المصرية عبر الجبر أو الاختيار، واتخذت خطًا أساسيًا يستوجب الإيجاز في البنى، وأحسبني قطعت شوطًا في التجريب وهو ما توفر لي بعد تجارب مُضنية لتكون النصوص واقعية".

تقدير نقدير كبير لعمل سمير الفيل

أوضحت الدكتورة شهلا العجيلي رئيسة لجنة التحكيم، أن اللجنة وضعت معاييرها الفنية لاختيار المجموعات المستحقة، ومنها: جودة بناء النص وجدته، ومدى تمتعه بالإبداع، وبلاغة اللغة في فن القص، إضافة إلى جودة المعالجة الفنية، وتمتع الفضاء النصي بالخصوصية، أو انفتاحه على آفاق ثقافية مغايرة.

وقال عنها الكاتب محمد أسامة: لم يكن غريبًا أن أرى في المجموعة القصصية «دمى حزينة » رابطًا تنتظم القصص من خلاله كحبات العقد، تشكل علامة خاصة للمجموعة، قوامها يبدأ من عنوانها: الشخصيات عبارة عن دمى، أمامهم حواجز على مد البصر للوصول لحياة آمنة، حياتهم مظللة بالحذر والتغريب، سحرتهم دنياهم بتتابعاتها الغريبة، وغوتهم فاقتطعت من كيانهم، وباتوا أمام ابتسامات الدنيا الماسخة باكين.

بينما كتب الدكتور ابراهيم منصور، ‏أستاذ الأدب العربي‏ في جامعة دمياط، عن المجموعة: إن عودة الكاتب سمير الفيل إلى الطفولة والصبا، ليس فقط للكتابة للطفل، بل لامتصاص رحيق العمر وخلاصة التجربة، وقد بدا هذا جليا في نصوصه التي يكتبها هذا الصيف، على صفحته على الفيس بوك، وفيها نلمح صدى عمل نجيب محفوظ الشعرى السردي «أصداء السيرة الذاتية».
وقد اتخذ سمير الفيل أيضا وضعية الراوي الشيخ، الذى تشده التجربة الطويلة في الحياة نحو بئر الطفولة والصبا العميق، منه يستمد العون على مكابدة المعاناة في رحلة رمزية وواقعية.
فآخر ما فكر فيه العقل الذط أثقلته التجربة، مضفورة في أول ما اقترحته النفس وهي بعد طفلة بريئة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved