تدمير التعليم في غزة.. هل القتل المدرسي مُتعمد وضمن منهج الإبادة الجماعية؟
آخر تحديث: الأحد 9 يونيو 2024 - 10:45 ص بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
دمرت الحرب على غزة وألحقت الضرر بـ80% من المدارس منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، وهذا يرقى إلى مستوى القتل المدرسي، وفقاً لـ للأمم المتحدة.
ومع استمرار التدمير المنهجي للتعليم الفلسطيني منذ النكبة، وفي العدوان الأخير، التي وصفته محكمة العدل الدولية بأنها حرب إبادة جماعية، تحول القتل المدرسي من التدمير المنهجي إلى الإبادة الكاملة للتعليم.
في أول 100 يوم من هذه الحرب، قصفت قوات الاحتلال جميع الجامعات الـ12 في غزة ودمرتها كليًا أو جزئيًا، وإلى جانب هذا الدمار، تحولت العديد من المكتبات ودور المحفوظات ودور النشر والمراكز الثقافية وقاعات الأنشطة والمتاحف والمكتبات والمقابر والآثار والمواد الأرشيفية إلى ركام وغبار.
وتقول تشاندي ديساي، أستاذة مساعدة في الدراسات النقدية في جامعة تورنتو، إن الهجوم على أنظمة التعليم والمعرفة الفلسطينية وتدمير ونهب القطع الأثرية النادرة والكتب والمخطوطات والمواد الثقافية والأرشيفية ليس بالأمر الجديد، فقد تم توثيقه منذ نكبة عام 1948، ولكن حاليا يمكن اعتباره قتل مدرسي أكثر من أي مرحلة أخرى، وفقاً لصحيفة الجارديان.
وتمس تسجيل حالات إشعال جنود الاحتلال النار في الأجزاء المتبقية من مكتبة جامعة الأقصى في مدينة غزة، والتقطوا صوراً لهم وهم جالسون أمام الكتب المحترقة، وعلى نحو مماثل، قام جندي إسرائيلي بتصوير نفسه وهو يسير بين أنقاض جامعة الأزهر، وهو يسخر من قتل المدارس ويبتهج بتدمير الاحتلال للجامعة، وقال: "نحن نبدأ فصلاً دراسياً جديداً، لن يبدأ أبداً".
وترى ديساي أنه من خلال التدمير المادي للبنية التحتية التعليمية والثقافية، يمحو قتل المدارس الوسائل التي يمكن من خلالها الحفاظ على ثقافتها ومعرفتها وتاريخها وذاكرتها وهويتها وقيمها عبر الزمان والمكان، وذلك "سمة أساسية من سمات الإبادة الجماعية".
وليست المدارس فقط المستهدفة، بل يتعرض أمناء المعرفة المدرسية والثقافية للقتل أيضاً، حتى أبريل 2024، وفقا لخبراء الأمم المتحدة ووزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، قتلت العمليات العسكرية الإسرائيلية ما لا يقل عن 5479 طالبا و261 معلما و95 أستاذا جامعيا في غزة، إلى جانب موظفي المحفوظات وأمناء المكتبات، ويعتقد المراقبون ومجموعات الرصد أن بعض هؤلاء الأشخاص ربما تم استهدافهم عمداً، على غرار الطرق التي اغتالت بها الحكومة الإسرائيلية تاريخياً المثقفين والشخصيات الثقافية المرتبطة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بحسب ديساي.
كما تُكثفت أعمال الإبادة المدرسية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث داهم الجيش الإسرائيلي في كثير من الأحيان المؤسسات التعليمية، واعتقل أو احتجز الطلاب، وقيد حركة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وقوض الحرية الأكاديمية من خلال إغلاق الجامعات.
وعلى الرغم من كل هذا الدمار الذي تحاول قوات الاحتلال السير على نهجه، إلا أن العديد من الأكاديميين النازحين في غزة لديهم رغبة في البقاء في منازلهم وأراضيهم أو العودة إليها على الفور وإعادة بناء المؤسسات التعليمية التي تشكل ركيزة أساسية لحياتهم الجماعية وتحريرهم، وهو عمل من أعمال الصمود، وفي رسالة مفتوحة مؤثرة حديثة، أشار الباحثون في غزة إلى أن "إعادة بناء المؤسسات الأكاديمية في غزة ليست مجرد مسألة تعليم، بل إنها شهادة على صمودنا وتصميمنا والتزامنا الثابت بتأمين مستقبل للأجيال القادمة".
وأضافت الرسالة "أن بنيتنا التحتية المدنية -الجامعات والمدارس والمستشفيات والمكتبات والمتاحف والمراكز الثقافية- التي بنتها أجيال من شعبنا، أصبحت في حالة خراب من هذه النكبة المستمرة المتعمدة، إن الاستهداف المتعمد للبنية التحتية التعليمية لدينا هو محاولة سافرة لجعل غزة غير صالحة للسكن وتآكل النسيج الفكري والثقافي لمجتمعنا، ومع ذلك فإننا نرفض السماح لمثل هذه الأفعال بإطفاء شعلة المعرفة والصمود التي تشتعل في داخلنا، لقد بنينا هذه الجامعات من الخيام، ومن الخيام وبدعم من أصدقائنا سنعيد بناءها من جديد".