كتاب غرفة تخص المرء وحده.. صرخة نسوية خالدة

آخر تحديث: الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:54 م بتوقيت القاهرة

آية السمالوسي

- البعض يعده مانيفستو للحركة النقدية النسوية

 

في قلب كل امرأة مبدعة تكمن الرغبة في أن يكون لها صوتها الخاص، وأن تساهم في تشكيل العالم من حولها. هذا هو بالضبط ما تدعو إليه فرجينيا وولف في كتابها الرائع "غرفة تخص المرء وحده". يُعتبر من أهم النصوص النسوية التي شكلت وعي أجيال كاملة.

صدرت الترجمة العربية بقلم سمية رمضان، في عام 2023 عن دار العين. نُشر الكتاب لأول مرة باللغة الإنجليزية عام 1929، وهو بالأصل على هيئة محاضرتين بعنوان "المرأة والأدب"، كانت قد ألقتهما في كلية نيونهام وكلية جيرتون عام 1928، وهما كليتان نسائيتان في جامعة كامبريدج، حيث بحثت في تاريخ النساء ككاتبات وشخصيات في الأدب الغربي.

تقول المترجمة في المقدمة "إن الكتاب يعد بمثابة مانيفستو للحركة النقدية النسوية في القرن العشرين، وهي الحركة التي بلغت أوجها في السبعينات، وضمت أسماء عديدة، وبدأت أدبياتها تتراكم ببطء منذ نهايات القرن الثامن عشر؛ حيث تواكبت مع أفكار الثورة الفرنسية في أوروبا ومع حركة تحرير العبيد في أمريكا.

كما اعتبرت فيرجينيا وولف، الكاتبة البريطانية (1882 - 1941)، من الأيقونات الأدبية الحديثة للقرن العشرين ومن أوائل من استخدموا تيار الوعي كطريقة للسرد، ولها أكثر من ثلاثة وأربعون كتابًا".

يعد الكتاب من أهم النصوص النسوية التي بحثت عن مكانة المرأة الكاتبة في عالم أدبي يهيمن عليه الرجال. يحمل الكتاب رسالة أساسية وهي: "إذا أرادت المرأة أن تكون كاتبة، فعليها أن تملك مالاً كافيًا وغرفة تخصها وحدها".

يبحث الكتاب في قدرة المرأة على الكتابة، واستخدمت الكاتبة في كتابتها موسوعات الأدب الإنجليزي والأوروبي الكلاسيكي لتوضح الطريقة التي استخدمها المجتمع الأبوي على مر السنين لتقييد الإمكانيات الأدبية للنساء، حتى بات من الصعب تحقيق أي تقدم ملحوظ مقارنة بالرجال.

تنادي وولف في هذا الكتاب بضرورة وجود "غرفة خاصة" لكل امرأة، أي فضاء شخصي بعيدًا عن ضغوط المجتمع والتوقعات، حيث تستطيع أن تفكر وتكتب وتبدع بحرية. هذه الغرفة الرمزية هي أكثر من مجرد مكان؛ إنها رمز للاستقلال والحرية الإبداعية للمرأة، وهي شرط أساسي لإنتاج عمل فني أصيل.

كما ألقت الضوء على النساء المناضلات في نهايات القرن السابع عشر، اللواتي تمكنَّ من التغلب على هذه الصعوبات ونجحن بالفعل في كتابة الأدب. في الوقت نفسه، يشير الكتاب إلى حقيقة أن هذا الأدب الذي كتبته النساء يشرح شعورهن باليأس والغضب من اعتبار أعمالهن ثانوية بنظرة المجتمع.

تتعمق وولف في تحليل العوائق التي تحول دون تحقيق المرأة لإمكاناتها الإبداعية، مثل نقص التمويل والتعليم، والضغوط الاجتماعية المتوقعة منها. وبأسلوبها الأدبي الرقيق والسلس، تثير وولف تساؤلات عميقة حول طبيعة الإبداع وعلاقته بالجنس والطبقة الاجتماعية.

في النهاية، يبقى كتاب "غرفة تخص المرء وحده" عملًا أدبيًا خالدًا ساهم في تغيير نظرتنا إلى المرأة وإلى الإبداع. إنه كتاب يجب أن يقرأه الجميع، رجالًا ونساءً، لكي نفهم أهمية المساواة والعدالة في المجتمع. كما تتميز الترجمة بلغة فصحى رصينة متماسكة وسلسة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved