رواية كاتيوشا لوحيد الطويلة… تجربة عاطفية صارخة تتعمق في نفسية المرأة

آخر تحديث: الجمعة 9 أغسطس 2024 - 6:58 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد

قوة في التعبير عن تناقضات وانفعالات المرأة خلال لحظات الانكسار

يتمرد الكاتب وحيد الطويلة في روايته "كاتيوشا" الصادرة عن مؤسسة بتانة، على المألوف، ليجذب قارئه إلى أعماق تجربة عاطفية صارخة، بدلاً من الالتفاف حول المحور، يغوص الطويلة مباشرة في قلب الحدث، فيبدأ سرد حكايته من أعنف نقطة، وكأن القارئ يشاهد انفجار قنبلة عاطفية يهز أركان الرواية منذ السطر الأول.

يؤكد الطويلة أن الخيانة، بالنسبة للمرأة، كصاعقة تسقط على رأسها من سماء صافية، تصبح حينها، كصاروخ الكاتيوشا الذي يحدث داخلها دمارًا هائلاً، حيث تتداعى جدران قلبها، وتتساقط أنقاض أحلامها. تتسائل، وتتألم، وتبحث عن إجابات لا تجدها، وكأن الكاتب يقول لنا بصوت واضح: "لا يمكن لأي رجل أن يفهم ما تعانيه امرأة أحبت بجنون ثم خانها من أحبته، ألمها كمرض عضال، يتسرب إلى كل خلية في جسدها، ولا دواء يشفيه"، حيث أفكار وأسئلة كثيرة تطرحها الرواية، وتترك للقارئ متعة البحث عن الإجابات.

الرواية تروي قصة مشيرة التي كشف لها زوجها الكاتب المشهور عن حبه لصديقتها أثناء رحلتهما إلى المطار. انفجرت مشيرة غضبًا مما أدى إلى فقدان الزوج السيطرة على السيارة وانقلابها، ليقع في غيبوبة، حيث تبدأ أحداث الرواية من داخل عقل مشيرة، وتتوالى لتصل إلى نهاية مدهشة تترك القارئ أمام مشهد ختامي مفتوح للخيال.

تتمثل بنية الرواية في جملة واحدة، يتبعها تفاصيل تشريح وتفسير وتحليل لهذه الجملة، موضحة صراعًا أنثويًا عميقًا ينبع من تلك اللحظة، حيث تتنوع الانفعالات بين الشكوك والمعاناة والتناقضات، والخوف والغضب، والمغفرة والحقد، والحب والكره، والدهشة والصدمة، والأمل والإحباط.

تميزت الرواية بقدرة الكاتب على تحليل نفسية الأنثى بعمق، حيث يتقمص مشاعرها ويعيش معاناتها، حيث تعد هذه القدرة على التعبير عن مشاعر المرأة بكل تناقضاتها وانفعالاتها من أهم نقاط القوة في الرواية.

نجد أن الكاتب وحيد الطويلة في روايته "كاتيوشا" لا يعيد إنتاج الأساليب التعبيرية المعروفة، بل يقدم طرقًا تعبيرية جديدة وغنية تضفي نكهة فريدة على الكتابة، حيث تتناول الرواية تفاعلات النساء وخيوط العلاقات الممتدة التي تربطهن ببعضهن، مع سؤال مركزي في الرواية يدور حول مفهوم العدالة الإنسانية، من خلال الحوارات المميزة التي تثير الكثير من التساؤلات.


إن قصة "كاتيوشا" ليست مجرد رواية عابرة، بل هي رحلة عميقة في أعماق النفس البشرية، وبأسلوبه السلس والشيق، ينجح وحيد الطويلة في أن يجعلنا نشعر بكل ما تشعر به بطلة الرواية، وكأننا نعيش معها كل لحظة من لحظات الألم والخسارة.

تغوص رواية "كاتيوشا" في أعماق النفس الأنثوية، ترسم لوحة بانورامية لمعاناة المرأة جراء الخيبات العاطفية. يكتب وحيد الطويلة ببراعة، متقمصًا شخصية المرأة لتوصيل آلامها وهمسات قلبها المكسور. ففي عالم حيث يجهل الرجل عمق جراح المرأة، حيث يبني الكاتب جسراً من الكلمات، يربط بين قلوب القراء وقلب بطلته، إنه كمن ينحت تمثالاً من الألم، يظهر فيه بوضوح معاناة المرأة وكفاحها من أجل البقاء.

تُصور الرواية المرأة ككائن مركب، تتأرجح بين رقة الفراشة وعاصفة الهوجاء، تنتقل بنا من عالم الأحلام الوردية إلى عالم الواقع القاسي، حيث الخيانة والجرح العميق، تجعلنا نشعر بألم البطلة، ونعيش معها لحظات ضعفها وقوتها، إنها ليست مجرد قصة حب فاشلة، بل هي رحلة استكشاف للذات، رحلة بحث عن الهوية والمعنى.

وتتميز رواية "كاتيوشا" بلغة شعرية رقيقة، تعكس عمق تفكير البطلة. إنها امرأة حكيمة، تخفي وراء كلماتها البسيطة معاني عميقة. تضع القارئ أمام لغز، تدعوه إلى الفك والتحليل.

ومن أجواء الرواية، نجد أن الطويلة يعبر عن مكنون نصوصه بطريقة ساحرة وكاشفة، حيث يقول: في المقابر، يلملم حفارو القبور أو المكلفون بالدفن عظام من توفى من قبل، يضعونها على جنب ليفسحوا للجديد، لكنهم حين يرّون عظاما تضيء في ظلام القبر، يعرفون أن صاحبتها أو صاحبها قد مات على قصة حب، مات بالعشق، لذا لا يحركونها من مكانها ولا يدفنون أحداً فيه من بعد.
أنت تعرف أن كل امرأة تقريباً تريد أن تربط رجلاً من ساقيه، وبيدها جملة وحيدة، جملة تشترك فيها غالباً كل النساء في العصر الحديث "الاهتمام لا يطلب" أجمل شيء عند المرأة هو الاهتمام، أهم فقرة في الحب، الرجل الذي يهتم يربح في النهاية حتى ولو كان نصابًا ظريفًا. نحن النساء في النهاية نتمنى أن يكون الرجل قد قطع سبع شوارع قبل أن يشترى لنا هدية عيد الميلاد، الحب فى خطواته التي مشاها لا في الهدية نفسها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved