قضاة عن «فساد الزراعة»: لا تصالُح فى الجريمة.. وموقف رجل الأعمال والوسيط أقوى من هلال وقدح

آخر تحديث: الأربعاء 9 سبتمبر 2015 - 10:42 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ أحمد الجمل:

- السيد: عقوبة الوزير السابق قد تصل للمؤبد.. وقانون التصالح الجديد يسرى فقط على «اختلاس المال العام والعدوان عليه»

- أندراوس: المادة 107 مكرر تنقذ الجميل وفودة إذا اعترفا.. وحسان: المساءلة السياسية لا التأديبية للوزراء

أثار اتهام وزير الزراعة المستقيل صلاح هلال ومدير مكتبه ورجل أعمال ومنتحل صفة صحفى بارتكاب جريمة الرشوة لتسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة، تساؤلات فى الشارع والأوساط السياسية حول التكييف القانونى للاتهام الموجه للوزير ومدير مكتبه محيى قدح (المتهمين بتلقى الرشوة) والمتهمين الآخرين المنسوب إليهما دفع الرشوة والتوسط فيها، وكذلك عن جواز التصالح فى الجريمة وإعادة الأموال خاصة فى ضوء تعديلات قوانين الكسب غير المشروع والاعتداء على المال العام.

أوضح المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات الأسبق أن جريمة الرشوة التى يتناولها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، يستحيل فيها التصالح تماما، لكن ما يمكن التصالح فيه هو جريمة الاختلاس من المال العام والعدوان عليه المنظمة بالباب الرابع من الكتاب الثانى فى القانون وفقا للقانون 16 لسنة 2015، حيث إن الرشوة جريمة مخلة بالشرف ولا يجوز التصالح فيها بأى حال من الأحوال.

وأضاف السيد أن جريمة اختلاس المال العام تختلف عن الرشوة تماما، فالتعديلات الأخيرة لقانون الإجراءات الجنائية سمحت للدولة بالتصالح فى الجرائم المتعلقة بالمال العام من قبل رجال الأعمال أو ممن ليست لهم صفة وظيفية بالدولة ولا ينطبق عليهم صفة «الموظفين العموم» والتى تشمل كل من يشغل وظيفة مدنية ويتقاضى أجرا من أموال الدولة، ويعتبر رجال الدين أيضا من الموظفين العموم طبقا للمادة 5 من قانون العقوبات 74 لسنة 1936، أما كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيرة عطية أو هدية لأداء عمل من الاعمال المكلف بها أو للامتناع عنها يصبح مرتشيا، ولا تصالح فى هذه الجريمة.

وزاد بأن «جريمة الرشوة تتحقق عن طريق الأخذ والطلب المقترن بمنفعة التى يحصل عليها الموظف جراء فعله أو امتناعه عن فعل معين من أعمال وظيفيته مع الإخلال بمهام الوظيفة مقابل الفائدة التى ستعود عليه» مشيرا إلى أن «العقوبة يمكن أن تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وفقا للمادة 103 من القانون، وتتحدد مدة السجن حسب الضرر الذى ترتب على الجريمة، طبقا للمادة 108 من القانون التى تنص على أنه اذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل یعاقب علیه القانون بعقوبة اشد من العقوبة المقررة للرشوة».

وأكد السيد أن الأصل فى المتهم هو البراءة حتى تثبت إدانته ومهما كانت الأدلة المتوافرة أمامنا، فعلينا انتظار حكم القضاء وعدم استباق الأحداث.

بينما قال المستشار عادل أندراوس، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، إن قانون العقوبات یحكم فى جمیع الأحوال بمصادرة ما یدفعة الراشى أو الوسیط على سبیل الرشوة، ويعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى.

وأكد أندراوس أن موقف الراشى والوسيط فى أى قضية رشوة، بما فى ذلك قضية فساد الزراعة التى تشغل الرأى العام حاليا، يكون أفضل من موقف الموظف العام المرتشى، لأن المادة 107 مكرر تنص على إعفاء الراشى أو الوسيط (رجل الأعمال أيمن الجميل والوسيط محمد فودة) إذا اعترفا بارتكاب الجريمة قبل المحاكمة أو أثناءها، أو أخبر السلطات عن الجريمة قبل وقوعها، وأن هذا يدفع معظم الراشين بالاعتراف للإفلات من العقوبة ودفع مبلغ الرشوة فقط.

وأضاف أندراوس أن «القضاة طالبوا أكثر من مرة بتعديل نص هذه المادة حتى لا يفلت الراشى من العقوبة بمجرد اعترافه بها وإرشاده عن المرتشى، لكن هذا الرأى قوبل بالرد بأن فلسفة جريمة الرشوة تتأسس على احترام الموظف العام لوظيفته وبالتالى فهو الطرف الذى لا يمكن التغاضى عن انحرافاته بعكس الطرف الآخر الذى يمكنه التحرك لمصلحته بالمخالفة للقانون، ويفترض فى الموظف العام النزاهة أكثر من أى شخص آخر بالدولة».

وأكد أن وقف الموظف أو المسئول عن العمل مؤقتا للبحث فى مخالفة إدارية أو جنائية لا يحول دون مساءلته عن جريمة رشوة فى حالة اقترافها أثناء أدائه وظيفته، موضحا أن الاستقالة لا تجعله يعامل كمواطن عادى لأن العبرة بوقت ارتكاب الجريمة وبالتالى تنطبق مواصفات الجريمة عليه، مشيرا إلى أن القانون يشترط بالمنفعة أن تكون محددة فلا يمكن القبول بعرض الراشى منفعة على المرتشى دون تحديد لها، فيجب أن تكون معينة، وتدخل النقود والعقارات وكذلك المأكولات ضمن هذه المنافع، لإثبات الركن المادى لجريمة الرشوة، أما الركن المعنوى يتحقق بالعلم بغرض هذه العطية أو الرشوة.

فيما أوضح المستشار د. إسلام إحسان نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية لـ«الشروق» أن الشق التأديبى للجريمة لا يسقط باستقالة الموظف العام، وبالتالى يجوز تتبع الموظف تأديبيا بعد تركه الخدمة ومساءلته تأديبيا لمدة خمس سنوات من تاريخ تركه الخدمة حتى لو كان التحقيق معه تأديبيا قد بدء قبل تركه الخدمة، أما إذا كان التحقيق قد بدء قبل استقالته أو تركه الخدمة عموما فيجوز تتبعه ومساءلته تأديبيا.

وأضاف أن «النيابة الإدارية فى هذه الحالة تنتهى إلى إحالته إلى المحكمة التأديبية التى توقع عليه عقوبة الغرامة لا تجاوز عشرة أضعاف أجره الوظيفى» لافتا إلى أن «قانون الخدمة المدنية الجديد أجاز أن يتم تحصيل الغرامة المحكوم عليها من خلال الخصم من المعاش فى حدود ربع المعاش شهريا».

وأشار إلى أن ذلك ينطبق على الموظفين الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية حتى درجة وكيل أول وزارة، وبالتالى فإن الوزير المقال أو السابق لا تنطبق عليه تلك الأحكام، إنما يسأل سياسيا بالعزل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved