هل صانعو الفن باستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعى «مبدعون» أم «لصوص إبداع»؟

آخر تحديث: الجمعة 10 فبراير 2023 - 9:24 م بتوقيت القاهرة

كتبت ــ منى غنيم:

ــ «أمازون» توقف نشر كتاب جديد للأطفال استعان بالذكاء الاصطناعى

فى أعقاب نشره عبر موقع أمازون لبيع الكتب، أثار كتاب جديد مُوجّه للأطفال ــ قام بإنشاءه شخص أمريكى يُدعى عمار ريشى بالاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعى فى كتابة المحتوى وتقديم الرسومات الإيضاحية ــ جدلًا واسعًا فى أوساط الفنانين فى الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص انتهاك حقوق الملكية الفكرية والنشر.
وكشف «ريشى» عن أن الفكرة جاءت له بعد أن قام بقراءة قصة ما قبل النوم لابنة صديق شخصى له، ومن ثمّ طرأت له فكرة كتابة قصته الخاصة، وقال «ريشى»، الذى يعمل كمدير للتصميم فى شركة مالية تكنولوجية مقرها فى مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، إن لديه خبرة قليلة جدًا فى مجالات الرسم التوضيحى والكتابة الإبداعية لذلك لجأ إلى أدوات الذكاء الاصطناعى من أجل كتابة الكتاب.
وفى ديسمبر الماضى، استعان «ريشى» بروبوت الدردشة الجديد الخاص بالمواقع التكنولوجية المتقدمة التى تتعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعى على غرار OpenAI وChatGPT لكتابة قصة للأطفال بعنوان «أليس وسباركل» وهى قصة عن فتاة صغيرة تُدعى «أليس» تسعى للتعرف على عالم التكنولوجيا بمعاونة صديقتها الآلية أو الروبوت «سباركل»، ومن أجل إنشاء الرسوم الإيضاحية لجأ «ريشى» لاستعمال منصة Midjourney التى تُمكن الفرد من إنشاء رسومات وأعمال فنية عبر استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعى.
وبعد 72 ساعة فقط تمكن «ريشى» من إنهاء كتابه وقام بنشره عبر منصة أمازون الرقمية لبيع الكتب، وقد فوجئ فى اليوم التالى باستلام نسخة ورقية مجانية من كتابه كهدية تم إعدادها عبر خدمة رقمية أخرى تابع لأمازون تُسمى KDP.
وقال إنه لم يدفع شيئًا لإنشاء الكتاب ونشره، على الرغم من أنه كان يدفع مقابل مادى للاشتراك فى منصة Midjourney تبلغ قيمته 30 دولارًا فى الشهر.
وانطلاقًا من سعادته بنجاح مشروعه الصغير ونتائجه غير المتوقعة، شارك «ريشى» التجربة مع الجمهور عبر سلسلة تغريدات عبر تطبيق «تويتر» اجتذبت أكثر من 2000 تعليق و5800 إعادة تغريد.
وأوضح «ريشى» أنه تلقى فى البداية ردود فعل إيجابية من المستخدمين الذين أشادوا بإبداعه، بيد أنه فى اليوم التالى مباشرة تلقى عدة ردود مليئة بالنقد اللاذع والعنف على غرار: «أنت حثالة» و«نحن نكرهك»، وقد صُدم من نبرة الكراهية تلك تجاه ما كان من المفترض أن يكون هدية شخصية لطفلة صديق له.
وقال «ريشى» إنه بدأ يبحث عن السبب الرئيسى وراء تلك التعليقات الغاضبة فوجد أنه قام بإصابة «وتر حساس» لدى بعض الفنانين الذين يرون بأن صانعى الفن الحديث عن طريق تقنيات الذكاء الاصطناعى إنما هم فى حقيقة الأمر «لصوص إبداع» يسرقون أعمالهم بدون وجه حق؛ حيث يزعم بعض الفنانين أن فنهم قد تم استخدامه بدون موافقهتم لتعليم وتدريب أنشطة الذكاء الاصطناعى على إنشاء الصور مثلما يحدث عبر منصة Midjourney حيث يمكن لمستخدمى الخدمة بسهولة إدخال أسماء الفنانين فى محركات البحث ثم طلب الذكاء الاصطناعى أن ينشأ رسمة جديدة باتباع أسلوبهم الخاص فى الرسم.
وقد أثار تحديث خاص بتطبيق تحرير الصور Lensa AI العام الماضى جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعى بعد أن أطلقت الشركة تحديثًا جديدًا يستخدم الذكاء الاصطناعى لتحويل صور السيلفى للمستخدمين إلى أعمال فنية، مما دفع الفنانين إلى تسليط الضوء على مخاوفهم بشأن برامج الذكاء الاصطناعى التى تستلهم منها عملهم بدون إذن أو أجر.
وقال «ريشى» تعقيبًا على تلك الردود: «هذا صراع طويل الأمد وقائم بالفعل لم أكن أعلم عنه شيئًا حتى تلك اللحظة»، وأضاف: «لقد أدركت أن تطبيق Lensa كان المحرك الرئيسى وراء اشتعال تلك الأزمة بسبب كونه تطبيقًا شائعًا للغاية، وأنا الآن من يدفع فاتورة الكراهية واللوم»، وأضاف: «لقد صدمت بحق، وبصراحة لم أكن أعرف كيف أتعامل مع تلك المشكلة».
وبيّن «ريشى» أن بعض المعلقين كان لديهم مخاوف معقولة وصحيحة، وأنه اقتنع بوجهة نظرهم بسبب أسلوبهم الحضارى فى النقاش، وقال: «هؤلاء هم الأشخاص الذين أردت التعامل معهم حقًا ؛ فقد قدموا لى منظورًا مختلفًا حول معنى حقوق الملكية للفنان»، وأضاف: «لقد كنت سعيدا فحسب بردود الفعل الإيجابية وسرعة انتشار كتابى الجديد لكننى أردت أن أسمع من الناس الذين لم يكونوا على نفس مقدار السعادة فى محاولة لفهم طبيعة مشكلتهم مع ما قمت به».
وقد أضاف «ريشى» إلى سلسلة محادثاته عبر «تويتر» التماسًا موجهًا للقائمين على تطبيقات صناعة الصور باستعمال أنظمة الذكاء الاصطناعى؛ حيث دعاهم لإشراك الفنانين فى أعمالهم لأن ببساطة هم حجر الأساس الذى يستقى منه الذكاء الاصطناعى المعلومات، كما شدد على أن موهبتهم ومهاراتهم وعملهم الجاد يجب أن تُلاقى بالاحترام والتقدير.
وذكر أنه يتفهم الآن سبب غضبة الفنانين عليه بسبب حقوق الملكية والنشر؛ لأن منصة Midjourney لا تضع أية قيود للمستخدمين فى مراحل إنشاء الصور المختلفة، وقال إنه يعتقد أن بعض الكراهية «قد تم توجيهها بشكل خاطئ» تجاهه وتجاه مشروعه الذى قام فى الأصل على نية حسنة.
وفى أعقاب ذلك الجدل الدائر، قام موقع أمازون بإزالة كتاب «ريشى» لفترة وجيزة من قائمة المبيعات فى الفترة ما بين 6 وحتى 14 من شهر يناير الماضى، وقال «ريشى» أنه تمكن من بيع 841 نسخة من الكتاب فقط قبل إزالته، نقلًا عن موقع «انسايدر».
ودفاعًا عن التطبيقات التى تلجأ لاستعمال الذكاء الاصطناعى فى خلق الصور والتى انتشرت بشكل ملحوظ مؤخرًا قال مؤسس تطبيق Midjourney، دايفيد هولز: «أولا عدد قليل جدًا من الصور يتم استخدامها عبر منصتنا لأغراض تجارية فهى فى الأساس للاستخدام الشخصى وثانيًا فجميع البيانات الخاصة بجميع أنظمة الذكاء الاصطناعى حول العالم مستمدة فى الأساس من بيانات منشورة بالفعل بشكل مجانى عبر الإنترنت ومتاحة للجميع».
وقال «ريشى» إنه لا يرى نفسه كاتبًا، ولكن بالأحرى مبدعًا؛ لأن الكاتب الحقيقى الذى قام بتأليف القصة هو الذكاء الاصطناعى وهو أيضًا الرسام الذى قدم الرسومات الإيضاحية.
ومن بين الصعوبات التى واجهها «ريشى» فى إخراج العمل كان حقيقة أن أمضى عدة ساعات فى تعديل المدخلات عبر تطبيق Midjourney لمحاولة الحصول على رسوم توضيحية متسقة وثابتة؛ فعلى الرغم من نجاحه فى إنشاء صورة موحدة لبطلته «أليس» لتظهر فى جميع أنحاء الكتاب، إلا أنه لم يكن قادرًا على فعل الشىء نفسه مع صديقتها الروبوتية فكان عليه استخدام صورة لروبوت مختلف فى كل مرة يظهر فيها.
وقال: «كان من المستحيل جعل الروبوت سباركل يبدو بشكل ثابت»، وأردف: «لقد اضطررت بسبب ذلك إلى تعديل الحبكة نفسها حيث أدرجت سطرًا فى الكتاب يقول أن سباركل يمكن أن يتحول إلى جميع أنواع أشكال الروبوتات من أجل تبرير اختلاف شكله فى الرسومات الإيضاحية».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved