ما أهمية باخموت لكل من روسيا وأوكرانيا؟

آخر تحديث: الجمعة 10 مارس 2023 - 6:13 ص بتوقيت القاهرة

بي بي سي

باخموت تحولت إلى ركام.

تعرضت هذه المدينة الصناعية الصغيرة في شرق أوكرانيا للقصف الروسي على مدى أكثر من سبعة أشهر.

وبحسب نائب عمدة المدينة أولكساندر مارشنكو، بقي بضعة آلاف من المدنيين يعيشون في ملاجئ تحت الأرض دون ماء أو غاز أو كهرباء.

وقال مارشنكو لبي بي سي إن "المدينة تقريباً دُمرت"، مضيفا أنه "لم يبق مبنى واحد دون إصابة في هذه الحرب".

لكن لماذا تقاتل كل من روسيا وأوكرانيا بشدة في هذه المدينة؟ ولماذا يقدم الطرفان أرواح العديد من الجنود للهجوم أو الدفاع عن باخموت في معركة طالت أكثر من أي معركة أخرى خلال هذه الحرب؟

خبراء عسكريون يقولون إن قيمة باخموت الإستراتيجية صغيرة. فالمدينة لا تشكل مركزاً للنقل وليست ذات ثقل سكاني كبير.

وقبل الغزو، كان ما يقارب 70 ألف شخص يعيشون فيها.

وعرفت المدينة بمناجم الملح والجبس وبمصانع إنتاج النبيذ الكبيرة. ولا تشكل أهمية جغرافية. ووصفها أحد المسؤولين الغربيين قائلاً إن باخموت "حدث تكتيكي صغير على خط جبهة أمامية يبلغ طوله 1200 كلم".

ورغم ذلك، توظف روسيا موارد عسكرية ضخمة للاستيلاء على المدينة. ويقدّر مسؤولون غربيون مقتل أو جرح ما يتراوح بين 20-30 ألفا من القوات الروسية حتى الآن في باخموت ومحيطها.

ويحتاج الكرملين إلى نصر، وإن كان رمزياً. لقد مضى وقت طويل منذ أن استولت روسيا على مدن مثل سيفيرودونيتسك وليسيشانسك. ومنذ ذلك الصيف كانت المكاسب الميدانية التي حققوها بطيئة وتدريجية.

وتحتاج روسيا إلى نجاح تروجه أمام المناصرين للكرملين في الداخل الروسي. ويقول رئيس دائرة الأمن والتعاون الأوكرانية سيرهي كوزان لبي بي سي: "إنهم يقاتلون من أجل مهمة سياسية، ليست عسكرية فقط. الروس يستمرون في التضحية بآلاف الأرواح لبلوغ أهدافهم السياسية".

ويريد القادة الروس الاستيلاء على باخموت لأسباب عسكرية أيضا، فهم يأملون أن تشكل المدينة منصة انطلاق نحو المزيد من المكاسب الميدانية. ووفق ما أشارت وزارة الدفاع البريطانية في ديسمبر، فإن الاستيلاء على المدينة "قد يمكن روسيا من تهديد مناطق أكبر مثل كراماتورسك وسلوفيانسك".

كما هناك ما يتعلق بمجموعة "فاغنر" المشاركة في قلب الهجوم على باخموت.

وراهن قائدها يفغيني بريغوزين بسمعته وبجيشه الخاص في الاستيلاء على باخموت. وكان يأمل التأكيد على أن مقاتليه يستطيعون القيام بما هو أفضل مما يقوم به الجيش النظامي الروسي. وقد جنّد آلاف المدانين ورمى مجموعات كبيرة منهم أمام الدفاعات الأوكرانية، والكثير منهم إلى حتفهم.

وإن لم يستطع النجاح هنا، سيتلاشى تأثيره السياسي في موسكو. ويتعارض بريغوزين مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وينتقد تكتيكاته، وهو يشتكي الآن من عدم حصوله على ما يكفي من الذخيرة.

وقال كوزان إن هناك صراعا سياسيا بين الرجلين في الكرملين "وموقع هذا الصراع في باخموت ومحيطها".

فلماذا تدافع أوكرانيا بشدة عن باخموت، وتخسر الآلاف من قواتها خلال قيامها بذلك؟

يقول أحد المسؤولين الغربيين إن الهدف الإستراتيجي الرئيسي هو استخدام المعركة لإضعاف الجيش الروسي: "بسبب التكتيكات الروسية، تمنح باخموت فرصة فريدة لقتل العديد من الروس".

ووفق تقديرات مصادر حلف الناتو، يموت خمسة جنود روس مقابل جندي واحد أوكراني في باخموت. ويقول سكرتير الأمن القومي الأوكراني أولكسي دانيلوف إن المعدل أعلى ذلك، ويبلغ سبعة مقابل واحد.

وتعطي أوكرانيا أيضا - مثل روسيا - أهمية سياسية لباخموت. وصنع الرئيس الأوكراني من المدينة رمزا للمقاومة. ووصفها خلال زيارته واشنطن في ديسمبر بأنها "قلعة لمعنوياتنا"، ومنح علم باخموت للكونغرس الأمريكي.

وقال إن "المعركة من أجل باخموت ستغير وجهة حربنا من أجل الاستقلال والحرية".

وماذا لو سقطت باخموت؟ قد يعلن الروس نصراً، وهذه أنباء جيدة نادرة لرفع المعنويات.

وستعاني أوكرانيا من هزيمة سياسية ومعنوية. وسيتوقف الأوكرانيون عن البكاء والدعوة لصمود باخموت على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن القليل يعتقد أن سيكون لهذا تأثير عسكري كبير. فوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قال إن "سقوط باخموت لا يعني بالضرورة أن الروس قد غيروا من وجهة المعركة".

العميد الأسترالي السابق والمحلل الاستراتيجي ميك ريان يعتقد أنه لن يكون هناك تقدماً روسيا سريعا: "الأوكرانيون… سينسحبون إلى مناطق دفاعية في مناطق في كراماتورسك جهزوها على مدى ثمانية أعوام. وتقبع المدينة على أرض أعلى وتتمتع بقدرات دفاعية أكثر من باخموت. ومن المرجح أن يكون أي تقدم في منطقة كراماتورسك دمويا بالنسبة للروس مقارنة مع الحملة على باخموت".

لذلك قد يكون الأمر الأكثر أهمية في المعركة من أجل باخموت، هو عدد الخسائر التي تكبدها كل جانب، وما قد يعنيه ذلك في المرحلة التالية من هذه الحرب.

هل ستعاني روسيا من الإصابات الكثيرة التي ستضعف قدرتها على القيام بمزيد من الهجمات؟ أم أن أوكرانيا قد فقدت الكثير من الجنود لدرجة أن جيشها سيكون أقل قدرة على إطلاق هجوم مضاد في وقت لاحق من فصل الربيع؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved