الناجون من الحرب والمنكوبون من الزلزال.. أرقام مفزعة توثق هول مأساة سوريا

آخر تحديث: الجمعة 10 مارس 2023 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

أحمد علاء

كانت مشاهد زلزال سوريا مدمرة ومؤلمة لملايين البشر الذين جنت عليهم الطبيعة، لكن لقطات فجر 6 فبراير الماضي الكابوسي لكنها لم تكن ويلات جديدة، فأولئك المنكوبين هم من رأوا بلادهم تنهار في غضون عشر سنوات وأكثر، بفعل الحرب الطاحنة.

أضاف زلزال سوريا إلى الأهوال أهوالا، وإلى انهيار البنايات مزيدا ومزيدا، حتى باتت البنية التحتية، وتحديدا في مناطق الشمال السوري، هي والعدم سواء.

ولأن الأرقام لا تكذب، فإن تلك اللغة تعكس حجم الكلفة المفزعة التي خلّفها زلزال سوريا المدمر، فقد قدَّر تقرير صادر عن البنك الدولي، بأن زلزال 6 فبراير تسبب في أضرار مادية مباشرة في سوريا تُقدر بنحو 5.1 مليارات دولار أمريكي.

- كلفة ضخمة لزلزال مدمر

التقرير الذي اطلعت عليه «الشروق»، يقول إن القيمة الحالية للرصيد الرأسمالي المتضرر والمُدمّر تُقدر بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد شملت الأضرار الواسعة النطاق 4 محافظات، يعيش فيها نحو 10 ملايين من سكان البلاد.

حلب التي يبلغ تعداد سكانها 4.2 مليون نسمة، كانت أشد المحافظات تضرراً إذ سجلت 45% من مجمل الأضرار التقديرية (2.3 مليار دولار)، تلتها إدلب (بنسبة 37% أو 1.9 مليار دولار) واللاذقية (بنسبة 11% أو 549 مليون دولار).

كما تسبّب الزلزال اللاحق الذي وقع في 20 فبراير الماضي بأضرارٍ إضافية بالمناطق الحدودية في اللاذقية وإدلب وحماة وحلب، فيما كانت إدلب واللاذقية الأشدَ تضرراً، وذكر التقرير أن استمرار الهزات الارتدادية من المرجح أن يرفع تقديرات الأضرار بمرور الوقت.

ووفق التقرير، فإن الأضرار المباشرة للمباني السكنية تمثل حوالي نصف إجمالي الأضرار في المناطق المتضررة بنسبة 48.5% من القيمة المتوسطة أو 2.5 مليار دولار)، في حين تشكل الأضرار في المباني غير السكنية مثل المنشآت الصحية والمدارس والمباني الحكومية ومباني القطاع الخاص، ثلث الأثر الإجمالي بنسبة 33.5% أو 9.7 مليارات دولار.

- بنية تحتية.. الانهيار يعرف طريقها

وتمثل الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية 18% من إجمالي الأضرار "0.9 مليار دولار"، ويشمل ذلك النقل والبنية التحتية الحيوية للكهرباء والمياه وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتشمل تقديرات الأضرار التي لحقت بالقطاع السكني وغير السكني الأضرار المباشرة التي لحقت بجميع المباني والإنشاءات، بما في ذلك مواقع الإرث الثقافي في حلب والمرقب وكوباني.

تشير هذه الأرقام إلى أضرار بالغة طالت سوريا في أعقاب الزلزال المدمر، ليفرض واقعا جديدا شديد الألم على السوريين الذين حماهم القدر من مآسي الحرب لكنه حشرهم في خانة المنكوبين من الزلزال، وتحديدا على مستوى البنية التحتية.

- أكبر كارثة منذ عقود

تحدثت "الشروق" مع مدير الدفاع السوري رائد الصالح، في محاولة لتوثيق حجم الأضرار والأعباء التي أضافها الزلزال المدمر، فقال إنّ الزلزال المدمر كان أكبر كارثة طبيعية تشهدها سوريا منذ عقود.

آثار الزلزال المدمر لم تقتصر على الأثر المباشر والضحايا التي خلفها من قتلى ومصابين وفق "الصالح" الذي أشار إلى امتداد آثار الزلزال لتشمل مختلف نواحي الحياة، من مسكن وتعليم وصحة وخدمات.

أشار مدير الدفاع المدني، إلى فقدان عشرات آلاف العوائل لمنازلها في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة خلفتها سنوات من التهجير والحرب ووجود نحو مليوني شخص في مخيمات التهجير، مع احتياجات هائلة للسكان بعد فقدانهم مصادر رزقهم، ودمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي في الكثير من المناطق ما يزيد احتمالية تفشي الكوليرا، وتهديده حياة السكان.

متأسيًّا على حال بلاده، يقول الصالح إن سوريا تعيش تحت الأنقاض على مدار أكثر من 12 عاما، هي فترة الحرب التي عانت منها البلاد، ويبدي امتعاضا مما اعتبره شعورا بالتحلي والوحدة كان مرافقا للسوريين خلال فترة الحرب الأهلية، وهو وضع مروع جعل كلفة الزلزال المدمر تتضاعف.

وفي كلفة مروعة للضربة الأولى "الحرب" والضربة الثانية "الزلزال"، يشير الصالح إلى تزايد ضخم في حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا في ظل ضعف البنى التحتية، وغياب مقومات الحياة خاصةً في المخيمات، وتهديد الكوليرا حياة السكان وعودة انتشار كوفيد 19، مع استمرار الحرب وتهديدها استقرار السكان ومصادر دخلهم.

في حديثه الممزوج بين الغضب والألم، يُطلع الصالح "الشروق" ببعض الأرقام التي توثق الوضع المأساوي على الأرض، إذ وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات قياسية، في ظل معاناة 80% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، كما أن أكثر من 90% من السوريين يعيشيون تحت خط الفقر.

وموصلا الحديث بلغة الأرقام، يقول إن سعر سلة الغذاء ارتفع بنسبة 85% عن العام الماضي، كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص.

المعاناة في سوريا لم تفرق بين الحجر والبشر، فقد الحرب بصفعاتها وضرباتها على البنى التحتية حتى سُجلت عشرات الآلاف من المباني المنهارة سواء السكنية أو الخدمية، فانتقل السكان إلى المخيمات التي تفتقد بدورها - كما يستغيث الصالح - لأدنى مقومات الحياة البشرية.

قبل الزلزال المدمر، كان عدد السوريين القاطنين في مخيمات النزوح يصل إلى مليوني شخص، ولم يكن مستغربا أن الزلزال ضاعف من حجم المعاناة الإنسانية لهؤلاء "الضعفاء".

يروي الصالح يروي مشهدا من المأساة الصحية: «أصبح المزيد من السكان الآن مشردين، بلا مأوى وبدون إمدادات طبية للناجين. ينتظر العديد من الجرحى دورهم لتلقي العلاج من الإصابات المعقدة للغاية التي حدثت بعد الزلزال وأهمها متلازمة الهرس التي تحتاج لعناية طبية فائقة، لكن هناك نقصًا في الطاقم الطبي والإمدادات الطبية».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved