من بيده أوراق اللعب الرابحة في حرب أوكرانيا؟
آخر تحديث: الإثنين 10 مارس 2025 - 12:48 م بتوقيت القاهرة
واشنطن - د ب أ
أشار مايكل فرومان رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمجلس إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع محتدم في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض مؤخرا "أوراق اللعب ليست لديك الآن. معنا ستبدأ في امتلاك أوراق اللعب".
ورد زيلينسكي قائلا: "إنني لا ألعب لعبة ورق. إنني جاد للغاية سيدي الرئيس". ويقول فرومان إنه بينما لا تعد الحرب في أوكرانيا مجرد لعبة ورق، يستحق الأمر تقدير أوراق اللعب لدى كل طرف، على وجه الخصوص لأن هذه هي الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع المفاوضات فيما سيلتقى مبعوثوه بنظرائهم الأوكرانيين في السعودية الأسبوع المقبل وما بعده.
وقال فرومان إن أوكرانيا لديها أسوأ أوراق اللعب. وكما أوضح ترامب ومبعوثوه، لا تميل واشنطن إلى دعم كييف إلى أجل غير مسمى. وأهداف ترامب الرئيسية هي الحصول على عائد من الاستثمار الذي قامت به الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا وضمان إنهاء سريع للحرب لا يتضمن توريطا إضافيا لواشنطن.
ويرى فرومان إن هذا يترك لدى أوكرانيا أوراق لعب قليلة، بما في ذلك توقيع اتفاق حيوي بشأن المعادن (يقدمه وزير المالية سكوت بيسينت باعتباره "شراكة اقتصادية") والإشادة بترامب علنا. وقد تسعى أوكرانيا أيضا إلى الحصول على مزيد من النفوذ عن طريق الحصول على المزيد من الدعم الأوروبي، لكن هذا فحسب ما يستطيع الأوروبيون تقديمه، على الأقل في الأمد القصير.
ويكفي القول إن زيلينسكي يكافح ليلعب بأوراق اللعب الضعيفة المتاحة له. وكان البيت الأبيض يتوقع الأسبوع الماضي أن يوقع اتفاقا ليمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى الثروة المعدنية الأوكرانية. وادت الضجة التي أثارها زيلينسكي في المكتب البيضاوي مع ترامب ونائبه جيه دي فانس إلى القضاء على آمال استفادة أوكرانيا من ثروتها المعدنية لدخول مناقشة أوسع نطاقا بشأن الضمانات الأمنية . وطلب من الوفد الأوكراني أن يغادر البيت الأبيض وتُرك الاتفاق دون أن يتم توقيعه.
ورغم ذلك غير زيلينسكي رأيه بعد أيام، حيث أرسل خطابا تصالحيا إلى ترامب. وشكر زيلينسكي الولايات المتحدة في الخطاب الذي قرأه ترامب بصوت عال في خطاب مشترك في الكونجرس يوم الثلاثاء الماضي، وأعلن أن أوكرانيا "مستعدة للعمل تحت قيادة الرئيس ترامب القوية للحصول على سلام يدوم" وتعهد بأن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاق معادن "في أي وقت يناسبكم".
يذكر أن أوكرانيا لديها احتياطيات كبيرة من التيتانيوم، الضروري في صناعات الطيران واستخدامات عسكرية أخرى. ويكمن أحد التحديات في أن الكثير من الثروة المعدنية تقع في المناطق التي تسيطر عليها روسيا بالبلاد أو بالقرب منها. ويتردد القطاع الخاص في الاستثمار في التعدين والبنية التحتية المرتبطة به على أراض محتلة أو قد تكون محتلة قريبا. وبرغم هذا، يقدم الاتفاق فرصة لأوكرانيا كي تلعب ورقة وتضمن أن الولايات المتحدة لها مصلحة في رخاء الاقتصاد الأوكراني.
وأوضح فرومان أن الجنرال كيث كيلوج، مبعوث ترامب لأوكرانيا وروسيا، قال في أحد أوضح التعبيرات عن السياسة الخارجية لترامب، في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مؤخرا إن نموذج أمريكا أولا في "دبلوماسية الصفقات" يضع في الأولوية "الاقتصاديات كأساس وقوة دافعة وراء الشؤون الدولية".
ويرى كيلوج انه "إذا كانت للولايات المتحدة مصلحة اقتصادية مباشرة في أوكرانيا، فإنه ستكون للولايات المتحدة مصلحة مباشرة وراسخة لحماية مصالحها الاقتصادية أيضا".
وقد استقر الوضع العسكري لأوكرانيا ببعض الطرق رغم المخاوف من أن يكون الشتاء كارثيا. لكن الجيش الأوكراني يستنفد مخزوناته من صواريخ الدفاع الجوي من طراز باتريوت.
وأوقفت إدارة ترامب مشاركة المعلومات الاستخباراتية التي تعتمد عليها أوكرانيا لحماية نفسها من الصواريخ الروسية طويلة المدى وهجمات الصواريخ وتحديد أهداف ثمينة بدقة داخل روسيا، مما يحد بشدة من قدرة أوكرانيا على القتال.
ويقول فرومان إنه بالنسبة لبوتين فإن لديه أوراق لعب جيدة، والأهم من ذلك هو أنه يعتقد أن الوقت في صالحه. حيث تسيطر روسيا على حوالي 20 % من مساحة أوكرانيا، ولم يعدل بوتين مطالبه من أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي البقاء خارج حلف شمال الأطلسي /الناتو/ و الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا.
وأضاف فرومان أنه رغم أن التقدم الروسي في ميدان المعركة كان بطيئا ومكلفا برغم مساعدة قوات من كوريا الشمالية على الأرض، شنت موسكو هجوما شديدا في السابع من مارس لاستعادة أراض في إقليم كورسك الروسي، وهو هجوم يبدو أنه اخترق الخطوط الأوكرانية ويمكن أن يعلن نهاية مناورة زيلينسكي للاحتفاظ بمنطقة تحتلها أوكرانيا في الأراضي الروسية.
ويواجه الاقتصاد الروسي معاناة، لكنه قطعا ليس على حافة الانهيار. وحصل بوتين على ورقة لعب قوية جديدة قبل أسابيع، حيث بدأت إدارة ترامب في عرض إمكانية إعادة العلاقات الأمريكية- الروسية لإبرام اتفاق سريع، وربما إبعاد بوتين عن "أفضل صديق" له، الرئيس الصيني شي جين بينج.
ولهذه الغاية صوتت إدارة ترامب إلى جانب روسيا وكوريا الشمالية في الأمم المتحدة لإحباط جهد لإدانة نظام بوتين مباشرة بسبب الحرب على أوكرانيا عام 2022.
وقال فرومان إنه لا يمكن لبوتين الاستفادة من أفضليته إلا إلى هذا الحد. فبعد ضرب وابل مدمر من الصواريخ الجوالة والباليستية الروسية للبنية التحتية الأوكرانية للطاقة في مساء السادس من مارس، أصدر ترامب تهديدا علنيا نادرا ضد روسيا عبر موقع "تروث سوشال" قائلا إنه "يدرس بجدية" فرض عقوبات ورسوم جمركية على روسيا لإجبارها على التفاوض. وسيكون للرسوم مدى محدود بالطبع.
وفيما يتعلق بالأوروبيين، فإنه . بينما تنسحب الولايات المتحدة من التزاماتها طويلة الأمد، تحاول أوروبا ملء الفراغ، لا في أوكرانيا وحدها، بل في القارة بصفة عامة.
و اختتم فرومان تقريره بالقول إن الوقت قد حان الآن لجولة جديدة من المراهنة، فالآن ليس وقت الخداع.. فما هو هدف أوكرانيا النهائي مع الولايات المتحدة وروسيا؟ وما الذي قد يراهن ترامب عليه لإبرام اتفاق يحقق سلاما عادلا ومستداما؟ وما حجم شهية أوروبا الحقيقية للإصلاح وإعادة التسليح وإرسال جنود على الأرض وطائرات في سماء أوكرانيا؟ وما الأرض التي يمكن أن ينسحب منها بوتين؟