قصة خلافات نتنياهو مع جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيلي
آخر تحديث: الأحد 10 نوفمبر 2024 - 11:28 ص بتوقيت القاهرة
عبدالله قدري
قال رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق عاموس يدلين، إن بنيامين نتنياهو يفاقم الانقسامات الداخلية مما يهدد بكارثة أمنية قد يستغلها الأعداء، خاصة مع إقالة جالانت وسط حرب متعددة الجبهات، وحذر يدلين من احتمالية إقالة نتنياهو لرئيس الشاباك والمستشارة القانونية لتعطيل التحقيقات والانقلاب على القضاء.
تكشف هذه التصريحات حقيقة الخلافات بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية في إسرائيل، والتي برزت مع إقالة نتنياهو لوزير الدفاع يوآف جالانت الأسبوع الماضي، وتصاعد خلال الحرب على غزة، إذ لم تكن الإقالة مجرد خطوة سياسية، بل تعكس صراعًا متجذرًا بين نتنياهو وجيش الاحتلال.
منذ الأيام الأولى للحرب، ظهرت الخلافات إلى العلن، حيث أُلقي اللوم على المؤسسة الأمنية بسبب هجوم "طوفان الأقصى" والإخفاقات في إدارة العمليات اللاحقة، بينما سعى نتنياهو لتجنب تحمل المسئولية الشخصية التي قد تهدد مستقبله السياسي، وفقًا لمعهد سياسات الشرق الأوسط.
ورغم أن الخلاف بين نتنياهو وجالانت تجلّى بشكل واضح خلال الحرب، إلا أن التوتر بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية يعود إلى فترة طويلة قبل السابع من أكتوبر.
-تاريخ طويل من الصراعات بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية
قبل اندلاع حرب غزة الحالية، كان كبار الجنرالات ورؤساء أجهزة الاستخبارات يتصادمون بشكل مستمر مع نتنياهو حول قضايا جوهرية، من تعاملاته مع الملف النووي الإيراني إلى توجهاته تجاه الفلسطينيين، منتقدين سياسته التي تفتقر إلى المبادرة وتعتمد على إدارة الصراع بدلاً من حله.
بدأ الخلاف بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية منذ ولايته الأولى كرئيس للوزراء في التسعينيات، حيث كان يرى كبار قادة الجيش كـ"يساريين" مستعدين لتقديم تنازلات للفلسطينيين، مما دفعه لإبعادهم عن عملية السلام في أوسلو وتجاهل نصائحهم، بحسب معهد سياسات الشرق الأوسط.
هذا النمط تكرر حتى اليوم، حيث دخل في صراع مع وزير دفاعه آنذاك إسحاق مردخاي، الذي تحداه مع رئيس هيئة الأركان السابق أمنون ليبكين شاحاك خلال حملة إعادة انتخابه عام 1999، والتي انتهت بهزيمته أمام إيهود باراك.
ووفقًا لمعهد سياسات الشرق الأوسط، هذه الهزيمة جعلت نتنياهو يعتبر الجنرالات تهديدًا سياسيًا له، ولمنع أي تحديات مستقبلية من قِبل قادة الجيش المتقاعدين الذين يدخلون السياسة، دعم حلفاؤه تمرير "قانون حالوتس" عام 2007، والذي مدّد فترة التهدئة للضباط الكبار الراغبين في دخول السياسة من 6 أشهر إلى 3 سنوات.
ورغم أن هذا القانون منع الجنرالات المتقاعدين من دخول الساحة السياسية في ذروة شعبيتهم، فإنه لم يمنعهم من تحدي سلطة نتنياهو.
في الانتخابات الأخيرة، خاض ما لا يقل عن 5رؤساء أركان سابقين الانتخابات ضده، 3 منهم في قائمة موحدة بهدف إنهاء فترة حكمه.
وكانت علاقة نتنياهو متوترة مع جميع رؤساء أركان الجيش الأحياء تقريبًا، ومع معظم رؤساء الأجهزة الأمنية ووزراء الدفاع الذين عملوا معه.
خلال العام الماضي، لعبت المؤسسات الأمنية دورًا كبيرًا في وقف الإصلاحات القضائية التي اقترحتها حكومة نتنياهو، والتي كانت تهدف لإضعاف المحكمة العليا، حيث ساهم جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي في الاحتجاجات، مما دفع وزير الدفاع يوآف جالانت للدعوة علنًا لوقف تلك التشريعات في مارس 2023.
في يوليو من نفس العام، تجاهل نتنياهو طلب لقاء رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، رغم تحذير الأخير بشأن تراجع جاهزية الجيش بسبب الإصلاحات القضائية.
وكشفت مديرية الاستخبارات العسكرية أنها أرسلت 4 رسائل تحذيرية لنتنياهو خلال ربيع وصيف 2023، تشير إلى أن أعداء إسرائيل، بما في ذلك حماس، كانوا يستغلون الاضطرابات الناجمة عن أجندة الحكومة للإصلاح القضائي.
-الخلافات مع جالانت
في يونيو، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بإنهاء الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية لليهود المتشددين.
ووافق وزير الدفاع جالانت على أوامر تجنيد الآلاف منهم، مما أثار انقسامًا عميقًا في المجتمع الإسرائيلي الذي يخدم فيه الشباب من الرجال والنساء عند بلوغ 18 عامًا.
ويرى العديد من اليهود المتشددين أن إرسال أبنائهم للجيش يهدد تقاليدهم الدينية بسبب الانفتاح على العلمانية، ومع تزايد نسبتهم إلى أكثر من 13% من السكان، تصاعدت مشاعر الإحباط لدى باقي الإسرائيليين الذين يعتبرون هذا الإعفاء غير عادل، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة.
ويرى المحللون السياسيون أن الخلاف حول التجنيد يهدد استقرار حكومة نتنياهو، التي تعتمد على دعم الأحزاب الدينية المتشددة.
-صراع حول "النصر الكامل" على حماس
في أغسطس، انتقد مكتب نتنياهو وزير الدفاع جالانت بعدما قلل الأخير من أهمية تحقيق "نصر كامل" على حماس.
ووصف جالانت الفكرة بأنها "غير واقعية" خلال إحاطة خاصة، مما أثار استياء مكتب رئيس الوزراء الذي رد باتهامه بتقويض فرص صفقة إطلاق الرهائن.
وفي بيان، شدد نتنياهو على أن الأولوية القصوى لحكومته هي ضمان أمن إسرائيل وتحقيق "نصر كامل"، متهماً جالانت بتبني روايات تضر بالمصالح الإسرائيلية.
-غياب رؤية للحرب
في مايو 2024، انتقد وزير الدفاع جالانت علنًا افتقار نتنياهو لرؤية واضحة بشأن غزة بعد الحرب، محذرًا من أن هذا الغياب يقود إسرائيل نحو خيارين سيئين: إما احتلال غزة أو السماح بعودة حماس، ما سيهدر المكاسب العسكرية ويكلف البلاد دماءً وأموالًا. واتهم جالانت نتنياهو ضمناً بوضع مصالحه السياسية فوق المصلحة الوطنية.
كما دعا جالانت ومسئولون آخرون إلى تحقيق في الإخفاقات الأمنية التي أدت لهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، وهو أمر رفضه نتنياهو، مؤكداً أن التحقيق يجب أن يُجرى بعد انتهاء الحرب عقب إقالته، وشدد جالانت على ضرورة التحقيق لكشف الحقائق واستخلاص الدروس للمستقبل.