التداوي بالغذاء.. طعام خال من الجلوتين

آخر تحديث: الجمعة 10 ديسمبر 2021 - 7:34 م بتوقيت القاهرة

طعام خالٍ من الجلوتين تعبير قد يتردد كثيرا، فلا تلقى بالا أو تتوقف عنده. لكن مريض داء سيليك يعرفه جيدا، ويبحث ويسأل عنه فى كل مكان يرتاده أو يتوقع أن يتناول فيه وجبة طعام، فقد تتحول الوجبة الشهية إلى سلسلة من العذابات الهضمية التى يعانيها الإنسان: آلام الأمعاء وتقلصاتها، نوبات إسهال متكررة وتبعاتها، مشكلات فى هضم الطعام وتراكم الغازات فى الأمعاء الرائحة الكريهة التى تصاحب تقلصات الأمعاء.
وقد لا يقتصر الأمر على ذلك بل قد يصاحبه تغيرات فى الجلد وظهور طفح جلدى وأعراض أخرى تطال الجهاز العصبى والمخ منها حالات قاسية من الصداع النصفى وتغييرات فى الحالة المزاجية، وربما القلق غير المبرر والمشاعر الاكتئابية.
فتور الهمة والتعب لأقل مجهود أيضا قد تصاحب أعراضه داء سيليك إلى جانب بعض التأثيرات على دورة الهرمونات خاصة لدى السيدات، فتتعرض الدورة الشهرية لعدم الانتظام، الأمر الذى قد يؤدى إلى العقم وتكرار الإجهاض.
لدى الفتيات نقص الهرمونات قد يؤدى لتأخر موعد بدء الدورة لاشهرية بينما لدى الرجال تتأثر الحيوانات المنوية فى عددها وأشكالها فتكثر الأعداد غير الطبيعية وغير القادرة على الإخصاب.
تتأثر أيضا عظام ومفاصل مريض داء سيليك إثر تأثر عملية بناء العظام ونموها بعد نقص عنصر الكالسيوم اللازم لها، والذى لا تمتصه الأمعاء المصابة بداء سيليك.

< ما هو داء سيليك؟
داء سيليك هو أحد التفاعلات المناعية المعروفة والتى يتأثر بها الإنسان لدرجة كبيرة، إذ تتعدد التفاعلات فى مختلف أنسجة وأعضاء لإنسان، الأمر الذى ينعكس على عمل تلك الأنسجة والأعضاء كل وفقا لطبيعته. يهاجم الجهاز المناعى الإنسان نفسه بدلا من هجومه على أعدائه من الميكروبات والجراثيم والتفاعلات المرضية المختلفة.
فى مرض سيليك يعد الجلوتين الذى يتناوله الإنسان فى طعامه دون أن يدرى هو الهدف الذى يترصده جهاز الإنسان المناعى فيبدأ فى مهاجمته لتدفع أمعاء الإنسان الدقيقة الثمن باهظا. أول ما يتأثر الأمعاء الدقيقة التى تتغير طبيعتها فتصبح غير قابلة للامتصاص الكامل للكثير ممن العناصر الغذائية.
تختلف صور سيليك من إنسان لآخر الأمر الذى معه قد يحتار المريض وطبيبه فى البداية. قد يظهر بصورة مباشرة مشيرا إلى إصابة الأمعاء أو أنه قد ينحصر فى صورة أخرى بعيدة عن الأمعاء مثل الصداع النصفى أو الإجهاد الشديد لأقل جهد مبذول، فهو بالفعل أحد الأمراض المحيرة التى قد يتم اكتشافها بالمصادفة!
الجلوتين مادة فى القمح مسئولة عن تلك اللدونة التى نلاحظها عند عجن دقيق القمح وخلطه بالماء.
الجلوتين أيضا يوجد فى دقيق الشعير ودقيق الجاودرم كما أن هناك من البشر من يعانون من حساسية القمح ذاته مما يدعو أحيانا لاختلاط الأمر بين ما يحدثه الجلوتين من أعراض وما قد تحدثه حساسية القمح.

< كيف يحدث رد الفعل لتناول الجلوتين؟
ــ هو بالفعل يحدث كأى تفاعل مناعى يحدث فى الجسم. يكون الجلوتين هو الهدف الذى إذا ما ترصده الجهاز المناعى انطلق ليهاجمه بلا هوادة. الثابت علميا الآن أن هناك مجموعة من الجينات وجودها يمهد لهذا التفاعل المناعى.
* كيفية تمكين تشخيص داء سيليك؟
ــ بداية وعند الشك فى وجود ملامح لداء سيليك يبدأ الطبيب بإجراء تحليل للدم لرصد أجسام مضادة تشير إلى تشخيص مبدئى لوجود مرض سيليك، يعقبه إجراء منظار للجهاز الهضمى لفحص الأمعاء الدقيقة، بحثا عن إصابة جدار الأمعاء بتلك التغيرات فى الغشاء المخاطى، والتى تدل على و جود المرض بالفعل. يتم أخذ عينات من جدار الأمعاء الدقيقة لفحصها تحت الميكروسكوب والتأكد من التغيرات المعروفة فى أنسجتها. تحليل الدم مع تحليل عينة الأمعاء معا هما الدليل القاطع لتشخيص داء سيليك.

< هل الامتناع عن تناول طعام يحتوى الجلوتين يعد علاجا ناجحا لداء سيليك؟
ــ نعم الامتناع عن تناول الجلوتين يؤدى إلى تحسن ملحوظ فى الأعراض بل أيضا فى أحوال الأمعاء الدقيقة وفقا لحالة كل مريض اعتمادا على سنّه، فكلما كان أصغر كلما كان الشفاء أسرع، أيضا يعتمد على حالة الأنسجة المبطنة للأمعاء ومدى إصابتها ومدة معاناته قبل اكتشاف المرض والتوقف عن تناول الجلوتين.

< قبل أن تبدأ..
التخلى عن كل ما يحتوى الجلوتين من ألوان الطعام ليس بالأمر الهين، وإن كان فى الواقع هو الحل الوحيد الذى يضمن السلامة ويخلص الإنسان من أعراض مزعجة كثيرة. هو قرار لا رجعة فيه، إذن يجب فهم كل الملابسات التى تحيط بالأمر والاستعداد لقبولها فى رضا لا مفر منه.
< يجب أن يشترك فى علاجك طبيب للأمراض الباطنية والجهاز الهضمى إلى جانب أخصائى للتغذية العلاجية فى البداية حتى يمكنك الاعتماد على نفسك فى انتهاج أسلوب غذائى سليم خال من الجلوتين.
< إذا بدأت بتناول أصناف محددة خالية من الجلوتين فإنك بالفعل قد اخترت البداية الصحيحة التى ستقودك لاكتشاف عالم بلا جلوتين.
ابدأ بتجاهل كل أنواع الطعام سابق التجهيز مثل اللحوم المصنعة واللانشون والسجق وكل ما شابهها من أصناف ثم لك أن تعدد الكثير من ألوان الطعام الطازجة والطبيعية والفواكه والخضراوات الطازجة، الأسماك، الدواجن، اللحوم قليلة الدهون، الأرز، البطاطس، المكسرات ومنتجات الألبان، من السهل أن تدرك الآن أن معظم الطعام المفيد يخلو من الجلوتين إلا أن الجلوتين إذا ظهر صريحا فى المخبوزات إلا أنه يتخفى فى العديد من ألوان الطعام التى تقد تشتهيها النفس.
< كلما شعرت بالثقة فى اختباراتك ابدأ فى إضافة أصناف من الطعام أخرى لكن تحقق من خلوها من الجلوتين.
< كن مستعدا لتلافى الأخطاء بتقبلها فى البداية، فالأمر لن يخلو من سهو أو عدم دراية بوجود الجلوتين. لا تلم نفسك كثيرا ولا تفقد صبرك بل اجعلها تجربة تتعلم منها.
< تخل تماما عن شعورك بأن فى تفادى ألوان الطعام الخالية من الجلوتين أمر مزعج أو عقاب، بل حاول دائما النظر بايجابية للأمر فتصور كيف أن ذلك ثمن ضئيل فى مقابل تحسن أحوالك الصحية والتخلص من الأعراض القاسية.

< ما هى أفضل الاختيارات لطعام بلا جلوتين؟
ــ كل الخضراوات سواء كانت طازجة أو مجمدة تخلو من الجلوتين أيضا الفواكه بلا استثناءات. لكن إذا كانت تلك الخضراوات أو الفاكهة قد أعدت فى أى صورة أخرى غير الطبيعية كأن أضيف إليها مواد أخرى لإضفاء نكهة أو إجراء أى تغيير فى صورتها كإعداد العصائر معينة أو آيس كريم أو سموزي فيجب مراجعة كل ما هو مكتوب على العلبة من معلومات أهمها خلو المنتج من الجلوتين.
ــ فى أوقات الصيف يمكنك دون خوف تناول الطماطم والفلفل والجذر والخيار والفاصوليا الخضراء وأنواع السلاطة المختلفة والسبانخ والبسلة والفاصوليا الخضراء كلها طازجة. أيضا المعلب منها خال من الجلوتين، لكن يجب أن تتمهل لتتأكد إذا ما أضيف إلى أى منها أنواع الصلصة المختلفة خاصة لأنواع السلاطة.
ــ التفاح والموز والخوخ والبرقوق والمانجو والبابايا سواء طازجة أو مجمدة أو معلبة كلها خالية من الجلوتين.
أيضا الفواكه المجففة مثل التين والمشمش والقراصيا والتى تعد مصدرا رائعا للألياف كلها خالية من الجلوتين.
ــ إذا ذكرنا الحبوب فإن الأمر يختلف: القمح والشعير والجادور كلها حبوب يحتوى الدقيق المصنع منها وكل منتجاته على جلوتين: الخبز والباستا وكل أنواع الكيك.
لكن هناك أنواع من الحبوب تخلو من الجلوتين مثل أنواع الأرز والذرة. الحبوب عامة غنية بالألياف والحديد وفيتامين B. لذا يجب دائما التدقيق ومع الوقت تتراكم المعلومات وتتأكد التجارب.
ــ ألوان الطعام خالية الجلوتين يمكن تناولها دونما خوف: الأرز الأبيض والبنى بأنواعه، الذرة ودقيق الذرة، الفشار، أنواع الخبز المصنوعة من الذرة (التورتيا). هناك أيضا أنواع من الباستا وسيريال الإفطار معدة خالية من الجلوتين. هناك أيضا أنواع من الحبوب خالية من الجلوتين مثل الكنيوا، الباك ويت، سورجام.. رسما ليست معروفة فى بلادنا لكنها معروفة فى بلاد العالم.
ــ اللحوم والسمك والبيض، المكسرات، البقوليات كلها مصادر غنية بالبروتينات ويغيب عنها الجلوتين. كلها ألوان من الطعام تحتوى العديد من مضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات أهم مصادر البروتينات الخالية من الجلوتين تعد اللحوم سواء العجول أو الخراف ثم الدواجن، لذا يجب مراعاة القدر الذى يتناوله الإنسان إذ إنها بالطبع مصادر غنية بالدهون. الأسماك وفواكه البحر تعد أيضا مصادر ممتازة للبروتينات إلى جانب البقول كالعدس والفول والفاصوليا واللوبيا، عند شراء اللحوم والدواجن والأسماك لك أن تشتريها كما هى دون إضافة أى أنواع الصلصات أو التتبيلات ففيها قدر لا يستهان به من الجلوتين.
ــ منتجات الألبان: اللبن ذاته خال من الجلوتين، منتجات الألبان قد يضاف إليها أثناء تصنيعها مواد منها الجلوتين لذا فقراءة كل ما هو مسجل على العبوات من الأمور الضرورية التى تقيك شر المغامرة.
ــ الدهون عامة خالية من الجلوتين: زيت الزيتون، الكانولا، زيت الذرة ومعظم الزيوت النباتية كلها خالية من الجلوتين، كذلك المكسرات والأفوكادو. زبدة الفول السودانى تحضر بطريقة غالبا ما يضاف إليها الجلوتين، لذا يجب الحذر وقراءة كل ما هو مدون على العبوة لمعرفة إذا ما كانت خالية من الجلوتين أو لا.
ــ السكريات: أنواع الجاتوهات، أنواع البسكويت، ألوان السكر المصنعة، الكوكيز كلها مصنعة من الدقيق من السكر.
السكر فى حد ذاته خال من الجلوتين، لكنه بالطبع يضاف للدقيق المصنوع من القمح غالبا المحتوى على الجلوتين، لذا يجب بلا شك تجاهل كل ما هو من الدقيق مصنوع.
أما السكريات مثل السكر المستخدم على المائدة، السكر البنى، السكر البودرة أو الحبيبات، العسل، شراب الميبل، شراب سكر الذرة والعسل الأسود. فكلها سكريات خالية من الجلوتين إذا ما استخدمت بمفردها.

< أين يمكن أن يختبئ الجلوتين؟
قد يبدو الجلوتين واضحا فى كل المخبوزات التى يستخدم فيها دقيق القمح والشعير، لكنه أيضا من الممكن أن يوجد فى صور أخرى مخفيا من الصعب التكهن بوجوده.
فى ألوان الكاندى التى يحبها الأطفال (الملبس)، فى ألوان اللحوم المصنعة الباردة، فى رقائق الشيبسي المصنوع من الذرة، فى بعض الأدوية، أنواع من السيريال (كورن فليكس)، فى الكثير من صلصات السلاطة، فى بعض التوابل.
هناك أيضا يمكن أن تجد الجلوتين فى طعام لا يحتوى الجلوتين أصلا لكنه جاور بعض الطعام المحتوى للجلوتين فى ظاهرة تعرف بتلوث غير مباشرة Cross Contamination.
< تذكر دائما المكملات الغذائية والفيتامينات التى قد يتسبب مرض سيليك فى فقدانه. ناقش الأمر مع طبيبك وأخصائى التغذية العلاجية حتى لا تطالك تداعيات داء سيليك نتيجة لفقدان تلك العناصر الهامة وعدم امتصاصها من الأمعاء. أيضا لأنك بل شك ستستغى عن بعض ما تعودت تناوله قبل أن تبدأ أياما تتجاهل فيها الجلوتين وكل ما يمكن أن يظهر فيه من ألوان الطعام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved