تراث مصري (11).. جمعية التضامن الأخوي

آخر تحديث: الثلاثاء 11 مارس 2025 - 10:07 ص بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

تواصل جريدة "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستوحاة من كتاب "تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، والتي تستعرض المعالم التراثية التي تركت بصمتها في التاريخ المصري.

في هذه الحلقة، نسلط الضوء على جمعية "التضامن الأخوي" التي ظهرت لأول مرة في الإسكندرية، حيث أسسها أحمد رمضان زيان، المعروف بلقب شيخ مجاهدي الإسكندرية.

ساعده في تأسيس الجمعية كل من الدكتور ياقوت السهوري، ويعقوب صبري الموظف بمدرسة رأس التين، وعبد الله حسن عوض الموظف بالجمارك، ومحمد عوض جبريل مراسل جريدة الأهرام، وإبراهيم أنيس الموظف بسكة حديد الدلتا.

ركزت الجمعية منذ تأسيسها على ضم أعضاء جدد ونشر أهدافها، وكانت عملية الانضمام تتم بآلية خاصة، حيث كان يُصطحب العضو الجديد إلى منطقة مهجورة مثل كوم الشقافة أو كوم الدكة أو محرم بك، معصب العينين، وهناك تتم إزالة العصابة عن عينيه ليشاهد الأسلحة والجماجم وأطراف الموتى، فيقسم على الإخلاص للجمعية واضعًا يده على المصحف، في اختبار لشجاعته وقوة تحمله.

لعبت الجمعية دورًا في دعم الثوار في طرابلس عام 1910، حيث جمعت الأموال والعقاقير الطبية والمؤن والذخيرة وأرسلتها إليهم.

كما ساعدت الشيخ عبد العزيز جاويش والنائب عبد اللطيف الصوفاني في التواصل مع قادة الجيش التركي لتنظيم وسائل الدعم. وعقب اندلاع الحرب العالمية الأولى وفرض الحماية البريطانية على مصر، اعتبرت الجمعية السلطان حسين كامل ومعاونه حسين رشدي من الخونة، ووضعت خطة لاغتيالهما.

وفي أثناء مرور موكب السلطان حسين بعربته المكشوفة في شارع رأس التين، ألقى عضوان من الجمعية، هما الهلباوي ومحمد شمس الدين، قنبلة على الموكب، إلا أنها لم تنفجر، مما أدى إلى القبض على جميع أفراد الجمعية.

صدر حكم بالإعدام بحق الهلباوي وشمس الدين، ثم خفف إلى الأشغال الشاقة، فيما حُكم ببراءة بقية الأعضاء لعدم كفاية الأدلة، إلا أن بعضهم وُضع في المعتقلات، ونُفي آخرون إلى مالطة.

أنفق أحمد رمضان زيان ثروته التي بلغت مائة ألف جنيه على نشاط الجمعية، وهو مبلغ ضخم بمعايير ذلك العصر، كان من الممكن أن يجعله من الأعيان الأثرياء، لكنه اكتفى في نهاية المطاف بامتلاك محل بقالة لكسب قوته. أما الدكتور ياقوت السهوري، فقد هاجر إلى الخارج بعد كشف أمر الجمعية ومحاكمتها، واستكمل دراسته ليصبح طبيبًا، وعاد إلى مصر لإنشاء مستشفى خاص لخدمة الفقراء أمام سجن الحضرة، أسماه "مستشفى محمد فريد"، ليظل رمزًا للحرية في مواجهة الاستبداد.

اقرأ أيضا
تراث مصري (10).. سيد باشا داعم الفدائيين

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved