عبد الرحمن الأبنودي والقضية الفلسطينية.. كيف جعل الخال من شعره سلاحًا في وجه الاحتلال؟
آخر تحديث: الجمعة 11 أبريل 2025 - 5:59 م بتوقيت القاهرة
محمد حسين
تحل في 11 أبريل ذكرى ميلاد عبد الرحمن الأبنودي، الشاعر الذي لم يكن لسانًا للمصريين فقط، بل صارت قصيدته ملجأ للوجدان العربي، وصرخة ضد الظلم والاستعمار، وخصوصًا في القضية الفلسطينية التي احتلت قلبه وشعره وموقفه طوال عقود، وذلك وفقًا لما ورد في كتاب الوطني والقومي في تجربتي عبد الحليم حافظ وعبد الرحمن الأبنودي لحسن عبد الله.
مسيح القدس: حين بكى الشعر على جدران المدينة المقدسة
تجسدت أولى تجليات انحياز الأبنودي لفلسطين في قصيدته الشهيرة "مسيح القدس"، التي كتبها بعد احتلال المدينة المقدسة عام 1967، وعبّر فيها عن مآسي المقدسيين ومعاناتهم تحت نير الاحتلال، وناجى فيها العالم العربي والإنساني بلسان جريح وأمل مكسور. وهذه القصيدة شكّلت امتدادًا طبيعيًا لتوجه الأبنودي القومي وارتباطه العاطفي والإنساني بالقضية الفلسطينية.
وغنّى عبد الحليم حافظ هذه القصيدة، فصارت صوتًا لفلسطين يُبث في إذاعات العالم، وتُرفع به راية القدس في زمن الانكسار. لم تكن القصيدة فقط حالة شعرية، بل موقفًا مقاومًا بصوت الفن العربي.
كما أشار حسن عبد الله في كتابه إلى أن الأبنودي وعبد الحليم قدّما معًا واحدة من أبرز صور الالتحام بين الأغنية الوطنية والفعل السياسي القومي.
الانتفاضة وشهيد الكاريكاتير: الموت على الأسفلت
بعد انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987، كتب الأبنودي ديوانه "الموت على الأسفلت"، وأهداه إلى الشهيد ناجي العلي. كان الديوان تعبيرًا صادقًا عن غضب الحجر الفلسطيني وكرامة الأرض المحتلة.
وفقًا لما ورد في كتاب حسن عبد الله، فإن الأبنودي رأى في الانتفاضة لحظة فاصلة لا تحتمل الحياد، واختار أن يكون جزءًا من فعلها المقاوم بالكلمة.
كتب الأبنودي عن الطفل الفلسطيني "أدهم"، الذي يركض على الأسفلت، يرمي الحجارة، ويحمل الشهداء، بينما يكتفي الآخرون بالغناء. أدهم، في نظر الأبنودي، كان تجسيدًا للفعل النقي.
وقد أشار المؤلف إلى هذه الصورة بوصفها نموذجًا شعريًا للمسافة الفاصلة بين الكلام والدم، بين الموال والمقاومة.
غالب هلسا: الأبنودي شاعر القضية... وشاهد على زمنها
قدم الروائي الأردني غالب هلسا ديوان "الموت على الأسفلت" بتقديم تحليلي معمق، وصف فيه الأبنودي بأنه من مؤسسي الحداثة في شعر العامية، بفضل لغته الخاصة وتكوينه الوطني.
ووفقًا لما نقله حسن عبد الله، فإن هلسا رأى أن الأبنودي جمع بين طفولة الروح ووعي الفعل، فجعل من القصيدة مساحة للرفض والتحدي.
شاعر لا يخذل العروبة
ظل الأبنودي حتى وفاته وفيًا لفلسطين، رافضًا المتاجرة بقضيتها أو استغلالها شعاراتيًا. كتب عنها بشرف، واحتفظ لها بمكانها في قلبه وفي شعره.
كما أكد حسن عبد الله في كتابه، فإن الأبنودي لم يخذل العروبة أبدًا، بل ظل حتى النهاية حاملًا لواء القومية بالموقف والكلمة.