العمّالة غير الرسميّة في موريتانيا تأمل في مستقبل أفضل قد لا يأتي قريبا والبعض يتّجهون للعمل الحرّ

آخر تحديث: السبت 11 مايو 2024 - 10:25 م بتوقيت القاهرة

وكالة أنباء العالم العربي

قبل عامين، بدأ الموريتانيّ بلال ولد محمود مشواره في مجال التجارة الحرّة بالعاصمة نواكشوط، بعد أن عمل لسنوات في شركة خاصة أنهت خدمته لمطالبته بتأمين صحيّ له وأسرته وزيادة في الراتب.

يملك بلال بسطة لبيع الفاكهة في السوق الشعبي وسط نواكشوط، تُدرّ عليه دخلا شهريا يصل إلى نحو 100 ألف أوقية قديمة (حوالي 280 دولارا أميركيّا)، وهو ما يعتبره "أفضل من ما يسمّيها "العبودية التي يمارسها أرباب العمل في موريتانيا على الشغيّلة (العمّال)".

ولا يستطيع بلال أن يمحو من ذاكرته ذلك اليوم الذي فُصل فيه من عمله؛ فهو اليوم ذاته الذي طلب فيه من صاحب الشركة التي كان يعمل بها التأمين الصحيّ وزيادة الراتب بسبب مرض ابنه الذي كان يحتاج إجراء جراحة بمبلغ لم يتوفر معه حينها.

وقال بلال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "بعد عمل دؤوب وإخلاص لسنوات طويلة... كانت صدمتي كبيرة عندما تلقّيت إشعارا بفصلي من العمل بسبب طلبي البسيط".

وتُعدّ العمالة غير الرسميّة في موريتانيا ظاهرة واسعة الانتشار، حيث يعمل آلاف الموريتانيين في أسواق أو محال تجاريّة أو شركات خاصة أجورها متدنيّة ولا توفّر تأمينا صحيّا حتى في الحالات الطارئة.

* حقوق مسلوبة
وبحسب نقابات عمّاليّة، فإن شريحة واسعة من هؤلاء العمال يواجهون تحديات كبيرة في ظلّ ظروف صعبة يعملون فيها، حيث لا تكفي الأجور التي يحصلون عليها في أغلب الأحيان لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

بلال، الذي قال إنه لم يحصل حتّى على حقوقه الأساسية كعامل عند فصله من وظيفته "فصلا تعسّفيّا دون سابق إنذار" يرى أن هذه التجربة تعكس واقع الكثير من العمّال في موريتانيا، والذين يعملون بدون عقود رسميّة.

وفي بعض الأحيّان، يضطر بعض هؤلاء العمال للانتظار لأشهر قبل أن يحصلوا على رواتبهم وأجورهم التي تتأخر، وهو الأمر الذي يمثّل عبئا إضافيا يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليهم.

الموريتاني الصدّيق أحدُ هؤلاء، حيث لم يتلقّ راتبه منذ أكثر من ثلاثة أشهر؛ وقال في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي إنّ الشركة التي يعمل فيها كانت دائما تُماطل وتعده بسداد مستحقّاته في وقت لاحق، مبرّرة ذلك بأنّ مراجعات حسابيّة تجريها تؤخّر صرف الراتب.

وأوضح الصدّيق أنّ هذا السيناريو تكرّر للمرّة الثانية هذا العام، ما دفعه إلى وضع ماديّ صعب للغاية، قائلا إنّ "تأخّر صرف الراتب يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي أواجهها، حيث يصبح من الصعب تلبية احتياجاتي الأساسيّة واحتياجات أسرتي".

* أفق مُظلم
ولا يبدو عبد الله المومن، النقابي في الكوفندرالية الحرة لعمال موريتانيا، متفائلا بمستقبل أفضل للعمال، الذين يعتبر أن أوضاعهم "في تدهور من سيء إلى أسوأ".

وقال المومن في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ "العمال في موريتانيا يعانون من تدني الأجور وعدم توفرهم على عقود رسميّة تحميهم عند الحاجة... وضعهم الحالي يعكس واقعا مؤلما يستدعي التصدي له بكلّ جديّة وحزم".

أضاف "من المؤسف أن نرى كيف تدهور وضع العمّال في موريتانيا دون أن تستجيب الحكومة بالشكل المطلوب... العمّال في موريتانيا هم عماد الاقتصاد وروح التنمية؛ ومع ذلك، يبدو أنّ الحكومة لا تولي مطالبهم الضرورية الاهتمام اللازم".

لكنّ الحكومة الموريتانية لا تتفق مع هذه "الصورة السوداويّة" التّي ترسمها النقابات عن وضع العمال الاقتصادي والاجتماعي، وتقول إنها حقّقت لهم مطالب كثيرة في السنوات الأخيرة.

في هذا الإطار، قال وزير الوظيفة العمومية والعمل الموريتاني سيدي يحيى شيخنا لمرابط في كلمة ألقاها مطلع هذا الشهر بمناسبة يوم العمّال إنّ قطاعه أحرز مكاسب مهمّة لصالح العمّال "تستحقّ الإشادة والتنويه".

وذكر الوزير الموريتاني أنّ الجهود الحكوميّة انصبّت على "توفير المعيشة اللائقة للشغّيلة، وخاصة الفئات الأقل دخلا... تمّت زيادات معتبرة للأجور، شملت كل القوى العاملة، بما فيها الحدّ الأدنى للأجور؛ كما تمّت زيادة الإعانات العائليّة".

كما أشار الوزير إلى زيادات كبيرة في معاشات التقاعد وتيسير وسائل صرفها "سعيا إلى توفير العيش الكريم لفئة المتقاعدين، وتخفيف الأعباء المعيشيّة عنهم".

وقال إنّ العمل جار أيضا على مراجعة القانون المحدد لنظام معاشات التقاعد المدنيّة من أجل مزيد من التحسين ومواكبة المتغيرات ذات الصلة "مما سيكون له أثر إيجابي على حياة المتقاعدين".

ولا تتطرق هذه الإجراءات للعاملين بشكل غير رسمي دون عقود عمل محددة البنود أو تغطيات تأمينية، سواء كان ضمانا اجتماعيا للحصول على معاش تقاعد، أو تأمين صحيّ يغطي الحالات المرضية خلال الخدمة أو بعد انتهائها ببلوغ سنّ التقاعد.

(الدولار الأميركي يُساوي 357 أوقية موريتانية قديمة تقريبا)

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved