الإتيكيت الإسلامى.. فن الذوق وإرضاء الرب
آخر تحديث: السبت 11 أغسطس 2012 - 11:36 ص بتوقيت القاهرة
كتب ــ عبدالرحمن مصطفى:
حين ألقت المهندسة إيمان مجدى أول ورشة تدريبية لها قبل عامين، اختارت أن يكون موضوعها عن «الاتيكيت الإسلامى»، وهى تصف ذلك قائلة : «كانت تشغلنى الاتهامات الموجهة إلى الملتزمين دينيا، عن أن بعضهم يفتقد اللباقة واللياقة، فاستخدمت ما لدى من خبرة فى العلوم الشرعية، ووجدت ضالتى فى أن أقدم تدريبا عن فن الذوق والإتيكيت حسب تعاليم الإسلام، فى شكل تدريب دون وعظ».
تعمل إيمان مجدى مهندسة معمارية منذ سنوات، وقبل عامين، بدأت العمل مع فريق (أنوار رسالة-المهندسين)، وهو فريق ذو صلة بجمعية رسالة الخيرية، وهدفه تقديم ورش تدريبية للشباب من الجنسين فى مجالات متعددة. وترى إيمان مجدى أن «الإتيكيت ليس بعيدا عن الدين، فكثيرا من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية توضح كيفية التعامل فى كل الحركات والسكنات». بعض هذه النصوص استخدمتها فى ورشتها التدريبية عن الإتيكيت الإسلامى، منها نصوص تتعرض تفصيلا لضوابط الأكل والشرب والضيافة وغيرها من الممارسات اليومية، وتضرب مثالا بكتاب «الأدب المفرد» الذى جمع فيه الإمام البخارى ما يخص الآداب الإسلامية من أحاديث نبوية تشكل نمط حياة الفرد المؤمن، كدليل على اهتمام علماء المسلمين قديما بهذا المجال.
خاضت إيمان مجدى تجربة الدعوة الدينية، والتدريس فى المساجد، حتى انضمت قبل عامين، إلى فريق أنوار رسالة، الذى ساعدها على أن تحصل على دورة تدريبية فى كيفية إعداد المدربين (TOT)، قبل أن تبدأ خطوتها الأولى. وبعيدا عن تجربتها فقد أصبح «الإتيكيت الإسلامى» ضيفا على مراكز تدريبية أخرى تقدمه فى شكل ورش تدريبية، خاصة مع الطلبة الصغار الذين لا يتوافر لديهم التعرف الكافى على الدين الإسلامى، بسبب نمط دراستهم فى مدارس دولية. ورغم ارتباط كلمتى الإتيكيت والبروتوكول فى الأذهان بعالم كبار الساسة والدبلوماسيين، إلا أن هناك تعريفات أكثر شمولا من ذلك.. «نستطيع أن نوجز الإتيكيت فى أنه علاقة الإنسان بنفسه عن طريق حركات الجسد، أما البروتوكول فهو علاقة الإنسان بالآخرين .. وهنا يجب التأكيد أن الإتيكيت علم سلوكى وليس كما يتصور البعض مجرد عرض طرق الأكل بالشوكة والسكين»، هذا التعريف يقدمه الدكتور رفعت الضبع، أستاذ الإعلام وخبير البروتوكول الدولى، الذى أمضى قرابة 20 سنة فى تدريب قيادات بأجهزة الدولة المختلفة على البروتوكول، وكذلك فى تدريب البعثات الدبلوماسية المقيمة فى مصر على البروتوكول والإتيكيت فى البلدان العربية، ومؤخرا اتجه اهتمامه إلى دراسة العلاقة بين الدين والإتيكيت وأصدر كتابا بعنوان «الإتيكيت وفقا للأديان السماوية»، ويشرح سبب ذلك: «كنت أبحث عن أصل تلك القواعد والضوابط التى تلجأ إليها الشعوب فى مواقف معينة، وكان الدين هو أهم تلك المصادر، أما الأهم فهو أن اتباع هذا الإتيكيت وما تمليه القواعد الدينية، يرفع معنويات الإنسان المؤمن ويرضيه عن علاقته بربه، وعن نفسى أطمح أن يؤثر هذا الاتجاه فى مجتمعنا الذى أصبح يفتقد فن الذوق وتطبيق ما جاءت به الأديان من سلوكيات حميدة». يرفض الدكتور رفعت الضبع ممارسة التدريب على الإتيكيت إلا بواسطة خبراء، واضعا شروطا صارمة فى هذا المجال، منها: «العمل فى التخصص أكثر من 20 سنة أو الدراسة الأكاديمية بكليات متخصصة وأغلبها فى خارج الوطن العربى». كذلك يتحفظ الدكتور رفعت الضبع على أن يكون المدرب حاصلا فقط على دورة إعداد مدربين حتى يدرب على الإتيكيت قائلا: «بعد 20 سنة من التدريب، ما زلت أحضر الورش التدريبية فى الخارج كمتدرب، كى أستفيد من كل جديد».
وعلى الجانب الآخر تسعى إيمان مجدى وغيرها من المدربين إلى نشر هدفهم وهذا النوع من المعرفة عبر ما يقدمونه من ورش على أمل التغيير فى المجتمع. كيف تنتشر المعرفة حول الاتيكيت الإسلامى ؟ هل نموذج المدربين مثل إيمان مجدى وفريق «أنوار رسالة» هو الحل ؟ تعلق إيمان قائلة : «أعد الآن مع فريق (أنوار رسالة) لمشروع بعنوان (سبيلى)، هدفه إعداد دعاة ومدرسين على العديد من المهارات، وفى هذه الحالة ستكون ورشة مثل الاتيكيت الإسلامى التى تعيد كل تحركاتنا إلى أصل دينى أمر يمكن أن يستخدمه الداعية الشاب فى عمله، وكذلك المعلمين فى مدارسهم، والأهم هو طريقة تدريبهم التى تختلف عن التلقين التقليدى، على أمل أن نسهم فى تطوير الخطاب الدينى فى المجتمع».
يعمل فريق «أنوار رسالة» فى منظومة أكبر تضم ورشا تدريبية أخرى مهتمة بالأخلاق، حسبما تشرح ماهيتاب محمد مسئولة الورش التدريبية، قائلة: «هناك على سبيل المثال مشروع ثورة الأخلاق الذى بدأناه قبل 3 سنوات، وساهم فيه الشباب المتطوع بالتوعية عن أهمية الالتزام الأخلاقى فى المعاملات داخل مواقف الميكروباصات، وكانت هناك حملة فى بداية الثورة هدفها الحفاظ على أخلاقيات ميدان التحرير». أما الدكتور رفعت الضبع فيرى أن نشر الاتيكيت بين المواطنين، يجب أن يتم عن طريق الكتب والتوعية الإعلامية، وكذلك أن تعد الدولة كوادر فى وزارات الأوقاف والتعليم لنقل تلك المعرفة إلى المواطنين، بل ويجب تدريس الاتيكيت الإسلامى للطلبة فى المدارس، يكمل: «من ضمن ما أطمح إليه أن أنجح فى تأسيس شعبة لدراسة الاتيكيت والبروتوكول فى إحدى الجامعات الخاصة، لأننا فى حاجة إلى متخصصين، خاصة أن الجامعات فى الخارج هى من يحتكر هذا النوع من العلوم».