بالتزامن مع COP27 كتابان جديدان للأطفال من دار الشروق: هل يُمكننا حقًّا مساعدة الأشجار.. والنحل؟

آخر تحديث: الجمعة 11 نوفمبر 2022 - 11:31 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد

دار الشروق تصدر الكتابين لمناقشة قضايا البيئة والمناخ والاحتباس الحراري

من خلال معلومات علمية دقيقة وصور مبهجة يناقش الكتابان الدور الذى يمكن أن يقوم به الكبار والصغار للحفاظ على كوكبنا
بمساعدة الجاكوار ودُبين صغيرين وقرد وسنجاب متحمس ستصبح عملية إنقاذ الأشجار ممكنة
إذا قضى الإنسان على بيوت النحل لن تكون هناك خضراوات ولا فواكه ولا ملابس قطنية ولا فطائر بيتزا لذيذة!
الكتابان يفتحان المجال للأطفال للمشاركة فى حل مشاكل البيئة وتقديم دور فعال فى تشكيل مستقبل أفضل لكوكب الأرض

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 الذي يستمر حتى 18 نوفمبر الجاري، واستضافة مصر له فى شرم الشيخ، صدر حديثًا عن دار الشروق كتابى «هل يمكننا حقًّا مساعدة الأشجار؟»، و«هل يمكننا حقًّا مساعدة النحل؟». من خلال معلومات علمية دقيقة وصور مبهجة يناقش كل من الكتابين قضايا البيئة والمناخ والتنمية المستدامة بشكل مناسب للصغار، والدور الذى يمكن أن يقوم به كل واحد منا وحتى الصغار، للحفاظ على كوكبنا وحماية أشجاره وحيواناته وجميع كائناته الحية.

الكتابان من تأليف كايتى داينز ورسوم روزين هاهيسى وترجمة نورا ناجى، يفتحان المجال للأطفال للمشاركة فى حل مشاكل البيئة والمناخ والاحتباس الحرارى، وأن يكون لهم دور فعال فى تشكيل مستقبل أفضل لكوكب الأرض.

بحبكة مشوقة قادرة على جذب انتباه الأطفال، وتوجيه تركيزهم نحو مجموعة من المعلومات الدقيقة والصور المبهجة، يوضح كتاب «هل يمكننا حقًّا مساعدة الأشجار؟» أن أشجار كوكب الأرض فى خطر وأن إنقاذ الغابات لن يكون سهلا، وذلك من خلال حوار بين حيوانات معرَّضة للانقراض ومجموعة من الأطفال الأذكياء.

«حيوان الجاكوار وقرد الأورنجتان ودُبان صغيران وسنجاب متحمس».. هى مكونات العمل الأصلى، ممن يحركون الأحداث ويسردون التحديات التى تواجه الأشجار من حولهم، حيث يرفع الكتاب شعارا يلخص كل الأحداث التى تدور بين دفتى الكتاب «لو ساعدنا الأشجار.. نكون بذلك قد ساعدنا الكوكب كله».

يعمل الكتاب أولا على تصحيح مجموعة من المفاهيم الخاطئة، والتى تسود بين الكبار أنفسهم أكثر من الصغار، حيث يؤكد على أنه لا عذر يبرر قطع الأشجار أو حرقها، لأنه مهما بلغت قوتها أو طولها إلا أنه أمام عمليات القطع والحرق تكون الأشجار من أضعف ما يمكن.

وبمجرد أن يتعرف الأطفال فى الكتاب على الحيوانات التى جاءت إليهم كى تحذرهم من مصير مجهول تواجهه الغابة وأشجارها، حتى تعترف تلك الحيوانات بأنه ليست الأشجار وحدها هى التى تعانى من أخطار فادحة، وإنما بالتبعية هم أيضا يتعرضون لأخطار مماثلة، حينما يلفتون الأنظار إلى أن الأشجار هى «بيتهم»، بخلاف ملايين الكائنات الحية التى تعتمد حياتها على الأشجار.

ومع المضى قدما فى تعريف القارئ بالمعلومات التى تثير دهشة الكبار والصغار معًا، يكون هناك دور استثنائى تلعبه الرسومات، التى تتداخل مع النص بشكل يحقق مزيجا مدهشا قادرا على أن يمنح الطفل، تجربة توعوية كاملة، بطلاها النص والصورة معا.

تمتاز الرسومات فى الكتاب بحيويتها وألوانها الجذابة، والمتلائمة تماما مع الحديث عن موضوع الكتاب، سواء بالتعبير عن أغصان الأشجار باللون البنى الذى يلف صفحات الكتاب، أو مزيج الأصفر والأحمر الذى يشير إلى لهب النيران التى تأتى على الأشجار، أو الألوان التى تجسد حيوانات الغابة بشكل واقعى وجذاب فى آنٍ واحد.

تحمل نصوص الكتاب درجات من العمق فى الوعى، بصورة مناسبة للأطفال فهى تعمل على إثراء معلوماتهم، بواحدة من أهم قضايا العصر، دون تعقيد، ولا يجد الطفل القارئ للكتاب أية صعوبات فى تتبع تسلسل معين يتم من خلاله سرد كافة الحقائق المتعلقة بقطع الأشجار، والآثار الكارثية والمدمرة التى تترتب على ذلك، حيث محطات ومراحل دقيقة ومنهجية تسير لها الأحداث، بداية من تعرف الأطفال على الحيوانات التى تستغيث نتيجة عمليات القطع والتدمير، مرورا باستخدام تلك الأشجار المقطوعة للدخول فى مجالات للتصنيع والاستفادة منها بطريقة عشوائية وغير محسوبة تؤدى لتدمير الطبيعة.

ولا يترك الكتاب قراءه فى حيرة من أمرهم عند إشارته إلى احتياج أوراق الأشجار من أجل صناعة المنازل للبشر واستخدامات الورق المختلفة، وإنما يقدم لهم التوصية السليمة والمنطقية، وذلك حينما عايش أبطال الكتاب العديد من المراحل التى تمر بها عمليات إعادة التدوير، ويتساءلون: «سنظل بحاجة إلى الخشب من الأشجار لصنع أوراق جديدة».

هنا تجيب مؤلفة الكتاب بأنه: «يمكننا زراعة المزيد من الأشجار الجديدة، لنحصل منها على الخشب دون أن نقطع الأشجار الجميلة الكبيرة من الغابات»، ليكون الطفل هنا بصدد تلقى واحدة من أهم المعلومات البيئية، المتعلقة بكيفية التغلب على تراجع وانحسار المساحات الخضراء، وذلك من خلال تعويض الفاقد منها، وزراعة أشجار ونباتات خضراء إضافية إذا استدعت الحاجة أن يكون هناك قطع للأشجار أو إزالة للمساحات الخضراء لغرض أو هدف حيوى آخر.

وقد تميزت المؤلفة كايتى داينز بقدرتها على شرح وتوصيل المعلومات المتعلقة بموضوعات شديدة الجدية، فى إطار من السرد السهل والسلس الذى لا يغفل أنه موجه إلى الأطفال، الأمر الذى ساعد عليه وجود محررين ومتخصصين ومراجعين من الخبراء فى الأشجار، ومنهم جين تشيشولم والدكتور مانويل لوجان، والذين استطاعت الكاتبة والمترجمة نورا ناجى، أن تستوعب إبداعهم الأصلى الصادر عن دار نشر Usborne لتقوم بترجمته إلى النسخة العربية الصادرة عن دار الشروق بدقة وبراعة. ودار نشر Usborne أوزبورن هي واحدة من أبرز وأعرق ناشري كتب الأطفال.

وظهرت براعة المترجمة نورا ناجى، فى التصدى لترجمة كتاب اشتمل على مجموعة من المصطلحات مثل «إعادة التدوير»، ووصفها بإعادة استخدام الأشياء مثل الورق والكرتون والزجاج بدلا من التخلص منها، والاحتباس الحرارى، بالإشارة إلى أنه ارتفاع فى درجة حرارة الهواء الجوى الموجود فى الطبقة السفلى من كوكب الأرض، وتحديد الانهيار الأرضى فى أنه انزلاق مساحة كبيرة من الأرض، وكون الجسيمات هى «القطع الصغيرة من شىء ما».

وقد حرصت مؤلفة الكتاب على إرفاق نصيحة مفيدة للأطفال، حال أرادوا التعرف على المزيد من الغابات وأنواع الأشجار وكذلك الحيوانات المبهرة التى تعيش فيها، كمعلومات ربما تساعدهم على تكوين فكرة أعمق عن الأمر، أو صنع لوحة تحث على حماية الأشجار، حيث أرفقت رابطا يتعلق بتلك المسألة ومع اتباع الإرشادات يمكن أن يتواصل الطفل مع المسئولين عن هذا الرابط لتعريفه على أنسب الطرق لمساعدة الأشجار.

فى السياق ذاته، يقدم كتاب «هل يمكننا حقًّا مساعدة النحل؟» معلومات ممتعة ومهمة ليس فقط عن النحل وأنواعه وأهميته فى حياتنا ولكن أيضًا عن التنوع البيئى ومعنى وأهمية تلقيح الزهور وضرورة وكيفية الحفاظ على البيئة، ليفتح المجال للأطفال كى يشاركوا فى حل المشكلة ويكون لهم دور فعال فى تشكيل مستقبل أفضل لكوكب الأرض.

الأسلوب الخاص بالكتاب فريد من نوعه، يسرد كل مايريد إيصاله للأطفال والناشئة بتدرج سلس، وتصاعد محسوب فى القصة، لتكون أشبه بـ«حدوتة» يعشقها الصغار، ولا يمانع من الاندماج معها الكبار، وفى ذروة ذلك إيصال أكبر قدر من المعلومات، مثل وجود 20 ألف نوع من النحل، وأنهم لا يقتصرون على «نحل العسل»، وأنهم يلعبون أدوارا فائقة الأهمية فى تلقيح الزهور والحفاظ على البيئة.

«فى الحقيقة، ثلاثة أرباع المحاصيل الزراعية تحتاج إلى المُلقِّحات»، بتلك الجملة الساحرة، يبرز النحل أهميته، فى الحوار البديع الذى يدور بينهم وبين صغار البشر، وسط شكاوى من النحل مما يفعله الكبار من البشر، من حيث قطع الأشجار وهدم أعشاش النحل، ونشر الملوثات والقضاء على الأزهار، ورش المبيدات الحشرية السامة والضارة.

ومع المضى قدما فى الكتاب لا يكف عن إبهارك بالمعلومات القيمة، وثيقة الصلة بالقضايا البيئية وتحدياتها وخطورة الملوثات على عوالم وكائنات أخرى تعيش معنا فى الطبيعة، لا تقتصر أهميتها على وجودها المجرد، وإنما على الأدوار المصيرية التى تلعبها لحفظ التوازن البيئى وحماية البشر، فعند الحديث عن القهوة، ينقل النحل معلومة عن أهميته المتمثلة فى أن صناعة كل أكواب القهوة التى يشربها البشر خلال عام واحد، تحتاج إلى 25 تريليون زيارة من النحل إلى زهور البن. كما ستكتشف إنه إذا قضى الإنسان على بيوت النحل لن تكون هناك خضراوات ولا فواكه ولا ملابس قطنية ولا فطائر بيتزا لذيذة!

جاء استخدام الألوان والرسومات الملائمة لكل المواقف ليعزز بشكل مرئى من قوة النص المكتوب، ليحقق التكامل بين الصورة والنص بألوان تتلاءم تماما مع الحديث عن النحل وبيئته، وما يواجهه من تحديات بيئية وملوثات.

قائمة المصطلحات التى يختتم بها الكتاب، تظهر إلى أى مدى حرص كل المشاركين فى إبداع هذا العمل، على توسيع دائرة الوعى بكل ما يتعلق بقضايا شديدة الجدية، ولكن فى إطار مبسط ويسهل استيعابه، حيث الحديث عن السيارات الكهربائية، والجسر الأخضر، والرزاز الكيميائى، والزهور البرية، والنباتات العضوية، وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالحفاظ على البيئة وحمايتها. ويساعد الكتاب الأطفال على أن يشتركوا فيما يدور فيجعل منهم وسيلة فعالة للحل، يُشركهم فى حل المشكلة ويفتح أمامهم الآفاق نحو البحث عن الكيفية الملائمة للحفاظ على البيئة، وضمان مستقبل أفضل لكل الناس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved