تجاهل الديمقراطيين لمخاوف الأمريكيين من تقدم عمر بايدن يمهد الطريق أمام فوز ترامب بالرئاسة

آخر تحديث: الإثنين 12 فبراير 2024 - 10:08 ص بتوقيت القاهرة

واشنطن - د ب أ

مع اقتراب معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية من مرحلتها الرئيسية وتزايد فرص الرئيس السابق دونالد ترامب في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، تتزايد الانتقادات الموجهة إلى بايدن وحالته الصحية وقدرته على القيام بعبء رئاسة أكبر اقتصاد وأقوى قوة عسكرية في العالم.

وبات واضحا أن هذه المشكلة ستفرض نفسها بشدة على فريق الحملة الانتخابية للرئيس بايدن، خاصة بعد تكرار هفواته وأخطائه الناجمة عن ضعف التركيز الذهني.

وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، قالت نيا ماليكا هندرسون كبيرة محرري الشئون السياسية في شبكة سي.إن.إن التلفزيونية الأمريكية، إن سقطات بايدن رأها الأمريكيون العاديون كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية. وهذه المشكلة يمكن أن تقضي على فرص إعادة انتخابه. وفي استطلاع رأي أخير لشبكة إن.بي.سي نيوز التلفزيونية الأمريكية، قال 76% من الناخبين إن عدم تمتع بايدن "بالصحة العقلية ولا الجسدية اللازمة للاستمرار في الرئاسة لفترة ثانية" هاجس كبير أو متوسط بالنسبة لهم. وتبلغ نسبة أصحاب هذا الرأي 54% من الديمقراطيين و81% من المستقلين.

وهؤلاء الناخبون يحتاجهم بايدن وفريقه للبقاء في البيت الأبيض. وبدلا من مخاطبة الناخبين الأمريكيين بشأن مشكلات بايدن الواضحة، يلجأ فريق الرئيس الأمريكي إلى الإنكار واتخاذ مواقف دفاعية، والتركيز على عمر منافسهم ترامب. ورغم ذلك فإن الناخبين أقل قلقا بشأن عمر ترامب وحالته الصحية رغم أن عمره لا يقل عن بايدن بأكثر من 3 سنوات. ويقول 48% من الناخبين إنهم يشعرون بنفس القلق تجاه سن وصحة ترامب.

وتقول نيا ماليكا هندرسون، الحاصلة على شهادتي ماجستير في العلوم السياسية من جامعة ييل وفي الصحافة من جامعة كولومبيا، إنه على بايدن الذي يحب ترديد أنه سياسي صارم، الاعتراف بأن الأمريكيين العاديين، الذين يتحدثون عن تقدمه في العمر ليسوا جزءا من قطيع اليمينيين المتطرفين، وأن الكثيرين منهم شاهدوا تدهور القدرة الذهنية والجسدية مع التقدم في السن، سواء معهم شخصيا أو مع أفراد من عائلاتهم وأصدقائهم.

ولا يمكن للرئيس أن يطالب الأمريكيين بتصديق مالا يرونه. وعليه الاعتراف بما يراه الجميع ويتحدثون عنه، ثم يتحول بسرعة للتركيز على نقاط قوته الحقيقية. فهو رجل محترم بشكل أساسي، واستطاع استعادة سمعة الولايات المتحدة كحليف يعتمد عليه. كما نجح في إنعاش الاقتصاد الأمريكي، فارتفعت أجور الأمريكيين وتراجع معدل البطالة بينهم. وأضاف الاقتصاد الأمريكي 353 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي، ولم يعد ملايين الدارسين الأمريكيين يعانون من أعباء أقساط القروض الدراسية.

وتضيف هندرسون في تحليلها، أن بايدن بالفعل يخطأ في ذكر بعض الأسماء لكنه يتخذ قرارات كبيرة صحيحة. كما أنه قد ينسى أنه التقى مع زعيم ما، ولكن ذلك يحدث لأنه التقى بالمئات منهم خلال مسيرته السياسية التي استمرت نحو 40 عاما. وربما ينسى تاريخا ما، لكن يتذكر الشعب والقيم التي يحارب من أجلها. فهناك أمرأة من أصول أفريقية تجلس في المحكمة العليا وأخرى في منصب نائب الرئيس الأمريكي. وفي الحقيقة تعتبر إدارة الرئيس بايدن الأكثر تنوعا بين الإدارات الأمريكية على مر تاريخ الولايات المتحدة.

لذلك يحتاج بايدن إلى الاقتباس من استراتيجية منافسه ترامب. فالرئاسة لا تتعلق فقط بالإنجازات الشرعية، لكنها تحتاج أيضا إلى استعراض قوة المرشح وقيادته. فالقول إن بايدن يمارس مهامه بكل حيوية ونشاط لا يكفي لإقناع الأمريكيين بهذا، وإنما يجب أن يرونه قادرا على ذلك بالفعل.

إخفاء الرئيس الذي يقع في زلات لن يؤدي إلا إلى تفاقمها وتفاقم تأثيرها. لكن لو زاد ظهوره الإعلامي فسيتوقف الصحفيون فيما بعد عن تكرار سؤاله عن مدى لياقته الصحية للمنصب. كما أن ظهوره المستمر وانخراطه في التواصل مع الناس سيكون الإجابة العملية على السؤال. ومن المؤكد أنه سيرتكب أخطاء، لكن لا يوجد أحد لا يرتكب أخطاء، وهو ما يعني أن فوائد هذه الاستراتيجية تفوق كثيرا أضرارها، خاصة في ظل السمات الشخصية والإنسانية الجيدة لديه، بحسب ماليكا هندرسون.

أخيرا على الديمقراطيين قبول حقيقة أن بايدن لم يعد صغيرا، بل على العكس عليهم الاستفادة من حقيقة سنه الكبير، والتأكيد على نجاحاته وفريقه المتمتع بالخبرة . ولا يمكن لفريق حملة بايدن القول إنهم معنيون بهواجس الأمريكيين العاديين في حين أنهم يتجاهلون اهتمام هؤلاء الأمريكيين بعمر الرئيس. على العكس الواجب أن يقول الفريق إنهم يدركون مخاوف الناخبين ويحاولون تهدئتها. ويتعين التركيز باستمرار على نجاحات بايدن وفشل ترامب أثناء وجوده في الرئاسة. أما تجاهل قضية السن فإنه سيسمح فقط بتزايد شكوك الناخبين ويمهد الطريق أمام ترامب للفوز في انتخابات نوفمبر المقبل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved