بعد ثلاثة عقود ونصف على اقتحام مقر جهاز ستاسي الألماني مازالت هناك رغبة في الاطلاع على ملفاته
آخر تحديث: الأربعاء 12 فبراير 2025 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة
برلين - د ب أ
في يناير 1990 نظمت مظاهرة عند بوابات مقر أمن الدولة الألماني المعروف باسم ستاسي في ألمانيا الشرقية السابقة، وهو الجهاز الأمني المخيف حيث مارس العاملون المتفرغون فيه البالغ عددهم 91 ألف موظف، مهمة التنصت على الهواتف وتصوير الخطابات، وفحص الحسابات المصرفية والاطلاع على السجلات الطبية للمواطنين.
وأسفرت المظاهرة التي نظمت في برلين الشرقية من خلف مقر الجهاز في ضاحية ليشتنبرج ببرلين عن اندفاع الجموع لتشق طريقها داخل المساحات الواسعة المحيطة بمقر ستاسي، واستولت على السلطة من مسؤولي الجهاز السري المكروه شعبيا، واستمرت السيطرة لمدة بضع دقائق فيما يعد خطوة رمزية.
وكان ستاسي جهازا أمنيا سريا بألمانيا الشرقية خلال الفترة من 1950 إلى 1990، وعرف عنه نفوذه الواسع واختراقه لكل شرائح المجتمع، كما خضع لسيطرة المخابرات السوفيتية.
كما تمثلت مهمة ستاسي في تأمين حكم حزب الوحدة الاشتراكي الألماني، وهو الحزب المؤسس والحاكم لألمانيا الشرقية، وأيضا القضاء على خصوم النظام.
ويعلق المؤرخ ستيفان وول الذي كان شاهدا على احتلال المتظاهرين للموقع، على هذا الحدث التاريخي قائلا "كانت لهذه التطورات تأثير نفسي هائل وإيجابي في ذلك الوقت، ولا يمكن الانتقاص من تقدير أهميته".
وساعد الاحتجاج على الحصول على 111 كيلومترا من الملفات السرية.
وكانت هذه هي المرة الأولى في العالم التي يحدث فيها فتح ملفات شرطة سرية بمثل هذا الشكل الكامل.
وبعد سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر من عام 1989، كانت دولة ألمانيا الشرقية آخذة في الانهيار، وفي اجتماع تاريخي عبر المعارضون عن آمالهم وعما تعرضوا له من مظالم.
وصار من المحتم أن يتم حل جهاز ستاسي الذي تجسس وألحق الضرر بالمواطنين، طوال عقود من خلال عشرات الآلاف من الموظفين الرسميين وغير الرسميين.
ولكن مع استمرار موظفي الجهاز السري في تمزيق الملفات التي تحتوي أدلة على أنشطته في المراقبة واسعة النطاق للمواطنين، تزايدت مشاعر القلق لدى النشطاء المعارضين.
ويؤكد المؤرخ وول أن "اقتحام مقر ستاسي أدى إلى حدوث هزة نفسية عميقة، فعلى مدى سنوات كان هناك خوف هائل من ستاسي، غير أن مجرد الاندفاع إلى مقره حينذاك وفتح البوابات والتفاوض مع المسؤولين بالمقر، وإجبارهم على إظهار كل ما لديهم من ملفات، كل ذلك مثل خطوة كبيرة".
وتطلب الأمر القيام باحتجاج ثان واحتلال مقر ستاسي مرة أخرى، بالإضافة إلى عمليات إضراب عن الطعام، قبل اتخاذ قرار بالحفاظ على الملفات وإتاحة الاطلاع عليها.
ويتقدم عشرات الآلاف من الأشخاص حتى يومنا هذا بطلبات، من أجل الاطلاع على ملفات ستاسي.