من القرآن والسنة.. ماذا نعرف عن فضل ليلة النصف من شعبان؟
آخر تحديث: الأربعاء 12 فبراير 2025 - 3:40 م بتوقيت القاهرة
منال الوراقي
يعد شهر شعبان من الشهور الهجرية المباركة، فهو شهر يتوسط شهر الله الحرام رجب وشهر رمضان المبارك، وقد وردت فيه العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وكان رسول الله يفضل الصيام فيه لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل.
وتعد ليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التي تحمل قيمة روحية عظيمة في قلوب المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث تُعد فرصة للتقرب إلى الله بالدعاء والاستغفار والعبادات.
ولذلك، عادةً ما يتساءل المسلمون عن فضل شهر شعبان والصيام فيه، وفضل ليلة النصف من شعبان، وهو ما بيّنته دار الإفتاء المصرية في فتاوى سابقة، تعرضها لكم "الشروق" فيما يلي.
فضل شهر شعبان
يعد شهر شعبان من الشهور المفضلة التي اختصها الله سبحانه وتعالى وأولاها منزلة رفيعة، فقد ميزه بمنزلة كريمة ومكانة عظيمة، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يختص أيامه بالصيام؛ لكونها محلًّا لرفع الأعمال.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». أخرجه ابن أبي شيبة والبغوي في "المسند"، والنسائي في "السنن الصغرى" واللفظ له، والبيهقي في "فضائل الأعمال".
فضل ليلة النصف من شعبان
اختصَّ الله سبحانه وتعالى من هذا الشهر ليلةَ النصف منه ونهارها، وفضلهما على غيرهما من أيامه ولياليه، ورغب في إحيائها واغتنام نفحاتها؛ بقيام ليلها وصوم نهارها، سعيًا لنيل فضلها وتحصيل ثوابها وما ينزل فيها من الخيرات والبركات.
وقد ثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم سلفًا وخلفًا، وعليه العمل إلى يومنا هذا.
أدلة من القرآن على فضل ليلة النصف من شعبان
فأما الكتاب: فقد جاء في تفسير قول الله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4]، أنها ليلة النصف من شعبان؛ يُبرم فيها أمر السنة، وتُنسخ الأحياء من الأموات، ويُكتب الحاجّ؛ فلا يُزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.
وقد نقل ذلك الإمام الطبري في "جامع البيان"، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم"، والإمام القشيري في "لطائف الإشارات"، والإمام الكرماني في "غرائب التفسير"، والإمام البغوي في "معالم التنزيل"، وغيرهم من المفسرين.
أدلة من السنة على فضل ليلة النصف من شعبان
وأما السنة النبوية: فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والفاكهي في "أخبار مكة"، وابن بشران في "أماليه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ» أخرجه ابن راهويه وأحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وعنها أيضًا رضي الله عنها أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؛ يُنْسَخُ فِيهَا الْآجَالُ وَالْأَرْزَاقُ، وَيُكْتَبُ فِيهَا الْحَاجُّ، وَفِي لَيْلَةِ عَرَفَةَ إِلَى الْأَذَانِ» رواه الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وابن الجوزي في "مثير العزم"، والديلمي في "الفردوس".
إلى غير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الأئمة في مصنفاتهم، حتى إنهم أفردوا لها بالتصنيف أبوابًا مخصوصة في كتبهم؛ فبوّب الترمذي وابن ماجه في "سننهما": (باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان)، وبوَّب ابن أبي عاصم في "السنة": (باب ذكر نزول ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، ومَطْلَعِهِ إلى خلقه)، وبوَّب البيهقي في "فضائل الأوقات"، والبغوي في "شرح السنة": (باب في فضل ليلة النصف من شعبان).
ووفق دار الإفتاء، فأحاديث هذا الباب وإن كان في بعضها مقال، إلا أنها في الجملة يقوِّي بعضُها بعضًا؛ لكثرة طرقها وتعدد رواتها، فيُحتَجُّ بها؛ قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي": [باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.. فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] اهـ.