محفوظ عبدالرحمن يتصدى لمحمد خان: بهجت مؤلف «أيام السادات»
آخر تحديث: الثلاثاء 12 أبريل 2016 - 10:38 ص بتوقيت القاهرة
كتبت ــ إيناس عبدالله:
- لا تظلموا أحمد بهجت ميتًا.. وكيف أكتب عن رئيس أكرهه؟
- محمد خان: محفوظ رفض وضع اسمه على التيتر منعًا للإحراج
رغم مرور 15 عاما على إنتاج فيلم «أيام السادات»، الذى قام ببطولته الراحل أحمد زكى، لكن مخرجه محمد خان فجر أخيرا مفاجأة من العيار الثقيل، بأن مؤلف الفيلم هو محفوظ عبدالرحمن، وليس أحمد بهجت، الأمر الذى أثار جدلا واسعا حول توقيت الإعلان عن ذلك، ومدى دقة المعلومة من الأساس.
ودافع محمد خان عن موقفه، وقال لـ«الشروق»: «لو لم يسألنى الصحفيون عن كواليس فيلم (أيام السادات)، لما تحدثت فيه، أو تعرضت لما حدث أثناء كتابة السيناريو».
وأضاف خان: «لم أقل أن محفوظ هو الكاتب الحقيقى للسيناريو، وربما أخطا من قام بنشر تصريحاتى، وكان سببا فى هذه البلبلة، خاصة أن هذا الكلام يعنى أننى أنكر المجهود الذى بذله أحمد بهجت واستحق عليه الوسام الدولة عن هذا الفيلم، بكل تأكيد، ولكنى قلت: إن محفوظ عبدالرحمن كان مستشارا للفيلم، فالراحل أحمد زكى كان يستعين به بقوة، وكانت تجمعهما جلسات مستمرة لمناقشة السيناريو، ولكن نظرا لأن محفوظ ناصرى بالأساس واستشعاره الحرج أن يعرف الناس هذه الحقيقة، رفض كتابة اسمه على التيتر، فهو أمر يعرضه لهجوم شديد من الناصريين، إضافة إلى أن هذه الامور تحدث كثيرا فى الافلام، وكثيرا ما نقوم بعمل تغييرات فى السيناريو أثناء التصوير.
وعن سبب رفضه تصوير أحد المشاهد التى كتبها محفوظ عبدالرحمن أوضح: لم أقتنع به، وهذا حقى، فقد تضمن هذا المشهد معلومات عن تعرض السيدة جيهان السادات لمضايقة من جانب الملك فاروق، وهى المعلومات التى لم تكن موجود بأى من السيناريوهات التى كتبت للفيلم، إلى جانب أننى التقيت بالسيدة جيهان السادات وابنة الرئيس الراحل، ولم يتحدثا فى هذا الأمر على الإطلاق، فقد كنت مهتما بكل التفاصيل، وحرصت على تدقيق بعض المعلومات بنفسى، وبالفعل ساومت أحمد زكى، وقام بتصوير المشهد الذى أريده، وكان بمدينة الأقصر أو أسوأ، لا أتذكر بالتحديد، وفيه كان السادات يمسك العصا وخلفه تمثال فرعونى.
وبسؤاله عما إذا كان هذا الأمر سبب حالة توتر بينه وبين محفوظ عبدالرحمن قال: كون محفوظ عبدالرحمن مستشارا للفيلم، لا يعنى تدخله فى عملى، فأنا المسئول الأول والأخير عن تنفيذ السيناريو، ولا أسمح لأحد بتوجيهى، وربما حدث اختلاف أثناء العمل، بل اختلفت مع أحمد زكى نفسه، لكن بشكل عام، محفوظ عبدالرحمن أستاذنا جميعا، ولا يمكن أن تتوتر علاقتى به أبدا.
من جانبه رفض محفوظ عبدالرحمن ما قاله المخرج محمد خان، وأعرب عن دهشته الشديدة من إثارة هذا الموضوع فى ذلك التوقيت، متسائلاً عن جدواه وأهميته، وقال: كانت تربطنى صداقة وطيدة للغاية بالراحل أحمد زكى، وكنا نلتقى يوميا، وأبدى لى كثيرا رغبته المحمومة فى بطولة فيلم عن «السادات»، وكانت هذه الفكرة تراوده، قبل أن نخوض معا تجربة فيلم «ناصر 56».
وأضاف عبدالرحمن لـ«الشروق»: حاول زكى أن يحقق حلمه، ولكن سوء الحظ كان يطارد هذا الفيلم كثيرا، فكلما اتفق مع مخرج وكاتب سيناريو، وقعت خلافات شديدة بينه وبينهما، ليحدث الانفصال، ثم يتفق مع غيرهما ويتكرر الأمر ذاته، حتى بلغ عدد المخرجين، الذين تناوبوا على إخراج هذا الفيلم 6 مخرجين، و5 كتاب سيناريو، ولم يخرج للنور، وأذكر منهم المخرج على بدرخان، وهناك الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، الذى اعتذر عن عدم إكمال المهمة وكتب خطاب اعتذار لأحمد زكى غاية فى الجمال والروعة، من حيث الأسلوب والتعبير واختياره للألفاظ، ظل أحمد زكى محتفظا بهذا الخطاب فى جيبه حتى مماته، وأذكر أننى فى كل مرة التقى به، كان يخرج الخطاب، ويقرأ منه فقرات وهو سعيد للغاية.
وأكمل: ثم قدمنا فيلم «ناصر 56»، وبعد أن حقق الفيلم نجاحا كبيرا، قرر تنفيذ «أيام السادات»، ولكنى اعترضت بشدة، وقلت له «أنصحك ألا تقدم هذا الفيلم» ووجهة نظرى حينها أنه سيفقد جزءا كبيرا من مصداقيته، فكيف يقدم نموذجين سياسيين مختلفين تماما، فهذا لن يكون فى صالحه بأى حال من الأحوال، وأذكر أن الحزب الناصرى دعانا لندوة عن فيلمنا، فخشى أحمد أن يذهب حتى لا يتعرض لهجوم الحضور بسبب مشروعه لفيلم «السادات»، ولكنى أقنعته بعد أن اتفقت مع أعضاء الحزب فى عدم فتح هذا الموضوع، ولكن حدثت مفارقة غريبة، حيث فوجئنا بسيدة تتخطى الثمانين من عمرها، وهى أم أحد أعضاء الحزب تقف وتوجه نقدا لاذعا لأحمد بسبب مشروع «السادات»، وقمنا باحتواء الموقف سريعا.
واستطرد: لأن أحمد زكى لم يكن له موقف سياسى بعينه، كما أن عشقه للتمثيل، وحبه لأداء شخصيات بعينها، كان يفوق أى شىء، وسعى بخطوات فعلية لتنفيذ المشروع، فقد طرأت على ذهنه فكرة أن يجمع الـ5 سيناريوهات التى بحوذته، ويختار أحلى المشاهد من كل سيناريو، وينفذ الفيلم، وهنا انزعجت بشدة من هذا الفكرة، وقلت له: إن حبه فى التمثيل سيدفعه لاختيار المشاهد التى تبرز قدرته، وسوف يتجاهل المشاهد القوية والمهمة، ورفضت الفكرة تماما، وطلبت منه إذا كان مصرا أن يختار شخص غيره لهذه المهمة، وحينما عرضها على رفضتها تماما.
وواصل محفوظ عبدالرحمن روايته للقصة بالقول: بدون علمى اتفق مع الكاتب على سالم على تنفيذ هذه الفكرة، وطلب منه العمل فى صمت، وعدم إبلاغ أى شخص حتى المقربين منه، لكن على سالم أخل بالاتفاق وقام بنشر الخبر فى «روزاليوسف»، وتعرض المشروع لهجوم شديد، واستنكر كثيرون ومنهم الراحل أسامة أنور عكاشة، أن يقوم على سالم بهذه المهمة، وهو صاحب العلاقات الوطيدة بإسرائيل، لينهى أحمد اتفاقه مع «سالم»، ويطالبنى للمرة الثانية بتجميع المشاهد التى يريدها، وقلت له: «استحالة أن يحدث هذا، فلست أنا الرجل الذى يكتب شيئا غير مقتنع به، وربما هذا عجز وقلة حيلة منى، لكنى لا أستطيع أن أفكر حتى فى أمر لا يقنعنى».
وأضاف: «اقترحت عليه أن يستعين بأول سيناريو عرض عليه، وكان صاحبه أحمد بهجت، وقلت له ممكن إن تضيف المشاهد، التى تريدها فى هذا السيناريو، لكن على الأقل سيكون لديك بناء متكامل، بدل من ترقيع المشاهد، وبالفعل أستمع أحمد إلى نصيحتى، وبدأ تنفيذ الفيلم، ولأنى قرأت السيناريو كاملا، كان لى رأى بضرورة توضيح علاقة السادات الطيبة بالملك فاروق، وهنا انزلقت قدمى واضطررت لكتابة هذا المشهد الذى أراه غاية فى الأهمية يوضح علاقة السادات بين الطرفين الملك، ورجال الثورة من الضباط الأحرار، ليتحمس زكى بالمشهد ويذهب به لمخرج الفيلم «محمد خان»، ويطالبه بتنفيذه باعتباره انه بطل ومنتج الفيلم أيضا، ويبدو أن خان تصور لحظتها أننى الكاتب الحقيقى لسيناريو الفيلم، وشعرت أن هذا الامر سبب توتر بينى وبينه غير معلن، واستمر لفترة طويلة، وهنا رفض خان تنفيذ المشهد، ولكن ذكى أصر، فبدأ خان فى مساومته، فأحمد كان رافضا لتصوير مشهد وضع السادات لبنطلونه تحت المرتبة ليكويه فى دلالة أنه لا يملك أجرة المكوجى، وهو المشهد الذى رآه ذكيا أنه غير مهم، بينما تمسك خان به، وفى النهاية حدثت المساومة وصور خان مشهدى مقابل موافقة زكى على تصوير مشهده.
ومضى عبدالرحمن قائلاً: انتهى تصوير الفيلم وتم عرضه ولم أشاهده إلا مرة، وربما مرتين بشكل متقطع، لأن هناك حاجزا نفسيا يمنعنى من مشاهدته، وهذا طبيعى فحينما يكره أحد شخص، لا يريد رؤيته، فحينما تولى السادات الحكم فى بداية أيام العسل، لم يكن لى موقف مضاد منه، فلم أكن أحبه أو أكرهه، وهو نفس شعورى تجاه جمال عبدالناصر بالمناسبة، لكن حينما انتهى شهر العسل، وبدأ الوجه الآخر لهذا النظام يتضح، وانقلب المجتمع المصرى رأسا على عقب، وأصبح رأسمالى متوحشا، نعانى من سلبياته حتى هذه اللحظة، وعرفنا لأول مرة مصطلح الانفتاح و«السداح مداح»، كان لابد أن يكون لى موقف، ورفضت عضوية الاتحاد الاشتراكى، التى كانت فى وقت من الأوقات شرطا لعضوية نقابة الصحفيين، حينما كنت أعمل بالصحافة، وكنت كارها بشدة لهذه الفترة، وهذا الحكم، فكيف أكتب عملاً عنه.
واختتم حديثه قائلاً: أؤكد وبشكل حاسم أن الكاتب أحمد بهجت هذا الرجل العظيم المحترم ومخطئ من ينكر عليه حقه، هو صاحب السيناريو والحوار لهذا العمل، ومن الوارد جدا، ويحدث فى كل فيلم، أن يضيف المنتج أو المخرج مشهدا أو اثنين على العمل، ولا يعنى هذا حرمان كاتبه الأصلى من حقه، فبهجت هو صاحب الفيلم، وقابلته بعد العرض وهنأته، وكنت أحبه بشدة وهو أيضا، وكانت تجمعنا علاقة طيبة، فلا تظلموه بعد رحيله.