صحفية إسكتلندية تصدر كتابا عن ضحايا القصف الروسي في أوكرانيا

آخر تحديث: الجمعة 12 يوليه 2024 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

كتبت - منى غنيم:

- الكتاب "رسالة حب" موجهة للشعب الأوكراني المحاصر تحت وطأة الكرملين..شبهت أفعال الجيش الروسي بالهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على العراق

صدر في الثاني من شهر مايو الماضي كتابًا للصحفية الإسكتلندية ، جين ستاوت ، يحمل عنوان «القطار الليلي إلى أوديسا» وثقت من خلاله تفاصيل رحلتها داخل الأراضي الأوكرانية في أعقاب الحرب الروسية الأخيرة على أوكرانيا والتي بدأت أوزارها في فبراير من العام 2022 وذلك من أجل نقل الحقيقة للعالم حول ما يدور داخل أوكرانيا متغاضية في ذلك عن سلامتها الشخصية مع استمرار القصف الروسي حتى الآن وإن كان على آونة متفرقة.

وقد زارت المؤلفة موسكو في الفترة التي سبقت الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وقالت عن تلك الفترة إن المزاج العام هناك كان "سامًا للغاية"؛ مع بث التلفزيون الروسي دعاية متواصلة حول ما أسموه "النازيين الأوكرانيين"، ووصفهم للشعب الأوكراني بالفاشية وفي كونهم المسؤولين الحقيقين عن تلك الأزمة التي تلوح في الأفق، وذكرت أنها وجدت أن الروس حساسون وسريعو الغضب وكانوا أميل لاعتناق مبادىء "الخيال الجامح، وتحريف التاريخ، وجنون العظمة" كما وصفته.

وعندما هزت الانفجارات مدينة كييف، تخلت "ستاوت" عن رحلتها وذهبت عبر اسطنبول إلى الحدود الأوكرانية، وبحكم عملها كانت تتحدث كلا من الروسية والأوكرانية بطلاقة، وكانت تأمل في تقديم تقرير عن أكبر صراع تشهده أوروبا في تاريخها المعاصر منذ عام 1945، ولكن خطتها الأولية تلك باءت بالفشل؛ بسبب نقص التمويل والمعدات اللازمة في الخطوط الأمامية لتغطية الأخبار من جهة، ومحاربة رئيسها في العمل لها من جهة أخرى؛ والذي كان يرى أنها لا تملك الخبرة الكافية للعمل كمراسلة أجنبية في منطقة حرب.

وقد دفع ذلك "ستاوت" إلى "الارتجال" من أجل أن تحقق ما تريد؛ فقررت البقاء والاستعانة بكل ما تتمكن من التحصل عليه من أجل جمع أكبر معلومات لازمة عن حياة الشعب الأوكراني في أعقاب القصف؛ فعلى سبيل المثال، فضلت البقاء مع بعض المتطوعين داخل ورشة لإصلاح القوارب بجوار نهر الدانوب خلال تغطية تدفق اللاجئين الأوكرانيين إلى رومانيا، وسافرت بداخل سيارة مع إحدى قوافل المساعدات إلى مدينة أوديسا، وقادت سيارة استعارتها من أحد أصدقاءها على الطرقات الوعرة محتمية بسترة واقية من الرصاص، وكانت تنام في شقة فارغة تسكنها الفئران.

وقضت "ستاوت" جل عاميّ 2022 و2023 في كتابة المراسلات الحية وتقديم البودكاست الإذاعية من قلب الأحداث في أوكرانيا، وزارت المدن والبلدات والقرى المدمرة مسلحة لا بشىء سوى قلمها وفضولها الصحفي في تحري الحقيقة، وتمخضت تلك التجارب عن كتابها الأول «القطار الليلي إلى أوديسا» الذي اعتبرته الكاتبة بمثابة "رسالة حب" موجهة للشعب الأوكراني المحاصر تحت وطأة الكرملين، وحرصت على أن يكون أبطال كتابها من عامة الشعب الأوكراني الذين يبذلون قصارى جهدهم للعيش وسط القنابل ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، بينما خلا كتابها من رجال السياسة.

وضم الكتاب تفاصيل حقيقية لعائلات أوكرانية متضررة من القصف الروسي، كما التقت المؤلفة بعائلة الشاعر الأوكراني الراحل فولوديمير فاكولينكو في قرية قريبة من إيزيوم، وكان قد تم استجوبه على يد الجنود الروس مما دفعه لدفن مذكراته الذي كان يتحدث من خلالها عن تفاصيل القصف أسفل تراب حديقته، بيد أن الجنود عادوا وأطلقوا النار عليه على أية حال، وفي وقت لاحق، تم العثور على جثته في مقبرة جماعية.

وتعرفت "ستاوت" في رحلتها على الروائية وكاتبة المقالات ، فيكتوريا أميلينا ، من مدينة لفيف، وقد لاقت الأخيرة حتفها العام الماضي بداخل مطعم في بلدة كراماتورسك الأوكرانية عندما سقط صاروخ روسي على المطعم مما أدى إلى مقتلها و12 آخرين من رواد المطعم. و رثت المؤلفة صديقتها مستحضرة رغبتهما السابقة في القيام بجولة في أيرلندا واسكتلندا معًا فور انتهاء الحرب بين البلدين، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية.

واعتمدت المؤلفة على اللغة البيانية أحيانًا في بعض مقاطع الكتاب؛ لاسيما مع وصفها الهندسة المعمارية المذهلة والانتقائية في مدينة خاركيف الأوكرنية التي تحتوي على حداثة عشرينيات القرن الماضي، والمباني الرائعة على طراز فن الآرت نوفو، وورش العمل المبنية من الطوب الأحمر ، والأبهة السوفييتية الواضحة، وفي مدينة دونباس، تحدثت الكاتبة عن منطقة "التيريكوني" التي تتميز بجغرافيتها العجيبة والمميزة ، وقالت إن الأنهار الشاسعة وقطارات المسافات الطويلة في أوكرانيا أبهرتها لأنها غير موجودة في جزر شيتلاند حيث نشأت وترعرعت.

وقالت "ستاوت" إنها ترى أن أفعال الجيش الروسي شديدة الشبه بالاستعمار البريطاني، وأيضًا بالهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على العراق، وعلى النقيض، قالت إنها اكتشفت في أوكرانيا أنه لا يوجد تمييز بين الجنود والمجتمع؛ ففي كل مكان تجد "التضامن والجهد الجماعي والشعور القوي بالهدف المشترك". وكان هذا الشعور هو الذي دفع الناس إلى الاستمرار، حتى مع تضاؤل الأمل في هزيمة الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، وأوضحت أن البلاد لازالت موحدة رغم الظلم والظلمات.

وأضافت أن الحرب لاتزال قائمة بل ووصلت إلى مرحلة حرجة مع استمرار تعرض أوكرانيا للقصف، ولم يتبق لديها سوى عدد قليل من صواريخ الدفاع الجوي والقليل من المدفعية لأن الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي منعوا المساعدات العسكرية لمدة ستة أشهر من الوصول للشعب الأوكراني، ولكنهم وافقوا أخيرًا على بعث حزمة من المساعدات التي تبلغ قيمتها 61 مليار دولار الأسبوع الماضي لأوكرانيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved