محلب» لـ«الشروق» من واشنطن: العلاقات المصرية الأمريكية عادت إلى مسارها الصحيح
آخر تحديث: الثلاثاء 12 أغسطس 2014 - 11:30 ص بتوقيت القاهرة
واشنطن - آية أمان
مصر الآن هى جزيرة السلام.. واستقرارها حماية للعالم.
القاهرة تلعب دورها الإنساني في القضية الفلسطينية ولا بديل عن المبادرة المصرية لإنهاء الحرب على غزة.
الإرهاب اليوم أصبح صناعة وتجارة.. والحل الأمني وحده لن ينجح في مواجهته.
العلاقات مع إثيوبيا أصبح بها العديد من الإشارات الإيجابية وعلينا إدارة ملف المياه داخليًا لمواجهة الفقر المائي
أعوِّل گثيرًا على وزارة الإصلاح الإداري والأهم هو ضرب الفساد
جولاتى الميدانية مهمة حتى لا نفاجأ بصعوبة واستحالة تنفيذ القرارات.. وهي التي تجعلنا نتقن العمل
حاورته فى واشنطن آية أمان:
على هامش زيارته للعاصمة الأمريكية واشنطن وعقب انتهاء مشاركته ممثلا لمصر فى القمة الأمريكية – الأفريقية الأولى، تحدث رئيس الوزراء، إبراهيم محلب لـ «الشروق» بقدر كبير من التفاؤل والارتياح الكبير لنتائج زيارته، التي تؤكد عودة الروح للعلاقات المصرية – الأمريكية وتنفى أي مظاهر للخلل، وتزيل أي شوائب كانت قد عكرت صفو هذه العلاقات منذ 30 يونيو 2013.
لم تقتصر زيارة رئيس الوزراء لأمريكا على المشاركة في القمة الأفريقية ولقاء الرؤساء الأفارقة فقط، ولكنه ركز بالقدر الأكبر على لقاء مسئولين أمريكيين كان فى مقدمتهم وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، ووزراء الطاقة والتجارة والخزانة ورئيس البنك الدولى، بينما كانت التطورات السياسية والإصلاحات الاقتصادية على رأس أجندة هذه اللقاءات، لتكون النتيجة ارتياحا وتفهما أمريكيا للموقف المصرى.. على حد قول محلب.
محلب أكد فى حديثه مع «الشروق» على العديد من النقاط التى تمثل شواهد على قوة الدولة المصرية وعودتها إلى المسار الصحيح مدافعا بقوة عن قرارات حكومته الاقتصادية، التى تحدث عنها قائلا، إنها بداية الطريق لإصلاح حقيقى سيكون مثار احترام العالم بأجمعه للدولة المصرية، مشيرًا إلى أهمية الدولة المصرية فى التنسيق من أجل حل المشكلات والنزاعات فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، واصفا مصر بأنها الآن باتت «جزيرة السلام والأمان».. وإلى نص الحوار:
فى الفترة الأخيرة كان هناك العديد من مظاهر التوتر فى العلاقات المصرية الأمريكية، حيث أثار مسئولون أمريكيون رفضهم للتغيرات السياسية فى مصر خصوصا بعد ثورة 30 يونيو.. كيف ترى تطور العلاقات الآن من واقع حديثك مع المسئولين الأمريكيين؟
الآن العلاقات الأمريكية المصرية عادت إلى مسارها الصحيح، ودائما أقول إن العلاقات الطويلة قد يكون بها خلافات، ولكنها عندما تكون قوية تستطيع أيضا أن تتخطى هذه الخلافات، لأن هناك مصالح مشتركة تجعل العلاقة استراتيجية، فضلا عن أن علاقتنا مع الولايات المتحدة لها تاريخ.
وأستطيع أن أقول الآن إن هناك تفهما أمريكيا كبيرا للأوضاع فى مصر، وهناك تبادل للرؤى وتقييم مشترك للمواقف، وسبب هذا التفهم هو أن الجانب الأمريكى مدرك تماما أن الإدارة السياسية والشعب المصرى يعرف طريقه ويسيرون فيه، وكلما تقدمنا خطوة للأمام العالم احترمنا أكثر، وكلما كان هناك ثبات وتصميم داخل مصر على تحقيق التقدم، كلما انعكس ذلك على رؤية العالم الخارجى لنا، فالشعب المصرى استطاع أن يختار القائد وبالتالى فهناك دولة قوية.
وما هى أهم الموضوعات التى ركزت عليها خلال لقائك مع وزير الخارجية جون كيرى؟
تطرقنا إلى استعراض الموقف فى منطقة الشرق الأوسط، وما يحدث فى مصر من إصلاح اقتصادى ودور مصر فى تحقيق التواصل مع إفريقيا، والجميع يعلم أن استقرار مصر لن يكون حماية للمنطقة فقط ولكن حماية للعالم.
كيف تقيم المستقبل فى ضوء الاضطرابات الإقليمية؟
الشواهد على أرض الوطن تعتبر علامة ومؤشرا واضحا على الاستقرار وقد أكون استخدمت تعبير دائما ما أكرره أن مصر هى جزيرة للسلام والأمن والأمان فى وسط بركان.
أعلنت اسرائيل عن الموافقة على الدخول فى المفاوضات لإنهاء الحرب فى غزة.. كيف تقيم الموقف المصرى بعد إطلاق المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلى على القطاع؟
أى إجراء لحقن دماء طفل فلسطينى لا يتخذ فهو خيانة، وأستطيع أن أقول إن الهدف الأساسى من التحرك المصرى هو حقن دماء الفلسطينيين، وخلال التفاوض والمباحثات لا بد أن يكون هناك رؤية، نحن نريد حقن الدماء وأن تقوم إسرائيل بفك الحصار حتى يعيش الإنسان الفلسطينى فى أمن وأمان، وإسرائيل الآن لها طلبات لكن لا بد فى النهاية من الوصول إلى حل وهذا الحل لن يأتى إلا بالتفاوض.
اليوم لو عدنا إلى الواقع سنقول: إنه لو كنا دخلنا المفاوضات منذ يوم إعلان المبادرة المصرية لكنا قد حَقَنّا دماء أكثر من 1500 فلسطينى، فالتفاوض هو الحل ولا يوجد على الساحة غير المبادرة المصرية.
هناك دائما انتقادات لعدم فتح معبر رفح من الجانب المصرى. كيف ترد على ذلك؟
هناك شيئان يجب التأكيد عليهما هما أن سيادة مصر على معبرها غير قابل للمناقشة، وكذلك فإن الشعب الفلسطينى هو جزء لصيق بمصر، والجرح الفلسطينى يجرحنا وكل شىء إنسانى يمكن أن تقدمه مصر للفلسطينين لا يمكن أن نتردد فيه، عندما بدأت الحرب كان هناك تعليمات بتجهيز المستشفيات المصرية وعلاج الجرحى.
لكن هناك توازنا بين السيادة والإنسانيات.. كل حياتنا والتضحيات التى قدمها الشعب المصرى للقضية الفلسطينية غير قابلة للنقاش، ولا توجد ذرة من الشك فى أننا دائما مع الشعب الفلسطينى.
اليوم أيضا يمثل الوضع الملتهب فى ليبيا تحديا كبيرا لمصر فى تأمين عودة المصريين هناك وتأمين الحدود المصرية الغربية مع ليبيا.. كيف تقيم الوضع؟ وهل تستطيع الجهود المصرية مواجهة هذه الأزمة؟
هناك جهود كبيرة بذلت لتأمين عودة المصريين من الأراضى الليبية ولأول مرة يكون وزير الخارجية فى موقع الأحداث على الحدود المصرية التونسية الأسبوع الماضى بعد أن أعطى الرئيس تعليمات لمساعدات وصلت بالأطنان، فالأزمة أديرت بطريقة تليق بكرامة المصريين، فنحن أكدنا أيضا للجانب الأمريكى أننا قادرون على حماية حدودنا الغربية مع ليبيا.
هل يمكن أن يكون هناك تعاون بين مصر ودول أخرى لمكافحة الإرهاب فى ليبيا؟
هدفنا الأول هو حماية حدودنا وهو دور القوات المسلحة المصرية، ونحن دائما نقف بجانب الشعب الليبى وإرادته ونسانده فى أزمته، لأن العلاقة علاقة دم وأخوة وأهم حاجة بالنسبة لمصر مكافحة الإرهاب الذى يصدر لنا وعدم السماح بالمساس بالأمن المصرى.
وخلال المشاركة فى القمة الأفريقية الأمريكية طرحت هذه الملفات، وعندما يكون على حدودنا كل هذا الارتباك فنحن بلا شك لدينا مواقفنا وتقييمنا، فنحن الجيران وكل ما يحدث فى ليبيا قد يؤثر بالأساس على مصر.
على رأس الموضوعات التى نوقشت خلال القمة الأفريقية الأمريكية كان ملف الطاقة والذى يعتبر التحدى الأكبر أمام القارة الافريقية فى تحقيق أهداف التنمية، فى الوقت الذى تتجه فيه دول أفريقية على رأسها دول حوض النيل إلى استغلال مواردها المائية فى توليد الطاقة الكهرومائية والتوسع فى مشروعات السدود.. هل قدمتم خلال القمة موقف مصر من هذه المشروعات؟
لم يكن هناك طرح من الجانب المصرى بشأن موضوع السدود خلال فاعليات القمة الإفريقية الأمريكية، إلا فى حديثى مع رئيس وزراء إثيوبيا، والحديث كان على أنواع الطاقة والاحتياج إلى نهضة كبيرة فى إفريقيا فى كل المجالات من خلال التوسع فى المحطات الحرارية والهيدروليكية والطاقة الشمسية والرياح، وكان هناك مشاركة واسعة من رجال الأعمال والشركات الكبرى والشركات العاملة فى الطاقة.
الآن القاهرة تعد لجولة جديدة من المفاوضات الفنية حول مواجهة الآثار السلبية لسد النهضة فى الخرطوم مع إثيوبيا والسودان.. كيف تتوقع نتائج هذه الجدولة؟
نعم هناك اجتماع فى الخرطوم، وتم التطرق إلى الحديث حوله خلال لقائى مع رئيس وزراء إثيوبيا، وأؤكد أن هذا الحوار سيقام على النتائج الإيجابية للقاء الناجح بين الرئيس المصرى ورئيس الوزراء الإثيوبى فى مالابو، والذى كان نقطة تحول فى تاريخ العلاقات الثنائية وحل الأزمة حول سد النهضة، الآن هناك تفهم كامل والنوايا حسنة فنحن داعمون للتنمية فى إثيوبيا لتوليد الكهرباء، وفى نفس الوقت نحن حريصون على حياتنا وحياة شعبنا، ولا يمكن أن ننسى أننا دخلنا تحت الفقر المائى وليس لدينا رفاهية أن نغامر أو لا نراعى مصالح الشعب المصرى. وأقول دائما إن العلاقات مع إثيوبيا بها العديد من الإشارات الإيجابية وهى نتيجة للقاء المهم الذى تم فى مالابو بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى كما أشرت قبل قليل.
وما السياسات التى يمكن أن تلجأ لها مصر لحماية أمنها المائى فى ظل هذا الوضع؟
علينا دور كبير فى إدارة ملف المياه داخل مصر، الآن لدينا 55.5 مليار متر مكعب، لكن هناك نسبة عالية من الهالك، ونحن بحاجة إلى تطوير نظام الرى الحقلى، وبحاجة إلى إعادة استخدام المياه مرة ثانية والتركيز على الأبحاث فى تحلية مياه البحر، وملف المياه مهم جدا، ومن أهم أولويات سياستنا الحفاظ على قدر المياه التى وهبها لنا الله.
اليوم أصبح لدى الحكومة المصرية مشروع قومى وهو «قناة السويس الجديدة» الذى أعلن عنه الرئيس السيسى.. ما هو تقييمك لهذا المشروع؟ وما هى خطة الحكومة لإنجاحه؟
لا شك أن حفر قناة السويس الجديدة يمثل استعادة لأمجاد المصرين، وهو حدث يجب الوقوف عنده فنحن نبنى مستقبلا أفضل لأجيال قادمة، ولا بد من بناء القدرات الموجودة فى السوق المحلية، ولدينا العديد من الشركات المدنية التى تعمل فى الحفر.
تنفيذ المشروع فى المدة الزمنية التى تم الاتفاق عليها مسألة إدارة وإرادة، وأعنى هنا بالإدارة الالتزام بتنفيذ برامج تنفيذية وزمنية مضغوطة، ولكى يتم ذلك لابد من وجود إرادة من كل العاملين بالمشروع للعمل بأعلى انتاجية، فالمُعدة تنتج فى 3 ساعات 1000 متر مكعب حفر، إذن غير مقبول أن أنتج أنا 500 فقط فى اليوم، ولكن يجب أن اكون حريصا على تحقيق أعلى استفادة من المُعدة.
أنا أعتبر مشروع قناة السويس الجديدة نوعا من التحدى لعودة روح العمل بجدية واحترام مواعيد العمل وعلى مدى الساعة، هو طريق لتغير كبير فى مصر على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى.
إسرائيل كانت تتحدث عن مشروعات منافسة لقناة السويس.. ماذا عن مستقبل هذه المشروعات بعد إعلان مصر عن القناة الجديدة؟
كل هذه الأحاديث وهذه المشروعات التى تتحدث عنها إسرائيل لا تقارن بقناة السويس، ولا بديل عن قناة السويس المصرية.
لا يزال لدى مصر مشكلة فى الغاز الطبيعى لتوليد الطاقة.. وتواتر الحديث عن أن شركة أجنبية تريد أن تستورد الغاز من إسرائيل لصالح مصر.. فما صحة هذا الأمر؟
تواجه الحكومة حاجة واحدة وهى مصلحة الوطن، وليس هناك أى توجه لديها غير مصلحة مصر وأى قرار يرعى مصالح الوطن ستتخذه الحكومة.
وهل حصلت مصر على ضمانات لتأمين احتياجاتها من الغاز من الجزائر؟
ناقشت هذا الأمر فى لقائى مع رئيس وزراء الجزائر خلال زيارتى لأمريكا، والجانب الجزائرى أكد أن طلبات مصر من الغاز الطبيعى ملتزمة بها، وعلى الجانب المصرى تحديد الكميات المطلوب استقبالها كما تم الاتفاق على زيارة تمهيدية بين الوزراء.. منهم وزراء الصناعة والطاقة والتجارة، وتم التأكيد على عمق العلاقات وضرورة التعاون فى جميع المجالات مع الجزائر.
هل تراهن على بقاء الدعم الخليجى لمصر؟
العلاقات المصرية الخليجية قوية جدا، وهناك دائما تأكيد على وحدة مصر وأشقائها فى الإمارات والسعودية، فنحن نتحدث عن علاقات قوية ومصيرية وتبادل للرؤية، ومادام هناك مصير واحد فإن التنسيق دائما على أعلى مستوى لأن أمن الخليج من أمن مصر.
وهل تتوقع إنهاء الأزمة المصرية القطرية قريبا؟
لا أستطيع أن أتوقع، ولكن أى أحد لا يحسب حساباته مع مصر ولا يقدر دورها فهو الخاسر، وأتوقع أن دور مصر المحورى يجعل الجميع يعيد حساباته، نحن نسير فى طريقنا ونتقدم فيه ومن يلحق بمصر هو فى العين والقلب ومن يريد أن يبعد عن مصر عندما يفكر بعقلانية سيعود إلى مصر.
تحدثت كثيرا فى مداخلاتك خلال القمة الأفريقية الأمريكية عن سياسات مواجهة الإرهاب ووصفته بأنه أخطر على المنطقة من الفيروسات والأمراض.. هل ترى أن الجهود المصرية نجحت فى التصدى لانتشار الأفكار المتطرفة فى الفترة الأخيرة؟
يجب أن نعلم أن الإرهاب اليوم هو صناعة سببها أن هناك مادة خام وهو شباب يائس وتعليم قليل وظروف حياة صعبة، فالمادة الخام للارهاب هى شباب يائس موجهة ويتم توجيهه وتعليمه كيف يفجر ويعمل قنبلة ثم يتحول الأمر إلى تجارة.. عاوزين نروج داعش.. أفغانستان.
والحل الوحيد والأساسى هو التنمية وإصلاح الخطاب الدينى والحل الأمنى لن يكون له نتيجة.. فى غياب التعليم والوعى.. والخطاب الدينى الرشيد يحمينا.
منذ توليت الحكومة كان التغيير الأكبر هو عدد الجولات التى قمت بها فى القاهرة والمحافظات.. كيف تقيم نتيجة هذه الجولات الميدانية فى إدارة المشكلات فى الشارع المصرى؟
فى البداية يجب الإشارة إلى التغييرات الواضحة التى حدثت فى قصر العينى وميدان المؤسسة وشارع المعز فأنا أعتبر أنها شمعه لإنارة الطريق، لدينا اليوم خطة مرتبطة بالتنمية وبرنامج سياسى واقتصادى نعمل على تحقيقه.
يتعين علينا جميعا كمسئولين الاقتراب من الشارع.. فمن الممكن أن تخطط ويأتى شىء صغير لا يمكنك تنفيذه فتفقد المصداقية، فالجولات مهمة والاجتماعات أيضا مهمة واليوم طويل وأى حاجة الواحد يقدر يعملها لابد من القيام بها، وأرى أن الجولات هى اللى بتخليكى تتقنى عملك.
بعد تخصيص وزارة للإصلاح الإدارى.. هل ترى أن هناك تغييرا قد تحقق؟
أعول على هذه الوزارة وأنتظر منها الكثير لأن ملف الإصلاح الإدارى لا يقل عن الإصلاح الاقتصادى أهم حاجة هو ضرب الفساد على كل مستوياته.