هل يستطيع المتمردون السوريون إعادة بناء الدولة المحطمة؟

آخر تحديث: الخميس 12 ديسمبر 2024 - 10:50 ص بتوقيت القاهرة

آية أمان

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحليل صباح اليوم عن قدرات الفصائل السورية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام في المخاوف العامة من امكانية بناء سوريا مرة أخرى واستبدال نظام الحكم المطلق الذي أسسته عائلة الأسد.
وقالت الصحيفة أن الفصائل السورية تواجه مهمة أكثر صعوبة تتمثل في الحكم بعد اسقاط نظام الأسد، حيث أنه بينما كانت قوات هيئة تحرير الشام، الجماعة الإسلامية التي قادت الهجوم ، تتقدم بثبات من قاعدتها في الشمال إلى أبواب القصر الرئاسي، أصدرت رسائل تصالحية على وسائل التواصل الاجتماعي تطمئن الأقليات بأنها لن تتعرض للاضطهاد، وتؤكد على التزامها بسوريا لكل السوريين.
وأضافت أنه " الآن، بعد أن تولت هيئة تحرير الشام مسؤولية دولة جديدة مفعمة بالأمل ولكنها ما زالت حذرة، تواجه الهيئة تحديات محيرة، وسوف تحتاج الجماعة إلى تعزيز سيطرتها على خليط من القوات المتمردة وإظهار الشمولية السياسية، والذي قد يكون مفتاحا للحصول على الإعفاء من العقوبات الدولية".
وعن قدراتها في الحكم تقول الصحيفة أنه : "في الوقت الحالي، تدور الخطة السياسية للجماعة حول تصدير حكومتها من إدلب ــ المحافظة الشمالية حيث بنت قوتها التنظيمية في السنوات الأخيرة ــ إلى دمشق. ومن السابق لأوانه أن نقول كيف سيترجم نموذج هيئة تحرير الشام للإدارة المحلية على نطاق وطني، مع توسيع منطقة سيطرتها من منطقة سنية محافظة صغيرة إلى مساحة شاسعة من الأراضي التي تضم العديد من الطوائف والأعراق".
ورصدت الصحيفة عدد من المشاهد لسيطوة قوات الفصائل السورية المسلحة على العاصمة دمشق ففي وزارة الداخلية حراس الشرطة جميعهم من إدلب، وكانوا يرتدون شارات تحمل شعار الحكومة الإسلامية هناك. وكانوا يتشاورون حول من يتولى المسؤولية الآن.
كان محمد عبد الرحمن، وزير الداخلية السابق في "حكومة الإنقاذ" التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب، قد تم تعيينه الآن وزيراً للداخلية في عموم سوريا. وأكد مستشاره الإعلامي أحمد بدوي أنه سيبقى في منصبه حتى الانتخابات العام المقبل.
ولم يعد من الممكن رؤية قوات الشرطة القديمة التابعة للأسد في شوارع دمشق، رغم أن مسؤولي هيئة تحرير الشام يحاولون استعادة بعضهم. وقال بدوي إن الأولوية ستكون لمن انشقوا.
بعد 48 ساعة من الاستيلاء على العاصمة، أمر أبو محمد الجولاني ، القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام، القطاع العام بأكمله بالعودة إلى العمل.
أوضحت الصحيفة: "لقد قدمت حلب، التي سيطرت عليها قوات الجولاني قبل أسبوع من دخول دمشق، لمحة أولى عن حكم هيئة تحرير الشام. فقد عادت الخدمات إلى طبيعتها بسرعة، وبنفس السرعة ظهرت لوحات إعلانية تعرض وجوه الوزراء السوريين الجدد، الذين تم استيرادهم من إدلب، إلى جانب رسائل تتعهد بالأمن والاستقرار".
" الآن، أصبح نفس التكنوقراطيين من هيئة تحرير الشام الذين أُرسلوا إلى حلب موجودين في دمشق، حيث كُلفوا بإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية المحاصرة. وفي محاولة للحفاظ على الاستمرارية، أبقت هيئة تحرير الشام على بعض الوزراء القدامى في مناصبهم وطلبت من موظفيهم العودة إلى العمل.
كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أعلن يوم الثلاثاء إن الحكومة الأمريكية ستعترف بالحكومة السورية المستقبلية وتدعمها بشكل كامل إذا كانت نتيجة انتقال شامل وشفاف. وفي بيان، دعا بلينكن إلى "انتقال سياسي بقيادة سورية وملكية سورية". إن اعتراف واشنطن أمر بالغ الأهمية بالنسبة للبلاد، التي شُلَّت بسبب سنوات من العقوبات الغربية.
ونقلت الصحيفة عن محللون أنه : "في حين يبدو أن هيئة تحرير الشام تسيطر بقوة على الوضع في الوقت الراهن، ويبدو أن العديد من السوريين على استعداد لمنح المجموعة فرصة خلال الفترة الانتقالية، لكن يظل حكمها في إدلب لم يرق إلى المعايير الديمقراطية".
كانت هيئة تحرير الشام قد تشكلت كفرع من تنظيم القاعدة خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية. ورغم سعيها إلى إبعاد نفسها عن أصولها الجهادية ، إلا أن المتطرفين والمقاتلين الأجانب ما زالوا بين صفوفها، ومن غير الواضح ما إذا كان الجولاني سيتمكن من منعهم من الانتقام من أعضاء الحرس القديم. ولا تزال الجماعة مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية ومن المرجح أن تواجه تشككا عميقا من جانب إدارة ترامب القادمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved