على رأي المثل (3).. بيدي لا بيد عمرو

آخر تحديث: الأربعاء 13 مارس 2024 - 9:51 ص بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

بينما تعد الأمثال الشعبية ترمومتر الثقافة فى كل دولة، يشتهر الشعب المصري بأمثال شعبية وأقوال قد تبدو غير مفهومة للوهلة الأولى، ولكن إذا تعمقت في الكلام فستجد أن مضمونها يحمل دلالات ومعاني عميقة.

فالمثل الشعبي هو قصة حياة ترويها الأجيال، وحكاية حكمة الأجداد الصالحة لكل زمان ومكان وإن اختلفت اللهجات، إلا أن المعنى والمغزى من المثل الشعبي يبقى واحدا تردده الألسن، إذ لا يخلو هذا المثل من بلاغة التشبيه والإيجاز والاستعارات والكلام المسجع، للوصول إلى المقصود من دون قصور.

في سلسلة "على رأي المثل" وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم "الشروق" قصصا وحكايات للأمثال الشعبية المصرية والعربية استنادا لكتاب "قصص الأمثال" للكاتب المصري سيد خالد.

- بيدي لا بيد عمرو

لم تسامح الزباء بنت عمرو بن الأظرب في قتل أبيها ملك تدمر بسوريا، فبعد أن اعتلت العرش واستقرت في يدها السلطة، أخذت تخطط للإيقاع بقاتل أبيها جذيمة بن الأبرش ملك الحيرة، فأرسلت إلى جذيمة تعرض عليه الزواج منها لكي تتوحد المملكتين، فجمع جذيمة ابن الأبرش رجاله ومستشاريه ليأخذ رأيهم في الأمر.

فأشاروا عليه بالموافقة عدا مستشار واحد يدعى قصير بن سعد، الذي لم ينطلي عليه الأمر، وظن فيه خدعة، ولكن الملك جذيمة لم يستمع له، وذهب إلى تدمر تاركًا ابن اخته عمرو ابن عدي ليتولى مهام الحكم في الحيرة.

ولما وصل الملك ودخل على الزباء وجدها بكامل ملابسها الحربية، وكانت الزباء فارسة تعرف فنون القتال، ولا يستهان بقدرتها على الحرب، فأجهزت على جذيمة، ومات صريعا في مملكتها، ولما بلغ نبأ غدر الزباء بالملك جذيمة إلى الحيرة قرر عمرو بن عدي الثأر لخاله بمساعدة قصير بن سعد.

وكان قصير داهية من دواهي العرب، لديه من الذكاء والتفكير ما جعله أهم مستشار لدى عمرو، فقد طلب من عمرو أن يجعل رجاله يقطعوا أنفه ويجلدوه حتى تتمزق ملابسه ليذهب بعدها إلى الزباء يحتمي بها من بطش عمرو، وبالفعل ذهب قصير وأخبرها أن عمرو فعل به هذا لأنه هو من أشار بزواجها من الملك جذيمة، فانطلت الحيلة على الزباء، وأكرمته وأسكنته قصرها، وظل هناك حتى عرف مداخل القصر ومخارجه السرية.

وذات يوم طلب منها الإذن بالخروج لإحضار تجارة كبيرة له في الحيرة، وبالفعل جاء قصير ومعه قافلة كبيرة محملة بأجولة كثيرة، ولما وصلت القافلة إلى ساحة قصر تدمر فتح قصير الأجولة، فإذا برجال عمرو يخرجون منها.

فلما رأت الزباء ذلك أسرعت بالهرب من مخبئها السري، ولكنها وجدت عمرو بن عدي ينتظرها هناك، فقالت حينها مقولتها الشهيرة بيدي لا بيد عمرو، وتجرعت السم الذي كان في خاتمها، ومن حينها والعرب يطلقون تلك المقولة مثلا حينما يفسد الشخص ما يملكه بدلا من أن يفسده عدو له.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved