تراث مصري (13) الخفير أسعد المشرقي.. من مطعم ديروط إلى ساحات النضال
آخر تحديث: الخميس 13 مارس 2025 - 10:00 ص بتوقيت القاهرة
عبدالله قدري
تواصل "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستوحاة من كتاب الباحث أيمن عثمان، والتي تسلط الضوء على الشخصيات والمعالم التي تركت بصمتها في التاريخ المصري. في هذه الحلقة، نستعرض قصة أسعد المشرقي، الذي تحول من صاحب مطعم بسيط إلى مناضل وطني، ثم انتهى به الحال خفيرًا لكوبري شهد مأساة شعبه.
من الحياة العادية إلى صفوف النضال
قبل اندلاع ثورة 1919، كان أسعد المشرقي يدير مطعمه في ديروط، محققًا دخلًا جيدًا، بعيدًا عن السياسة. لكن الثورة غيّرت مسار حياته، إذ انخرط في الحركة الوطنية، وبدأ بالتواصل مع الفدائيين، وانضم إلى الجمعيات السرية، وتولى مهمة توزيع المنشورات المناهضة للاحتلال البريطاني.
في إحدى العمليات، أبلغ الفدائي أحمد قرشي زملاءه عن وجود تسعة جنود بريطانيين على متن قطار قادم من أسيوط. نصب الفدائيون كمينًا، وتمكنوا من القضاء على ثمانية جنود، بينما فرّ التاسع، قبل أن يتم قتله عند وصول القطار إلى دير مواس.
ردًا على ذلك، أرسلت بريطانيا حملة عسكرية عبر باخرة نيلية محروسة بطائرتين، استغرقت رحلتها يومين بسبب هجمات الأهالي على طول النيل. وعند وصولها إلى المنطقة التي أُقيم عليها لاحقًا "كوبرى معاهدة 1936"، قصفت القوات البريطانية القرى، فاستشهد المئات، وامتلأت ترعة الإبراهيمية بجثث الضحايا.
اعتقال ومحاكمة قاسية
شنت القوات البريطانية حملة اعتقالات واسعة، طالت 91 شخصًا من ديروط ودير مواس، كان أسعد المشرقي بينهم. تعرض المعتقلون للتعذيب، قبل تقديمهم لمحاكمة ترأسها الكولونيل دونس، استمرت من 17 مايو حتى 19 يونيو.
صدر الحكم بإعدام أسعد المشرقي، لكنه خُفف لاحقًا إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. وبعد تشكيل حكومة سعد زغلول، صدر عفو عام عن المعتقلين السياسيين، لكنه لم يشمل متهمي أحداث ديروط، ليقضي المشرقي 18 عامًا في السجن، حتى أُفرج عنه بعد توقيع معاهدة 1936.
نهاية مأساوية وبلا تكريم
خرج أسعد المشرقي من السجن ليجد أن زوجته وأطفاله قد توفوا، وأن عائلته تعرضت للتنكيل، فظل وحيدًا، دون أن يحظى بأي تكريم أو اعتراف بتضحياته.
عمل بعد خروجه خفيرًا لكوبري المعاهدة، في المكان نفسه الذي شهد قصف القوات البريطانية لقريته، وظل منسيًا، في وقت وصل فيه رفاق نضاله إلى مناصب رفيعة.
هكذا طويت صفحة أسعد المشرقي، الذي قدّم حياته للنضال، لكنه لم ينل سوى الجحود والنسيان.
اقرأ أيضا:
تراث مصري (12).. شيخ العرب أبو سلطان