أبناء دور الرعاية في مصر.. نجاح يتحدى الوصمة المجتمعية
آخر تحديث: الخميس 13 مارس 2025 - 10:16 ص بتوقيت القاهرة
عبد الله قدري
في الحلقة الوثائقية الأخيرة من مسلسل "ولاد الشمس"، الذي يسلط الضوء على قضايا الأيتام في مصر، ظهر عدد من أبناء دور الرعاية لمشاركة تجاربهم حول التحديات التي واجهوها والنجاحات التي حققوها. من بينهم، برزت مجموعة من مبادرة "حياة 360 - Life360"، التي تضم شبابًا فقدوا الرعاية الوالدية ويسعون لتغيير واقع الأيتام في مصر عبر رفع الوعي المجتمعي.
من دار الأيتام إلى الإعلام الرياضي
من بين هؤلاء الشباب، يروي نور شعبان (26 عامًا) تجربته في مقابلة مع برنامج "أبطال الحكاية"، الذي تقدمه وزارة التضامن الاجتماعي. نور، وهو أحد خريجي دور الرعاية، يعمل في الإعلام الرياضي وتنظيم البطولات، ويفتخر بخلفيته، رغم أنه واجه صعوبة كبيرة في التصريح بها لسنوات. تحدث عن الصورة الذهنية النمطية تجاه أبناء دور الأيتام، وكيف دفعته بعض المواقف المجتمعية إلى التردد في الإفصاح عن نشأته، قائلًا: "كنت مترددًا في إعلان أنني نشأت في دار رعاية.. أقول ثم أتراجع.. حاجات كتير أثرت فيَّ".
أحكام مجتمعية قاسية
في 16 فبراير 2024، قرر نور تأليف كتابه "حين وجدتني"، بالتزامن مع عيد ميلاده، ليكون رسالة للشباب الأيتام والمجتمع بأكمله، بهدف رفع الوعي بقضيتهم.
وأوضح أن الأحكام المسبقة قد تؤثر جذريًا على حياة الأيتام، حيث يمكن لكلمة أو موقف أن يدفع البعض إلى العزلة، بينما يتمكن آخرون من تجاوز الصعاب: "بمجرد أن يعرف شخص أنك من دار أيتام، قد يتغير تعامله معك فجأة.. البعض يستمر في المواجهة، وآخرون ينهارون ويتساءلون: لماذا يجب أن أتحمل هذا؟"
نور واجه تحديات عديدة، إذ عانى من الاستغلال في العمل وتقييد الفرص المهنية بسبب خلفيته. في صغره، كان يتجنب الإفصاح عن نشأته، وإذا عُرف عنه ذلك، كان يضطر إلى تغيير مدرسته، كما حدث عند انتقاله من مدرسة حكومية إلى خاصة بعد تفوقه. هناك، شعر بالغربة بين زملائه الذين كانوا يتحدثون عن حياتهم الأسرية، ما عزز إحساسه بالاختلاف: "كانوا يحكون عن إجازاتهم مع أسرهم.. وأنا جالس صامتًا، لا أعرف ماذا أقول.. شعرت أنني لست منهم".
الدعم الحكومي ودوره في تغيير المسار
رغم هذه العقبات، يشيد نور بالدعم الحكومي الأخير للأيتام، لا سيما المبادرة التي تتيح لهم الحصول على شقق سكنية بعد مغادرتهم دور الرعاية، مما ساعده على بناء أسرته والاستقرار: "عندما يُقال لك إن هناك شقة لكل يتيم خرج من دار رعاية.. فهذا شيء عظيم.. يعني أنك ستبدأ حياتك.. ستكوّن أسرة.. لن تعيش هذا القلق الدائم".
يرى نور أن تمثيل الأيتام في مواقع صنع القرار لا يزال محدودًا، مشددًا على أهمية تعزيز مشاركتهم في مختلف المجالات، بما في ذلك البرلمان. كما دعا إلى تطوير منظومة دور الرعاية، وزيادة الرقمنة والحوكمة لضمان حياة أفضل للشباب الأيتام: "لماذا لا يكون لنا ممثل في البرلمان؟ لماذا لا يكون لنا صوت في القرارات التي تخصنا؟ جميع الفئات ممثلة.. إلا نحن".
النجاح رغم التحديات
تجربة نور ومبادرات مثل "حياة 360" تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها أبناء دور الأيتام في مصر، لكنها تعكس في الوقت ذاته قدرتهم على تحقيق النجاح وإحداث التغيير في المجتمع: "ليس لدينا أب أو أم.. لكن لدينا بلد نحبها.. مصر هي أمنا وأبونا.. ولن ننكر جميلها أبدًا".