صندوق النقد يحذِّر من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.. ولاجارد تصفها بالقفزة إلى المجهول

آخر تحديث: الأربعاء 13 أبريل 2016 - 9:16 م بتوقيت القاهرة

وكالات

- استفتاء 23 يونيو يثير مخاوف الأوروبيين

حذر صندوق النقد الدولى فى تقرير صدر أمس، من اضرار «جسيمة» فى حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. واعتبرت مديرة الصندوق كريستين لاجارد ان خروج بريطانيا من الاتحاد سيشكل قفزة خطيرة «فى المجهول».

ويصوت البريطانيون فى استفتاء عام فى 23 يونيو القادم على البقاء ضمن دول الاتحاد الأوروبى من عدمه.

واعرب الصندوق عن قلقه من «تداعى» وحدة الاتحاد الأوروبى بسبب ازمة الهجرة واحتمال خروج بريطانيا من هذا التكتل.

واشار الصندوق إلى الانكماش فى عدد من اقتصادات الدول الناشئة وخصوصا البرازيل، حيث يترافق التباطؤ الاقتصادى بأزمة سياسية حادة ادت إلى مواجهة الرئيسة ديلما روسيف امكانية عزلها.

واعتبر موريس اوبستفيلد كبير الاقتصاديين فى الصندوق ان عبء تدفق المهاجرين إلى اوروبا واستمرار ضعف النمو وارتفاع نسبة البطالة فى المنطقة يغذى «تصاعد المد القومى» فى الدول.

واضاف ان ذلك يبدو واضحا من الاستفتاء الوشيك الذى سيجرى فى بريطانيا على خروجها أو بقائها فى الاتحاد الأوروبى.

واكد الصندوق ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «سيخلف اضرارا جسيمة اقليميا وعالميا حيث سيحدث اضطرابا فى علاقات تجارية قائمة».

واضاف انه «فى انحاء اوروبا فإن التوافق السياسى الذى كان المحرك وراء المشروع الأوروبى يتداعى» محذرا من ان «اى رد فعل قاسٍ ضد الاندماج الاقتصادى يهدد بوقف وربما انهاء التوجه الذى تلا الحرب العالمية الثانية بتبنى تجارة اكثر حرية».

وحذر اوبستفيلد من انه اذا لم تتم معالجة المخاطر الوشيكة فإنها يمكن ان تقود الاقتصاد العالمى على طريق الركود.

ضعف ثقة المستثمرين

وأضاف صندوق النقد ــ فى تقرير (آفاق الاقتصاد العالمي) ــ أن كبار رجال الأعمال سيتسارعون لإيجاد طرق جديدة لتسيير الأعمال فى حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وهذا قد يضعف ثقة المستثمرين.

وأوضح التقرير أن المفاوضات بشأن إجراءات ما بعد الانفصال، قد تمتد لفترة من الزمن، ما قد يسبب زيادة فترة الغموض وهدم ثقة المستثمرين وتخبط أسواق المال.

ونوه التقرير ــ أيضا ــ بأنه فى حال تصويت البريطانيين للانفصال عن الاتحاد الأوروبى فقد يتسبب ذلك فى تقليص حجم التجارة المتبادلة والتدفقات المالية ويحد من الفوائد الرئيسية من التعاون والتكامل الاقتصادى.

على صعيد اخر، عبر صندوق النقد الدولى ايضا عن قلقه من ضعف التوافق الأوروبى على خلفية ازمة الهجرة واعادة طرح فكرة فتح الحدود.

واسف اوبتسفيلد لأن «التوافق السياسى الذى كان سابقا ركيزة الدعم للمشروع الأوروبى، فى طور التفكك».

تفاوت الدخل

واضاف انه فى اوروبا كما فى الولايات المتحدة حيث يدعو العديد من المرشحين للبيت الأبيض إلى المزيد من الحمائية، اصبح النقاش السياسى يتجه بشكل متزايد «نحو الداخل» ويمكن ان يؤدى إلى «سياسات قومية اكثر».

واعتبر ان هذا الخطاب يزدهر على خلفية التفاوت فى الدخل بشكل متزايد وتغييرات عميقة مرتبطة بالعولمة «اعتبرت على انها تشجع النخب تاركة الآخرين جانبا».

واضاف ان «الخوف من الارهاب لعب دورا ايضا».

وتخيل الكاتب البريطانى جدعون راخمان، انتهاء عملية الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، قائلا «ثمة كابوس فى داوننج ستريت.. وثمة صمت طويل من أنجيلا ميركل فى برلين».

واستهل مقالا نشرته (الفاينانشيال تايمز) قائلا «الوقت هو صباح 24 يونيو.. بريطانيا صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبى.. مؤيدو حملة الخروج يحتفلون فى ميدان ترافلجار فى قلب لندن.. يخرج ديفيد كاميرون مهزوما ويعلن احترامه قرار الشعب البريطانى واعتزامه متابعة مهام منصبه كرئيس للوزراء».

وأضاف راخمان «أجواء الأزمة تتفاقم بهبوط مؤشرات البورصات عبر أوروبا.. حكومتا فرنسا وألمانيا تصدران بيانا مشتركا تقولان فيه إنه لابد من أن يتخذ الاتحاد الأوروبى خطوات حاسمة صوب اتحاد سياسى وحكومة اقتصادية لأوروبا.. فى إدنبرة، تخرج الوزيرة الأولى لاسكتلندا، نيكولا ستورجيون، مشيرة إلى أن الاسكتلنديين قد صوتوا لصالح البقاء فى الاتحاد الأوروبى – وتعلن أنها ستضغط الآن من أجل استفتاء ثان على الاستقلال الاسكتلندنى».

وامتدت المخاوف لأمريكا حيث قال وزير الخزانة الأمريكى جاك ليو قبل اسبوعين ان خروجا لبريطانيا من الاتحاد الأوروبى لن يكون مفيدا لأوروبا ولاقتصاد بريطانيا وللاقتصاد العالمى.

وفى مقابلة مع شبكة بى بى اس العامة، قال ليو فى هذا الشأن «اعتقد انه امر لن يكون جيدا للاقتصاد الأوروبى أو البريطانى وحتى للاقتصاد العالمى».

واضاف ان تأثير خطوة من هذا النوع لن يكون مجرد «اقتصادى فى مجال الحركة التجارية والعلاقات الاقتصادية»، بل سيكون إلى حد ما «جيوسياسيا واستراتيجيا لجهة المحافظة على الاتحاد».

واكد انه «فى عالم يشكل فيه القلق من المخاطر الجيوسياسية احد العوامل التى تؤثر على الاقتصادات (...) من المؤكد انه اذا لم يرفع مستوى اليقين، فسيكون لذلك تأثير اقتصادى».

هجرة المغتربين

وكشف تحقيق أجرته صحيفة «ذى تايمز» البريطانية عن أن التصويت لمغادرة الاتحاد الأوروبى قد يتسبب فى هجرة جماعية للمغتربين البريطانيين من القارة الأوروبية.

وأوضحت الصحيفة أن نحو 100 بريطانى يقيمون فى إسبانيا يغادرون البلاد بسبب القلق من المشكلات الاقتصادية التى تعانى منها منطقة البحر المتوسط، مشيرة إلى أن الشكوك المثارة حول مستقبل الإعانات الصحية وقيمة معاش الدولة اذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبى سيزيد من عدد المغتربين البريطانيين العائدين من البلاد.

وقال مسئولون فى فرنسا إن الآلاف من البريطانيين هناك قد يفقدون حقهم فى الرعاية الصحية العامة إذا غادرت المملكة المتحدة الاتحاد. ويعنى رحيل المغتربين من الاتحاد الأوروبى أن هناك الآن تفاوتا كبيرا ومتزايدا بين عدد البريطانيين الذين يعيشون فى أوروبا وعدد الأوروبيين الذين يعيشون فى بريطانيا.

وذكرت الصحيفة أن جميع دول الاتحاد الأوروبى باستثناء فرنسا واسبانيا ولوكسمبورج يمتلكون عددا أكبر من مواطنيهم فى بريطانيا، عن البريطانيين المتواجدين فى بلادهم. وإجمالا ووفقا لأحدث بيانات الأمم المتحدة فإن 2.9 مليون أوروبى يعيشون فى بريطانيا، مقابل 1.2 مليون بريطانى يعيشون فى دول الاتحاد الأوروبى.

وقال رئيس لجنة الجالية البريطانية فى فرنسا كريستوفر شانترى «إن القضية تثير قلق البريطانيين الذين أحيلوا على المعاش المبكر فى فرنسا».

ومن جانبه قال جيمس ماكاجورى من حملة «بريطانيا أقوى فى الاتحاد الأوروبى»: «من الواضح أن خروج البلاد من الاتحاد من شأنه أن يؤدى إلى سنوات من عدم اليقين للبريطانيين فى الخارج، مع عدم وجود ضمان تلقائى لحقوقهم الحالية».

وأضاف جيمس ماكاجورى أنه فى حالة الخروج من الاتحاد الأوروبى فإنه لا يوجد أى شىء قد يوقف اسبانيا وفرنسا ودولا أخرى من منع البريطانيين من الاستفادة من مزايا الرعاية الصحية لأنه يحق لهم التمييز ضد المواطنين من دول خارج الاتحاد الأوروبى.

ويقول نشطاء مؤيدون للخروج إن هذه الإحصائيات تظهر أن بريطانيا فى موقف قوى للتفاوض مع بروكسل بعد خروجها.

وأوضح روب أوكسلى من حملة «صوت للخروج» «هذه الأرقام هى مثال ممتاز بأن ميزان القوى يميل لصالح المملكة المتحدة. هناك حافز كبير لبروكسل لعقد صفقة مع بريطانيا بعد خروجها».

وخلال العامين الماضيين، غادر 72000 بريطانى اسبانيا و7 آلاف إيطاليا، ليعكس التوجه الأخير من تزايد الهجرة البريطانية إلى الاتحاد الأوروبى.

ويتواجد حاليا 308 آلاف بريطانى يعيشون فى اسبانيا، إلا أن الرقم الحقيقى قد يكون أكبر من ذلك بسبب عدم تسجيل كثير منهم أنفسهم فى سفارة بلادهم، بينما لا يزال 65 ألف بريطانى يعيشون فى ايطاليا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved