عمر حاذق شاعر الزنزانة يكتب أغنية حب لأمه

آخر تحديث: الأربعاء 13 مايو 2015 - 1:07 م بتوقيت القاهرة

كتبت - مي زيادي

كعادته يمسك برفيقي الزنزانة؛ الورقة والقلم، يكتب رسائل وشعر ويرسلها، هو عمر حاذق الأديب السكندري الذي يقضي عقوبة الحبس لمدة سنتين وغرامة 50 ألف جنيه لخرقه قانون التظاهر، بعد تنظيمه وقفة احتجاجية يوم 2 دسيمبر 2013 بالإسكندرية تزامنا مع نظر المحكمة الابتدائية في المنشية الجلسات الأولى للقضية التي يحاكم فيها أميني الشرطة المتهمين بقتل خالد سعيد.

وفي 25 مارس الماضي رفضت محكمة النقض بالقاهرة الطعن الذي تقدم به طارق عبدالعال ومحامون آخرون على قرار تأييد الاستئناف بحبس عمر حاذق وآخرون بتهمة خرق قانون التظاهر.

لم يكن السجن شيئا عاديا لشخص مثل عمر حاذق "الشاعر" الفائز بالجائزة الأولى لمهرجان «الحب والعدالة والسلام»، الذي أقامته أكاديمية بادر بيو الدولية للعلوم والفنون والآداب بإيطاليا في مايو 2009، وكُرِّم بدرع شاعر الرومانسية في مهرجان أمير الشعراء بدورته الأولى 2007، كما كتب أكثر رواية بالسجن، كان منها "قلب سمكة" التي كانت معروضة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2015.

تقول زهراء عبدالعزيز، الشقيقة الصغرى لـ«حاذق»، إن «عمر كان يحاول أن ينتصر لنفسه بالكتابة، على الرغم من الصعوبات التي واجهته في إيجاد أوراق وأقلام وضوء داخل السجن»، وحصلت «الشروق» على نسخة من الرسالة الأخيرة لعمر حاذق في الفترة ما بين 7 إلى 11 إبريل 2015، والتي كتبها خصيصا لوالدته بعنوان «أغنية حب لماما».

إلى نص الرسالة "القصيدة"

أغنية حب لماما
اُسائل نفسي:
تُراكِ عرفتِ
بصبحٍ ، بليل ٍ، بمغربِ شمسِ؛
بثانيةٍ في البعيد كحبّةِ رملٍ ذًرًتْها الرياحُ،
وكنتُ بدأتُ الرضاعةَ قطًاً وليدًا
بعينينِ مغلقتيْنِ؛
أشمُّ حياتي شمِيمًا
وأسعى إليها بجَسٍّ ولمسِ...
تُراكِ عرفتِ هنالكَ أنّ حليبكِ عَبًّأ قلبي
ولوًّنَهُ بالمحبةِ بيضاءَ ورديةً، لن تزولَ،
وأني سأمضي أراقصُ ظلّي؛
أوَقّع ُ لحنًا برأسي.
سأربطُ حُبَّ الحياةِ بطرفِ عصايَ و أمشي...
سأجْمَع ُحولي اليتامى؛
سنَغْمِسُ بسكوتَ وحدتِنا في حليب محبتنا
سنُركِّب أجنحةً ، للأراجيح حتى تطير بعيدًا
سنَقْرَعُ كأسَ حليبٍ بكأس ِ...

أسائل نفسي:
تُراكِ عرفتِ
بتلك الثواني السحيقةِ مثل قواقعَ نامتْ بقاع المحيطِ،
وكنتُ أناضلُ،
أفتحُ عينيّ حتى أرى كلماتِكِ
تنسابُ بي بين موجة لحنٍ وموجة همْسِ...
تُراكِ عرفتِ هنالكَ
أن الحروفَ الصغيرةَ، مثلَ السلاحفِ، راحتْ تضجُّ بعقلي،
وتجري إلى البحر فرحانةَ بعد فَقْسِ،
وأني رحتُ أطاردها وهي تنداحُ في زرقةِ الماءِ
مثلَ الأناشيدِ؛
فكّر رأسي الكبيرُ: أريد الكثيرَ من الكلمات؛
اُغَطّسُها كلما غَسَلوني بحوضِ المياهِ،
وأخبِطها فتُمَوْسِقُ أصواتَها برنينٍ و جَرْسِ

أسائل نفسي:
بصبحٍ، بليلٍ، بمغرب شمسِ؛
أنا في سريري الصغير أجدّفُ موجَ الهواء بساقيَّ،
أنتِ جواري وتلُّ ثيابي الصغيرُ أمامكِ،
تبتسمينَ وأنتِ تصُفِّينًها
تحلمينَ بأنكِ، مُسْرعةً، تفحصينَ ثيابي عشيةَ عُرْسي...
تُراكِ عرفتِ هنالكَ أنكِ يوم الزيارةِ
سوف تصُفِّينَ تلّ ثيابيَ الكبيرَ،
تشُمِّين، باكيةً، سترةَ السجنِ
هَرَّأها طولُ حبسي.

وحين أعانقُ دمعَكِ يخضرُّ حزني
وتُزهرُ في عودهِ الذكرياتُ؛
تمر الطفولةُ ما بيننا لحظةً لحظةً
فكأني وُلدتُ بأمسِ...

أريدُ أقول لدمعكِ شيئًا
ولكنْ كلصٍّ يفرُّ الكلامُ...
فيا أمَّ كلِّ جميلٍ بعُمري، اغفري لي،
أنا ما اقترفتُ من الجُرمِ إلا
محبةَ شعبي وقد مسَّتِ القلبَ أجملَ مسِّ.

أنا ابنُ غنائكِ لي؛
حين تهدينني ورقَ "الأورِيجامي" بقاع الجُوالِ،
أُطبِّقُ منه قطيعَ أرانبَ،
سربَ عصافيرَ خُرْسِ
إذا لمستْها أكفُّ الصغارِ تطيرُ
مزقزقةً في سماء الزيارةِ...
أطربُ...
أهواكَ يا وطني رغمَ ما سُمْتَني من هوانٍ و بخْسِ.....

ويا أمَّ كل جميلٍ بعمري افرحي بي ،
فما زال قلبيَ كوبَ حليبٍ بطعم الَفَروْلَةِ
إنْ سِرتُ فاضَ،
وإنْ زرعوا الدربَ شوكًا ، فحبُّكِ فأسي.
7-11/4/2015

أخبار متعلقة

«عمر حاذق».. سجين ينتصر على عتمة الزنزانة بقلم وورقة

بعد عدم قبول الطعن المقدم على حبسهم.. عمر حاذق ونشطاء الإسكندرية «المتضامنون مع خالد سعيد» قيد جدران السجن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved