الأضحية رفاهية.. الحرب تُفقد العيد مذاقه في السودان

آخر تحديث: الخميس 13 يونيو 2024 - 8:36 م بتوقيت القاهرة

وكالة أنباء العالم العربي

ارتفاع أسعار الأضاحي وآلام الفقد والنزوح تفسد فرحة السودانيين بالعيد

 

يهل على السودانيين هذا العام عيد الأضحى الثاني وهم يكابدون آلام الفقد والنزوح تحت وطأة المعارك الضارية بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع.

وهذا هو العيد الرابع - باحتساب عيدَي الفطر السابقين - الذي تُذهب الحرب بفرحته. يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الأضاحي بشدة، مما يجعلها بعيدة المنال عن معظم البيوت السودانية، خاصة بعدما فقد الكثيرون وظائفهم ومصادر دخلهم بسبب الحرب.

محمد ميرغني كان ممن اعتادوا على شراء خروف الأضحية في كل عام، لكن هذا لم يعد في مقدوره الآن بعدما اضطر للنزوح من ضاحية الثورة شمال مدينة أم درمان بعد تصاعد وتيرة المعارك وتساقط الرصاص الطائش والقذائف المدفعية على المنازل السكنية في منطقته.

يقول في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن مدينة شندي التي نزح إليها بها سوق واحد للخراف "لكن الأسعار خيالية إذ تتراوح بين 400 و450 ألف جنيه سوداني (من 238 إلى 268 دولارا) للخروف الواحد، ما يعني أننا لن نستطيع شراء الأضحية في هذا العيد".

وأردف "هذا العيد هو الرابع منذ بداية الحرب، لكن صراحة هو أسوأ عيد يمر علينا على الإطلاق. يمر العيد ونحن بعيدون عن الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء حيث فرَّقتنا ظروف الحرب والنزوح".

وأضاف "بعض أفراد أسرتي لم ألتقِ بهم منذ تسعة أشهر. نزحنا هربا من الموت حيث القصف المدفعي المتبادل. أكثر من 45 قذيفة سقطت في حيّنا ذلك اليوم الذي كان أشبه بالجحيم"، مشيرا إلى اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد ثلاثة أشهر من تفجُّر القتال بين الطرفين في أبريل نيسان 2023.

استمرت الاشتباكات في ذلك اليوم لأكثر من 12 ساعة وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وسط السكان، ولا تزال مستمرة.

ووصلت عائلة ميرغني إلى الولاية الشمالية بعد رحلة نزوح شاقة محفوفة بالمخاطر، بينما توجه هو وأسرته الصغيرة إلى ولاية نهر النيل بعد رحلة استمرت يومين.

بدا ميرغني متحسرا على قضاء أيام العيد في مدينة شندي بعيدا عن منطقته وبيته في حي الثورة الغربية حيث يسيطر الدعم السريع على المنطقة التي باتت خالية من السكان منذ سبتمبر الماضي. ودعا قادة طرفي الصراع للجلوس على طاولة التفاوض والوصول إلى وفاق "ينهي هذه الحرب اللعينة".

• الأضحية رفاهية

إيمان حسن نزحت أيضا مع عائلتها من حي الجريف غرب بالعاصمة الخرطوم إلى محلية كرري شمال أم درمان. تقول "هذا عيد الأضحى الثاني الذي يمر علينا ونحن بعيدون عن بيتنا، لا مذاق للعيد ولا أفراح. من قبل كنا نجهز للعيد مبكرا بشراء الاحتياجات، لكن الآن لا طعم ولا حماس لاستقبال العيد".

وقالت لوكالة أنباء العالم العربي "نزحنا إلى ضاحية كرري شمال أم درمان ووجدنا الحال واحدا. الناس كلها ما عندها استعداد أو قدرة على شراء الأضحية. صرنا عالة على الناس وضايقناهم، لا هم ارتاحوا ولا نحن مرتاحون".

لكن إيمان تشير إلى صعوبة الأوضاع في منطقتها وتؤكد أنها "سيئة جدا"، حيث تمارس مجموعات مسلحة منفلتة السرقة والنهب والقتل وتعذيب الأهالي واعتقال الشباب، ومن ثم لا تستطيع العودة إلى دارها في الوقت الحالي.

وأضافت "لا أحد يسأل عن أسعار خراف الأضاحي لأنه لا أحد يمتلك مالا لشرائها، وهو حال جميع جيراني الجدد. الناس حالها وقف، والظروف أصبحت واحدة بين الجميع". وتقول إنها إذا حصلت على أي مبلغ مالي فستشتري به مواد غذائية أساسية وسلعا تموينية، فالأضحية "رفاهية" في الظروف الحالية.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الأربعاء إن أكثر من عشرة ملايين سوداني نزحوا داخليا في ولايات البلاد الثماني عشرة، مشيرة إلى أن نصفهم من النساء والأطفال وربعهم تقريبا من الأطفال دون سن الخامسة. وذكرت أن أكثر من مليوني شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار تشاد ومصر وجنوب السودان.

وأوضحت المنظمة أن 70 بالمئة من هؤلاء النازحين يواجهون خطر المجاعة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء، وأن الفشل في منع وقوع المجاعة سيعني زيادة قوية في تدفق النازحين عبر الحدود إلى دول الجوار.

• أسعار الخراف الباهظة

ويقول النعيم آدم، وهو تاجر خراف، إن الأسعار ارتفعت إلى الضعف مقارنة بالعام الماضي حيث يبلغ سعر الخروف الواحد بين 300 و400 ألف جنيه سوداني وسط إقبال ضعيف من السكان على الشراء.

وعزا في حديث إلى وكالة أنباء العالم العربي أسباب غلاء الأسعار إلى قلة المعروض من الخراف إلى جانب صعوبة نقلها من إقليم كردفان غرب البلاد إلى الولايات المختلفة بسبب غلق الطرق الرئيسية جراء المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال إن التجار أصبحوا يسلكون طرقا بعيدة ووعرة من إقليم كردفان غرب البلاد الذي يضم أكبر مشاريع لتربية المواشي التي يكتفي منها السودان داخليا ويصدرها إلى الخارج، عبر مسار من ولاية شمال كردفان إلى الدبة بالولاية الشمالية ومنها إلى الولايات الشرقية والخرطوم.

وأضاف "هذا المسار الوعر والمكلف اضطر التجار إلى رفع الأسعار لتغطية التكاليف الباهظة".

وأوضح أن غالبية السودانيين أحجموا هذا العام عن شراء الأضاحي ليس لارتفاع الأسعار فحسب، فالجميع فقد مصادر دخله، كما نُهبت معظم الأسواق والمحال التجارية في العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى التي تشهد معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأكد "الأولوية الآن توفير الأكل والشرب".

يذكر أن الدولار يساوي 1679 جنيها سودانيا في السوق الرسمية، و1940 جنيها سودانيا في السوق الموازية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved