جدل حول تجاهل البرلمان في قانون تنظيم حالات إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية

آخر تحديث: الإثنين 13 يوليه 2015 - 6:40 م بتوقيت القاهرة

محمد بصل

*«المؤيدون»: المغايرة واضحة بين دستورى 2012 و2014 فى سلطة الإعفاء
*«المعارضون»: شرط التعيين يجب أن يتكرر فى الإقالة
*أول قانون يصدر بشأن «الهيئات المستقلة» دون انتظار مجلس النواب.. سلطة تقديرية للرئيس في حالتين والثالثة مرهونة بحكم قضائي والأخيرة بقانون الجهة

ثار فى الساعات الأخيرة جدل واسع في الأوساط القانونية ومواقع التواصل الاجتماعي حول القانون الجديد الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي، برقم 89 لسنة 2015، وينظم ﻷول مرة حاﻻت إعفاء رئيس الجمهورية لرؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية من مناصبهم.

وينص القانون الجديد على أنه «يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارًا بإعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية من مناصبهم فى 4 حاﻻت».

والحالات الأربعة هي: «اﻷولى، إذا قامت بشأنه دﻻئل جدية على ما يمس أمن البلاد وسلامتها، والثانية؛ إذا فقد المسئول الثقة واﻻعتبار، والثالثة، إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه اﻹضرار بالمصالح العليا للبلاد أو مصلحة إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة، والرابعة، إذا فقد المسئول أحد شروط توليه منصبه لغير الظروف الصحية».

وأثيرت تساؤلات عن «مدى دستورية هذا القانون فى ظل ما كان يتردد على لسان بعض رؤساء الجهات الرقابية عن استحالة عزلهم وأنهم غير قابلين للعزل بموجب الدستور».

وبمطالعة دستور 2014، يتبين أن المادة 216، نصت بشكل صريح على ضرورة إصدار قانون ينظم حالات إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية، حيث ذكرت نصا على أنه «لا يُعفى أى منهم من منصبه إلا فى الحالات المحددة بالقانون»، وأناطت المادة بالمشرع (مجلس النواب المنتخب أو رئيس الجمهورية فى غياب مجلس النواب) تحديد حالات إقالة رؤساء هذه الهيئات والجهات.

ونظمت المادة ذاتها طريقة تعيينهم، بأن «يعينهم رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء».

وبالنظر إلى تاريخ هذه المادة، نلاحظ أن مصطلح «الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية» استحدث في الوثائق الدستورية المصرية في دستور 2012، الذي أفرد لها فصلًا كاملًا، ونص فى المادة 202، على أن «يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزراء».

وهنا يتضح الفارق بين دستورى 2012 و2014، فيما يخص إقالة رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، فبينما لم يشترط دستور 2012، صدور قانون منظم لحالات الإقالة، فإنه اشترط لتنفيذ قرار الإقالة الصادر من رئيس الجمهورية أن يوافق عليه أغلبية أعضاء مجلس الشورى».

بينما قصر دستور 2014، دور مجلس النواب فى هذه المادة فى الموافقة على التعيين فقط، وترك تنظيم حالات الإقالة للقانون.

ومن خلال أحاديث مع عدد من القضاة والقانونيين عقب صدور القانون، تبينت «الشروق»، وجود رأيين في مدى دستورية تجاهل دور مجلس النواب تمامًا في إقالة رؤساء الجهات الرقابية في القانون الجديد الذي أصدره الرئيس السيسي، والذي جعل أمر الإقالة سلطة تقديرية بحتة لرئيس الجمهورية، وفقًا للحالات الأربع سالفة الذكر.

الرأي الأول، هو أن القانون دستورى من هذه الناحية، استنادا لأمرين؛ الأول هو المغايرة بين نصى دستور 2012 و2014، فالمعروف أن دستور 2014، هو تعديل لدستور 2012، ولو كان المشرع الدستورى يريد الإبقاء على نظام أخذ موافقة المجلس النيابى كشرط لنفاذ الإقالة، لما كان قد عدل المادة على هذا النحو، ولم يكن قد ترك تنظيم حالات الإقالة لقانون يصدر لاحقا.

والأمر الثاني، هو أن شرط موافقة مجلس النواب مذكور حصرا عند التعيين، ولا ينال من السلطة الأصيلة لرئيس الجمهورية في الإقالة وفقا للقانون، ثم يتجدد دور مجلس النواب عند تعيين رئيس جديد للهيئة وهكذا.

أما الرأي الثاني، فهو أن القانون خالف الدستور بتجاهل دور البرلمان، ويستند أصحاب هذا الرأى إلى أن أخذ موافقة مجلس النواب فى التعيين ابتداء يجب أن تقابل تشريعيًا بأخذ موافقته عند الإقالة؛ لأن هذا يعنى أن التعيين كان سلطة مشتركة بين رئيس الجمهورية والبرلمان، وليست حكرًا على أحدهما، ولو أن البرلمان رفض ترشيح الرئيس لأصبح ملزمًا بترشيح شخصية أخرى لرئاسة الجهة الرقابية أو الهيئة المستقلة.

أما من الناحية الموضوعية فإن القانون الجديد لم يشترط صدور أحكام قضائية لإثبات ارتكابه ما يمس أمن البلاد وسلامتها، مكتفيًا بوجود «دلائل جدية» كما أنه لم يحدد ماهية فعل «اﻹضرار بالمصالح العليا للبلاد أو مصلحة إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة» المذكور في البند الثالث من القانون، مما يعني توسيع السلطة التقديرية للرئيس فى تقييم هاتين الحالتين.

بينما ترتبط الحالتان الأخريان للإقالة بقرارات قضائية وقوانين أخرى، ففقدان الثقة والاعتبار مشروط قانونا بصدور حكم قضائى يشين الشخص، كما أن سقوط أحد شروط التعيين مردود إلى قانون الجهة الرقابية ذاته، والذي يتضمن الشروط الواجب توافرها في رئيس أو عضو الجهة.

وفيما يتعلق بالمخاطبين بهذا القانون، فإن الدستور أبرز عددا من الجهات الرقابية على سبيل الحصر فى المادة 215 هى: «البنك المركزى المصرى، والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة اﻹدارية».

كما نص الدستور فى المواد من 208 إلى 212، على إنشاء عدد من الهيئات المستقلة التى لم تنشأ حتى اﻵن وهي: «الهيئة الوطنية للانتخابات، والمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة واﻹعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام»، وترك فى المادتين 215 و216 للسلطة التشريعية إصدار قوانين بإنشاء هيئات مستقلة أخرى تتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفنى والمالي والإداري، وتنشط في مجال مكافحة الفساد وغيره من الأدوار الوطنية.

ويعتبر قانون تنظيم حالات إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية هو أول قانون يصدر من بين العديد من القوانين الأخرى التى يلزم الدستور المشرع بإصدارها فيما يتعلق بهذه الهيئات والجهات.

حيث كانت الدولة قد شرعت فى وضع قوانين وتعديلات للقوانين القائمة لكل من هيئة الرقابة الإدارية، والمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للانتخابات، لكن هذه المشروعات التشريعية لم تصدر، واتجه الرأى لانتظار انتخاب مجلس النواب القادم لإصدارها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved