«الشروق» ترصد رحلة تجارب الدواء على المريض المصرى من المستشفيات إلى سماسرة وسط البلد
آخر تحديث: الأربعاء 13 يوليه 2016 - 3:53 م بتوقيت القاهرة
تحقيق ــ علياء أبوشهبة:
• مصر الدولة الأفريقية الثانية الجاذبة لشركات الدواء العالمية لإجراء التجارب السريرية.. والمعلومات الرسمية المتاحة عن التجارب معدومة
• «الشروق» تلتقى سمسار «عيانين» بمنطقة قصر العينى مستعد لتوريد المريض بـ2000 جنيه.. وطلب الاطلاع على المستندات ليطمئن على حياة الحالة
• مجلس الشعب رفض قانون التجارب السريرية الذى تقدم به حسام بدراوى عام 2002.. وفى 2012 أعلن عن مسودة للقانون لكن تم حفظها عام 2014
• أبوطالب: لا يوجد قانون واضح وصريح ينظم العملية ولا يوجد تشريع يجرِّم إجراء التجربة بدون موافقة المريض
• الخدمة تقدم للمريض مجانًا ويوافق عليها لعدم قدرته على تحمل نفقات العلاج
• التجارب السريرية دراسات تُجرى لتقييم كفاءة العلاج قبل تعميمه.. غالبية المرضى من المصابين بفيروس «سى» والسرطان.. وبعضهم يوافق دون قراءة الطلب
• عبدالرازق: نعطى المريض فرصة للتفكير قبل توقيع الاستمارة تتراوح ما بين 15 و28 يوما.. ومنسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة: أمام معدلات الفقر فى مصر توقيع المتطوع ليس له معنى
التجارب السريرية.. أو استخدام المرضى فى تجارب كيميائية للوصول إلى علاج معين، هو نظام قديم اعتمد عليه الطبيب المسلم ابن سينا فى القرن الحادى عشر الميلادى لضبط القواعد التجريبية للدواء.
وفى الآونة الأخيرة تردد الحديث عن تلك التجارب بقوة أثناء الإعلان عن علاج جديد لفيروس «سى» هو «سوفاليدى»، حيث كان من ضمن إجراءات الحصول على هذا العقار موافقة المريض على استخدام نتائج علاجه فى دراسات الدواء لتطوير العقار.
آراء الخبراء تباينت حول أهداف التجارب السريرية، البعض رآها وسيلة لتحقيق ربح مادى بطرق غير مشروعة، فيما قال آخرون إنها ضرورة ملحة لتطوير الأدوية ومواجهة الأمراض المستعصية.
الرافضون استندوا إلى أن الدول الفقيرة مثل مصر لن توفر ضمانات كافية لمثل هذه التجارب، وأن شركات الدواء والمراكز البحثية سوف تستغل حاجة المرضى إلى تلقى علاج مجانى وتتلاعب بصحتهم، فى ظل عدم وجود قانون واضح ينظم تلك العملية.
المؤيدون أكدوا أن هذه التجارب قانونية وتخضع لإشراف وزارة الصحة، كما أنها تتم فى المستشفيات التعليمية وفق إطار قانونى محدد، وبإشراف مباشر من لجان أخلاقيات البحث العلمى فى الجهات البحثية.
فى التحقيق التالى حاولت «الشروق» الوصول إلى استقصاء أكبر الحقيقة والوصول قدر كافٍ من المعلومات حول هذا الملف، إلا أن المعلومات الرسمية المتاحة فى مصر قليلة وتكاد تكون منعدمة.
ووفقًا لقاعدة بيانات المعهد الوطنى الأمريكى للصحة المنشورة عبر الموقع الإلكترونى clinicaltrials.gov، فإن مصر تعتبر الدولة الأفريقية الثانية الجاذبة لشركات الدواء الأجنبية لإجراء التجارب السريرية بعد جنوب أفريقيا، كما يضم الموقع التجارب السريرية التى يتم إجراؤها حول العالم، ويحدد مكان التجربة وتاريخ بدايتها ونهايتها وأسماء الفريق البحثى المشارك بها.
وسنتتبع فى هذا التحقيق حقيقة عملية التجارب السريرية فى مصر، خاصة تلك التى تجرى على مرضى السرطان والكبد الوبائى «سى»، وسنحاول التعرف على قواعد إجراء التجارب وكيف تتم مراقبتها، وهل يمكن لأى شخص إجراء تجربة دوائية بعيدًا عن القانون؟
• أولا ما التجارب السريرية؟
تعرف دكتورة وفاء عبدالعال، رئيس وحدة التجارب السريرية فى المركز القومى للبحوث، مفهوم التجارب السريرية: «تعرف أيضا بالتجارب الإكلينيكية، وهى دراسات تجرى لتقييم سلامة وكفاءة علاج أو دواء قبل تعميم تطبيقه».
لجنة «أخلاقيات البحث العلمى» فى وزارة الصحة هى الجهة الرسمية فى الدولة المنوط بها الموافقة على إجراء التجارب السريرية فى مصر، كما تتولى متابعتها، وتأسست اللجنة وفقا للقرار رقم 95 لسنة 2005، وتوجد فى كل جهة بحثية لجنة مماثلة.
عن تشكيل هذه اللجان وعضويتها قالت دكتورة وفاء عبدالعال: إن هناك قواعد محددة منها أن يكون لها رئيس ونائب رئيس ومقرر، ويكون عدد أعضاء اللجنة عددًا فرديًا يتراوح بين 9 و15 فردًا، وتضم أطباء وعلماء متخصصين فى أخلاقيات البحوث على أن يكون من بينهم عضو خبرته فى مجال غير علمى وآخر مستقل عن المؤسسة، ويفترض أن تكون العضوية متجددة.
تقوم لجنة «أخلاقيات البحث العلمى» فى وزارة الصحة بمتابعة الأبحاث والتجارب من خلال تقرير سنوى، وتقوم بالبت فى طلبات إجراء الأبحاث خلال ستين يومًا من تقديم الطلب، أما اللجنة الموجودة فى الجهة البحثية فتتابع الأبحاث عبر تقرير كل 6 شهور.
تأسست الشبكة المصرية لأخلاقيات البحث العلمى، عام 2008 بوصفها عملًا أهليًا، تابعة للجمعية المصرية للخدمات الصحية، وتجمع لجان أخلاقيات البحث العلمى فى مختلف الكليات والمعاهد العلمية.
دكتور هانى سليم، مسئول الشبكة قال: إنها تجتمع بشكل دورى بهدف مناقشة سبل تطوير عمل لجان الأخلاقيات.
أوضح دكتور مجدى الصيرفى، عميد معهد الكبد القومى، أنماط التجارب الدوائية التى تتم فى مصر، قائلًا: يوجد نوعان من التجارب، أحدهما يكون راعى التجربة شركة دواء أجنبية، وتتم وفقًا للمعايير العالمية، النوع الثانى من التجارب مرتبط بأبحاث محلية، وتسير وفق القواعد المعروفة التى تضعها لجان الأخلاقيات، لافتا إلى أنها لجان حديثة النشأة.
فيما يتعلق بالأدوية المستخدمة فى التجارب، أوضح دكتور إمام واكد، رئيس وحدة الأبحاث الإكلينيكية فى معهد الكبد فى المنوفية، أن شركات الدواء الأجنبية ملزمة بالحصول على موافقة وزارة الصحة قبل استيراد دواء التجربة، لافتا إلى أنه فيما سبق كان من الممكن استيراده بدون الحصول على تصريح.
أوضح دكتور حمدى عبدالعظيم، أستاذ علاج الأورام بقصر العينى، أنه فى بعض الأحيان تتم التجارب بهدف المقارنة بين تأثير الأدوية المتعارف عليها للعلاج، والدواء الجديد والذى قد يكون أكثر فاعليةً وأمانًا، أو يكون مساويًا للدواء السابق له.
يشترط وجود تأمين على التجربة بهدف علاج المرضى من الآثار السلبية المحتملة للتجربة.
وأوضح دكتور وحيد دوس، عضو اللجنة العليا للفيروسات الكبدية، أن التأمين يتم من خلال شركات تأمين متخصصة، وتضمن لجان الأخلاقيات مراقبة البحث ومتابعة النتائج.
فيما انتقد دكتور ياسر عبدالقادر، رئيس وحدة أبحاث التجارب الإكلينيكية فى قسم علاج الأورام بقصر العينى، أن عضوية لجان أخلاقيات البحث العلمى لا تشمل باحثين شبابًا، وقال: «من غير المعقول أن يكون من بين أعضاء اللجنة بقصر العينى من اختبرنى أثناء حصولى على درجتى الماجستير والدكتوراه وأنا اليوم تجاوزت عامى الستين». وأشار إلى وجود علماء ورؤساء أقسام فى أوروبا فى عقدهم الثالث، وهو ما يؤكد أهمية تفعيل مشاركة الشباب.
بعض المصادر رفضت الإدلاء بأى تصريحات فى هذا الصدد، وبالرغم من الحصول على تصريح بالحوار من وزارة الصحة إلا أن الدكتورة عزة صالح، أستاذ البيولوجيا الإكلينيكية بمعهد تيودور بلهارس، والوجه المعروف إعلاميًا فى لجنة أخلاقيات البحث العلمى فى وزارة الصحة، رفضت الرد.
• التشريعات القانونية الحالية
المعلومات الكاملة عن التشريعات القانونية المنظمة لتجارب الدواء أوضحتها دكتورة دعاء أبوطالب، الأستاذة فى كلية الحقوق جامعة عين شمس، والتى أعدت رسالتى الماجستير والدكتوراه عن تشريعات التجارب السريرية للدواء، وقامت بدراسة مقارنة مع التشريعات فى انجلترا.
وفقًا لما ذكرته دكتورة دعاء أبوطالب «لا يوجد أى قانون أو تشريع صادر عن السلطة التشريعية ينظم بنصوص واضحة وصريحة عملية التجارب السريرية. ولكن هناك بعض النصوص التشريعية التى تعالج حالات معينة منها أحكام خاصة بالتجريب على الآدميين فى هذه الحالة».
الدستور المصرى أشار فى المادة 60 «لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الإتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أى تجربة طبية أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، وفقًا للأسس المستقرة فى مجال العلوم الطبية، على النحو الذى ينظمه القانون». إلا أن القانون لم ير النور حتى الآن.
ومن أمثلة القوانين التى تعاملت عرضًا مع فكرة التجارب السريرية المادة 36 من القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن المريض النفسى، والتى تنظم الحقوق التى يتمتع بها المريض النفسى. حيث ورد فى الفقرتين السابعة والثامنة منه: «ضرورة أخذ موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمى قبل تعرضه لأى بحث إكلينيكى»، و«أن يحظى فى حالة الموافقة على الخضوع لإجراء التجارب والبحوث العلمية بشرح كامل لهدف التجربة، على أن يحظر إجراء التجارب على المرضى الخاضعين لقرارات الدخول والعلاج الإلزامى».
كما أن هناك مجموعة من النصوص الواردة فى بعض القرارات الإدارية الصادرة من وزير الصحة والسكان لتنظيم بعض جوانب التجارب السريرية مثل لائحة آداب مهنة الطب الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 238 لسنة 2003، والتى تعرضت فى الباب الرابع لمجموعة من التوجيهات للأطباء حال تكليفهم بإجراء تجارب سريرية على الآدميين، وهى بطبيعتها توجيهات غير ملزمة ولم تتضمن تنظيمًا كاملًا ولا تحديدًا لحقوق الأفراد الخاضعين لهذه التجارب.
• إجراء تجربة بدون علم المرضى
من جانبها أوضحت الدكتورة دعاء أبوطالب أنه لا يوجد تشريع يجرِّم إجراء التجارب السريرية بدون موافقة الخاضعين لها. وبسبب غياب التنظيم القانونى يكون الرجوع للقواعد العامة، حيث إن إعمال القواعد العامة على حالات التجارب السريرية دون موافقة الخاضعين لها تثير مسئولية القائمين عليها المدنية والجنائية على السواء.
كما يحق للخاضع للتجربة فى مثل هذه الحالات المطالبة بالتعويض عن الأضرار التى أصابته وهو ما يثير المسئولية المدنية للقائمين على التجربة.
عند البحث عن دعوى قضائية تم تحريكها من مريض ضد طبيب أجرى عليه تجربة دوائية بدون علمه، فلم نجد دعاوى مماثلة باستثناء دعوى جنائية بتاريخ 11 فبراير 1973 وقضت بمسئولية الطبيب الجنائية لأنه أجرى جراحة مبتكرة فى عينىْ مريضة معًا ففقدت بصرها، وكان من المفترض أن يجرى الجراحة فى عين واحدة وليس فى العينين معًا.
• الإشراف على التجارب
أوضحت دكتورة دعاء أبوطالب، أن عملية الإشراف والرقابة على التجارب السريرية مسئولية الجهات الإدارية التى يحددها القانون عند صدوره، والتى يجب أن تمارس مهامها تحت مظلة وزارة الصحة. وهذه الجهات الإدارية هى التى تصرح للمراكز البحثية بتشكيل لجان أخلاقية داخلية لمراجعة بروتوكولات أو مشروعات التجارب قبل عرضها على الجهات الإدارية المختصة للتصريح بإجراء التجارب، ولمراجعة ومتابعة هذه التجارب فى أثناء إجرائها فى مراحلها المختلفة.
فى دراسة مقارنة بين المناخ التشريعى فى إنجلترا ومصر أجرتها الدكتورة دعاء، كشفت عن أن وجود قانون ينظم التجارب السريرية يؤثر بالإيجاب على البحث العلمى فى مصر، وفى نفس الوقت يمنح القدر المناسب من الحماية للعاملين على هذه التجارب وللخاضعين لها على السواء.
• سمسار المرضى!
«سمسار المرضى!».. هذا هو مسمى المهنة المتعارف عليها بين طلبة وأساتذة الطب فى مختلف الجامعات المصرية، وتتمثل مهام السمسار فى جلب المرضى لطلاب كليات الطب لإجراء الاختبار العملى عليهم، ويحصل السمسار على مقابل مادى يدفع جزءًا منه للمرضى.
قمنا بتجربة التواصل مع أحد أشهر سماسرة المرضى بالقرب من مستشفى قصر العينى التعليمى بوسط القاهرة، بعد ادعاء العمل فى عيادة طبيب مشهور لعلاج أمراض الكبد، وتم ذكر اسم وعنوان وهمى، وادعاء طلب مرضى لإجراء تجربة سريرية لهم على دواء جديد لإحدى الشركات الأجنبية، بشرط عدم توقيع أى أوراق.
فى مقابلة مسجلة مع السمسار القعيد على كرسى متحرك، سأل فى البداية عن الجرعة العلاجية مستخدما مصطلحات علمية كأنه طبيب محترف، مشددا على مدى أمان التجربة على المريض، وعرضنا عليه مبلغ ألف جنيه مقابل كل مريض يحضره.
وأثناء الحديث معه ذكر أنه جلب مرضى لطبيب منذ عام تقريبا لتجربة عقار أعده، وتوفى ثلاثة منهم أحدهم بعد حصوله على الجرعة بـ6 ساعات، لذا أعرب عن تخوفه.
فى المقابلة الثانية معه تمت زيادة المبلغ المعروض عليه إلى 2000 جنيه مقابل المريض، وطلب الاطلاع على المستندات الخاصة بالتجارب الأولية على العقار، قائلًا: إنه سوف يتمكن من ترجمتها لكى يطمئن على سلامة الدواء قبل تكرار تجربته السابقة!
• أهمية إصدار قانون للتجارب السريرية
لم يحظ مشروع قانون التجارب السريرية بالكثير من المناقشات، ففى عام 2002 تقدم دكتور حسام بدراوى، الأستاذ بكلية طب قصر العينى، إلى البرلمان بمشروع قانون خاص بإجراء الدراسات الدوائية فى مصر، ودارت مناقشات حادة حول إقرار القانون ثم رفض.
وفى عام 2012 بدأ وضع مسودة لقانون التجارب السريرية للدواء فى مصر، أعلن عنها فى شهر أغسطس من عام 2014 ليتم حفظها والإعلان عن تعديلها بعد إثارتها غضب واستياء كثير من الباحثين.
حول أهمية إصدار قانون ينظم تجارب الدواء فى مصر قال دكتور علاء عوض، أستاذ الكبد فى معهد تيودور بلهارس: «الآلية الحالية لتنظيم التجارب ليست كافية، مما يجعل إصدار تشريع أمرًا شديد الأهمية».
«خارج المنظومة الحالية للتجريب يمكن لأى شخص القيام بتجربة سريرية وابتكار دواء أو إدخاله لمصر بصورة غير قانونية»، هذا ما قاله دكتور إمام واكد الرئيس السابق لمعهد الكبد فى المنوفية، مؤكدًا أهمية إصدار قانون يضع عقوبات رادعة أمام المخالفين لقواعد التجريب.
• مسودة القانون السابقة
مسودة قانون التجارب السريرية للأدوية التى سبق الإعلان عنها فى عام 2014 أثارت استياء كثير من الباحثين، يقول رئيس وحدة التجارب الإكلينيكية فى معهد الكبد بالمنوفية، الدكتور إمام واكد، إن ما يعيب المسودة السابقة للقانون العقوبة الموقعة على الباحث، مضيفا: «يجب إلزام راعى التجربة بضمانات كثيرة، تشمل احتمالات عدة لتحقق الحماية للمريض».
دكتور هيثم عبدالعزيز، رئيس لجنة الصيادلة الحكوميين فى نقابة الصيادلة، قال إن النقابة رفضت مسودة القانون السابقة، لأنه يخدم مصلحة شركات الدواء العالمية فى المقام الأول.
• استمارة الموافقة
قالت دكتورة نهى عبدالرازق، منسق بحثى فى مركز أبحاث التجارب الإكلينيكية فى قسم علاج الأورام بقصر العينى: «نعطى المريض فرصة للتفكير قبل توقيع الاستمارة تتراوح ما بين 15 و28 يوما قبل بدء الدراسة، يتم توضيح الآثار الجانبية المحتملة، تضم عنوان البحث باللغة العربية، وتوضح حقه فى الانسحاب وحقه فى العلاج فى حالة انسحابه، كذلك توضح طبيعة العينات المطلوبة والتى تتحمل التجربة نفقتها إضافة إلى مصروفات الانتقال والسفر فى حالة ما إذا كان المريض مقيما خارج القاهرة».
تكمل: «أحيانا يرسل لى المرضى نتائج التحاليل والأشعة والتقارير المرفقة بها عبر البريد الإلكترونى، وذلك تسهيلا عليهم، وفى حالة حدوث أعراض جانبية أطلب منهم تصويرها وإرسالها لى وبدورى أرسلها للطبيب وأنقل استشارته للمريض».
دكتور محمد على خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، قال إنه أمام معدلات الفقر المرتفعة فى مصر التوقيع على استمارة الموافقة المستنيرة للمتطوع ليس له معنى.
• أشهر فضائح التجارب السريرية
كشفت دكتورة مجد قطب، أستاذ طب الأطفال بقصر العينى، عن واقعة مؤسفة مازالت أمام النيابة، ويتم نقل نظرها من نيابة لأخرى منذ عام 2008، قالت: «تقدمت ببلاغ ضد تجربة سريرية أجريت على أطفال أحد مستشفيات جامعة القاهرة، وأثبت بالوثائق أنه من بين734 طفلًا تمت متابعتهم بسبب أمراض ركود الصفراء «الركود المرارى» تلقى 401 طفل عقار حمض «أورسوديأوكسى كوليك» وتم شفاء 9.35% فقط ممن تلقوا هذا العقار، بينما أصيب 86.54% ممن تلقوا هذا الحمض المرارى الهاضم بتدهور وفشل كبدى واستسقاء بالبطن، ونتج عن ذلك ارتفاع نسبة الوفيات والمضاعفات من استسقاء بالبطن والتهاب رئوى قاتل والتهاب بالأذن الوسطى».
• فشل التجارب
يقول الدكتور علاء عوض، الأستاذ فى معهد تيودور بلهارس: «لا يوجد تشريع يلزم شركات الدواء الإعلان عن نتائج التجارب، ومعرفة إذا كانت انتهت بالفشل».
فيما أوضح دكتور هانى سليم، مسئول الشبكة المصرية لأخلاقيات البحث العلمى، أن نتائج التجارب متاحة من خلال 14 موقعًا إلكترونيًا دوليًا تسجل عليه التجارب، التى تتم وتتضمن مراحلها، لافتا إلى أن بعض شركات الأدوية كانت تخفى نتائج التجارب السريرية للدواء فى حالة فشلها، وهو أمر غير أخلاقى.
• أهمية التجارب السريرية للدواء
أكد وحيد دوس، عضو اللجنة العليا للفيروسات الكبدية، استفادة مصر من المشاركة فى التجارب السريرية للأدوية، فى اتفاقيات التسعير، إضافة إلى التأكد من ملاءمة الأدوية لطبيعة المصريين بالأخص فى فيروس «سى» لأن النوع الموجود فى مصر مختلف عن العالم كله.
قال دكتور رأفت رجائى، أستاذ مساعد علاج الأورام بقصر العينى: «الدراسات توفر لمرضى الأورام علاجات غير متاحة فى مصر، وإذا أتيحت سوف يكون ذلك بعد 10 سنوات، وتتم بدون أى تكلفة كما أنها توفر دخلًا للمؤسسة العلاجية».
• الشركات الوسيطة
فى بعض الأحيان تستعين شركات الدواء بـ«شركات وسيطة لمتابعة التجربة، وتوضح الدكتورة هبة خفاجى، مدرس الأورام بقصر العينى، فى هذا الإطار أن بعض الدراسات تراقبها تلك الشركات، وأحيانا تستعين شركات الدواء بجهة ثالثة مستقلة لمراقبة كل الأطراف السابقة، وتتم مراجعة تفاصيل التجربة مثل حفظ المستندات والتحاليل، ومكان حفظ الأدوية، ومواعيد إعطاء الجرعات.
ويتحفظ الدكتور علاء عوض، الأستاذ فى معهد تيودور بلهارس، على الشركات الوسيطة، قائلا: «لا يوجد فى مصر إطار تشريعى يحدد اختصاصاتها وأشكال تمويلها وآليات متابعتها ومراقبة أدائها، وبالتالى عملها أمر يثير التساؤلات وليس محل ثقة».
وبالتواصل مع أحد العاملين السابقين فى شركة وسيطة، طلب إخفاء هويته، قال إن هناك حوالى 15 شركة تعمل فى مصر وفق إطار قانونى، وتبدأ أى منظمة عملها بالتقدم للتسجيل فى وزارة الصحة، وتقديم الوثائق الرئيسية المتعلقة بالشركة التى توضح انتماءها العالمى».
أشار المصدر إلى أن وزارة الصحة تقوم بعمل متابعة الشركة وتقييم مستواها، وعن مهام الشركات الوسيطة.
• الموافقات الأمنية
تقوم شركات الدواء الأجنبية عادة بتجريب الدواء فى أكثر من بلد فى نفس الوقت، ثم تجميع عينات وتحليلها فى معمل مركزى، وسفر تلك العينات خارج مصر يتطلب موافقة أمنية، ويوضح دكتور حمدى عبدالعظيم، رئيس قسم علاج الأورام بقصر العينى سابقًا، أن تحليل العينات فى معمل مركزى موحد ضرورى عند إجازة الدواء من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA.
الدكتور إمام واكد، رئيس وحدة التجارب الإكلينيكية فى معهد الكبد، قال: «توجد تجارب سريرية جديدة حول فيروس «سى» توقفت بسبب عدم الموافقة الأمنية»، مضيفا: «الخوف من التعرض لحرب جينية، هذا هو المبرر».
وقالت الدكتورة منال حمدى السيد، عضو اللجنة العليا للفيروسات، إن الحالة الوحيدة التى يمكن فيها تقبل رفض خروج العينات عندما تكون لدى مصر صناعة دواء حقيقية، تبدأ من اكتشاف المادة الفعالة وحتى تصنيعها، وليس مجرد تعبئة الدواء، كما هو الحال الآن.
• التجريب فى العيادات الخاصة
عند طرح مسودة قانون التجارب السريرية للدواء أثارت الكثير من الجدل بسبب الحديث عن السماح بالتجريب فى العيادات الخاصة، وهو ما كان يتم بالفعل حتى عام 2008 حين أصدرت وزارة الصحة قرارًا بمنعه.
دكتور حمدى عبدالعظيم، أستاذ علاج الأورام بقصر العينى، قال: «أؤيد التجريب فى العيادات الخاصة، وقمت بإجراء تجارب سريرية فى عيادتى الخاصة، وتوقفت عام 2008 بقرار من دكتورة نادية رجب، رئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمى فى وزارة الصحة سابقا».
بينما عبر دكتور مجدى الصيرفى، عميد معهد الكبد، عن رفضه إجراء التجارب السريرية فى العيادات الخاصة، لأن عدد المترددين عليها للعلاج ليس كبيرًا مثل المستشفيات الجامعية والمعاهد البحثية، والتى تتمتع بمصداقية أكبر.
دكتور إمام واكد، الرئيس السابق لمعهد الكبد فى المنوفية، قال إن التجارب فى العيادات الخاصة كانت تتم لكن بدون قيود، ولا مراقبة من وزارة الصحة.
• مصر دولة جاذبة للتجارب السريرية
تعتبر مصر الدولة الأفريقية الثانية بعد جنوب أفريقيا الأكثر جاذبية لإجراء التجارب السريرية للأدوية.
اختيار الفريق الطبى المشارك فى الدراسة له معايير أوضحها دكتور هانى سليم، مسئول الشبكة المصرية لأخلاقيات البحث العلمى، ويكون على أساس عدد الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات العلمية الأجنبية، ووجود رصيد من التجارب الإكلينيكية.
وأوضح أن الباحثين فى مصر يحتاجون إلى التدريب، وهو ما توفره المشاركة فى الأبحاث وهو لمصلحة البحث العلمى.
• وحول اختيار المعامل
أوضحت دكتورة هبة خفاجى، مدرس علاج الأورام بقصر العينى، أن تحالیل متابعة حالة المریض تختص بها شركة الدواء الراعية للبحث، ولا یشترط اسم معمل محدد والأولویة للمعمل التى لدیها فروع على مستوى الجمھوریة.
• اختيار المرضى
وعن آلية اختيار المرضى المشاركين فى تجارب الدواء، أشار دكتور مجدى الصيرفى، عميد معهد الكبد، إلى أفضلية اختيار حالة متوسطة، ويفضل أن يكون شابًا وغير مصاب بأمراض مزمنة، ولم يحصل على أى علاجات سابقة.
وأوضح دكتور رأفت رجائى، أستاذ مساعد علاج الأورام، أنه عند الحاجة إلى مرضى للمشاركة فى تجربة دوائية يتم إبلاغ الأطباء فى القسم لترشيح مرضى من المترددين للعلاج، «لا نبذل مجهودًا كبيرًا فى تهيئة المريض نفسيًا لقبول الدخول فى تجربة».
• اختفاء ملفات مرضى الأورام
فى يوليو 2015 نشرت بعض الصحف خبرًا عن اكتشاف الدكتورة غادة الشريف، رئيس قسم الإحصاء بالمعهد القومى للأورام، اختفاء ألف من ملفات مرضى السرطان بالمعهد، وبالتواصل مع على طه، المحامى الذى استعانت به الدكتورة غادة الشريف، بعد أن رفضت التعليق على الأمر، قال: «من المحتمل استخدام بيانات المرضى واستغلالهم من شركات الأدوية المشبوهة، التى تعمل فى مجال أبحاث محرمة وغير مسموح بها دوليًا، واستغلال فقرهم وجهلهم ومرضهم للمشاركة فى تجارب دوائية».
وفى 21 سبتمبر 2015 أذاع برنامج «مفتاح الحياة» الذى يعرض على قناة الحياة، أنه تم العثور على ملفات مرضى الأورام المفقودة داخل صندوق جمع القمامة فى شارع التحرير فى الدقى.
• تجربة سوفالدى
منذ طرح دواء «سوفالدى» لعلاج فيروس «سى» وهو يثير حالة من الجدل، فكان من ضمن إجراءات الحصول عليه الموافقة على استخدام نتائجه فى الدراسات، وزاد الجدل عند نشر أخبار عن انتكاسة بعض المرضى.
وفى هذا يوضح الدكتور وحيد دوس، عميد المعهد القومى للكبد سابقًا: «سوفالدى ليس تجربة، لكن المرحلة الرابعة لأى علاج تتم بعد طرحه فى السوق، وهو حاليًا فى المرحلة الرابعة ومن الممكن أن يتم وقفه وسحبه من السوق إذا ثبتت خطورته».
وأضاف أن اختبار الدواء بعد طرحه فى الأسواق أمر طبيعى.
وحول توقيع المرضى بالموافقة على استخدام نتائج العينات المعملية الخاصة بهم، قال دوس: «يتم باستمرار متابعة فاعلية الدواء، من خلال متابعة حالة المريض وتدوين ذلك فى سجل طبى يوضح الحالة قبل وأثناء وبعد الحصول على الدواء، واحتراما للمرضى يتم ذكر ذلك ونراجع بروتوكول العلاج بصفة مستمرة».
الدكتور مجدى الصيرفى، العميد الحالى لمعهد الكبد، قال، إن سوفالدى علاج مسجل بواسطة المنظمة الأوروبية وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية وتم إقراره، «ونواجه دائمًا بالسؤال عن سبب دراسة أعراضه الجانبية وهو ما يعرف بدراسات ما بعد تقديم العلاج من أجل تقييم أثر الدواء، وهى مهمة حتى بعد طرح الدواء فى السوق».
وأضاف قائلًا: «سوفالدى مسجل منذ عام 2013 ولا يعقل انتظار تجربته على مليون مريض، كما أن هناك قواعد عالمية على أساسها تم قبول ملفه وصرفه».
وأشار الصيرفى إلى توقف صرف العلاج كل فترة من أجل مراجعة النتائج والخروج بمؤشرات عددية، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة من أجل مراقبة حدوث انتكاسة، موضحا أن النسبة الحالية للانتكاسة تعتبر جيدة مقارنة بالعلاجات السابقة.
لفت دكتور إمام واكد، عميد معهد الكبد فى المنوفية سابقًا، إلى وجود فارق بين نتائج الدراسة السريرية والعلاج الحقيقى وهو من أسباب حدوث انتكاسة، وأن نسبة 74% تعتبر جيدة لأنها أفضل من العلاج بالإنترفيرون خاصة فى حالات التليف الشديدة.
• تجارب أدوية كبد الأطفال
غياب تجارب أدوية الكبد الجديدة والمطورة على الأطفال، هاجس يشغل دكتورة منال حمدى السيد، أستاذ الأطفال عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، وتطالب شركات الدواء بالالتفات للأمر فى كل مؤتمر طبى تشارك فيه «لكى تهتم شركات الدواء بتجارب أدوية الأطفال وتنتج دواء لهم يجب أن يتأكدوا من وجود سوق لهذا الدواء، وهو ما يتطلب ضغطًا دوليًا لأسباب إنسانية».
وتضيف الدكتورة منال: «أحارب طوال الوقت لابتكار أدوية الكبد للأطفال تتيح البدء فى علاجهم فى وقت مبكر، لكن شركات الدواء أغلبها تنتهى تجاربها فى 2018 على الأطفال، ومن الممكن ظهور أدوية جديدة أكثر تأثيرًا فى ذلك الوقت ويحرم منها الأطفال، ولدينا فى مصر 10% من الأطفال المرضى على مستوى العالم تحت سن 15 سنة».
• مراكز أبحاث
مركز أبحاث التجارب الإكلينيكية فى قسم علاج الأورام فى قصر العينى يعتبر من الوحدات النظامية التى تطبق المعايير الدولية للتجارب السريرية، ويتم التعامل فيه مع مريض التجربة فى مقر منفصل عن باقى المرضى.
فى جولة داخل المركز بصحبة دكتورة نهى عبدالرازق، منسق أبحاث فى المركز، وهو مقسم إلى غرف إحداها خاصة بحفظ عينات الدواء بدرجات حرارة وفقًا لنوع الدواء، إضافة إلى غرفة مخصصة لتحليل الأبحاث الجينية، وغرفة لحفظ ملفات المرضى وسجلاتهم واستمارات الموافقة المستنيرة، وبعض الدواليب المستخدمة فى حفظ ملفات المرضى تبرعت بها شركات الأدوية الراعية للتجارب.
توجد أيضا غرف مكيفة مخصصة لتلقى جرعات العلاج، وتحتوى على مقاعد مستقلة لكل مريض، وقالت: «نحاول تنظيم جدول العمل لتجنب الزحام الذى يرهق المرضى، وعادة العدد ليس كبيرًا، لا يتعدى 12 مريضًا فى التجربة».
علب الدواء الخاصة بالتجارب عليها باركود يخص كل مريض، ويشمل عدد الدول المشاركة فى التجربة وعدد الحاصلين عليه من كل دولة، مذيلة بعبارة «غير مخصص للبيع».
تتسلم شركة الدواء فوارغ العبوات الدوائية بعد انتهاء التجربة، ويتم شراء ثلاجات حفظ الدواء بتمويل من الشركات الراعية للتجارب لضمان الحفظ الآمن للدواء.
دكتور ياسر عبدالقادر، رئيس وحدة أبحاث التجارب الإكلينيكية فى قسم علاج الأورام، قال: «وجود وحدة أبحاث من صميم عمل الكليات الجامعية، لكن هذا الدور المهم كان منسيًا ومهمشًا، لأنها كانت ومازالت منشغلة بتقديم الخدمة العلاجية وهو مخالف للدستور».
وأضاف أن مكان وحدة الأبحاث كان يحتله مشروع ملغى منذ الثمانينيات اسمه «الميكروسكوب الإلكترونى»، واستغرق الأمر ثلاث سنوات من الإجراءات البيروقراطية من أجل نقل الجهاز، وتم تجهيز المقر بالجهود الذاتية والتبرعات.
وأوضح عبدالقادر أن العائد المادى للتجارب يعود على الجهة البحثية، ويحصل المشاركون فى البحث على نسبة مكسب ضئيلة مقارنة بالمجهود المبذول، «منسق البحث يحصل على مقابل مادى عن كل مريض حوالى 60 دولارًا طوال مدة البحث، وهو مبلغ بسيط جدا».
وأضاف أن التجارب توفر دخلًا لتدعيم ميزانية كلية الطب والمستشفى الذى يخدم جميع المرضى.
دكتور حمدى عبدالعظيم، رئيس قسم علاج الأورام سابقا، ومن مؤسسى المركز البحثى، يطمح أن تصل أعداد المراكز البحثية المماثلة إلى 500 مركز بدلا من عشرات المراكز، نظرا لأن المردود الإيجابى للمشاركة فى التجارب السريرية يوفر بنية أساسية جيدة لإجراء الدراسات.
دكتور عماد حمادة، رئيس قسم علاج الأورام بقصر العينى، قال: «أحصل على ميزانية سنوية قدرها 4.5 مليون جنيه والعلاج فقط يتكلف 13 مليونا، هذا بالإضافة لنفقات العلاج الأخرى ولا أطلب مليمًا إضافيًا من الجامعة، والسر فى تبرعات أهل الخير».
وأضاف: «نعمل بإمكانيات بسيطة، ونطلب من الشركات مساعدتنا فى تأسيس وحدة الأبحاث، ونشعر بالإحباط كلما شاركنا فى مؤتمرات علمية خارج مصر، لأن مستوى أبحاث التجارب السريرية فى دول إسرائيل واليونان والأردن ولبنان أفضل من مصر».
دكتورة هبة خفاجى، مدرس الأورام بقصر العينى، أوضحت أن السرطان بخلاف الأمراض الأخرى يسعى المريض للدخول فى تجربة سريرية لكى يضمن الحصول على العلاج والدواء بالمجان، نظرا لارتفاع كلفة العلاج التى قد تصل إلى 50 ألف جنيه شهريًا، فضلًا عن أن نظام العلاج على نفقة الدولة لا يمنح المريض تكلفة العلاج كاملًا، وبالتالى يحتاج إلى الحصول على أكثر من قرار، وهو ما يتطلب وقتًا ومجهودًا يتعب المرضى، وفى كثير من الأحيان يصبح من الصعب الحصول على قرار آخر.
• مركز الدراسات الإكلينيكية فى جامعة الإسكندرية
تأسس عام 2006، وتقول عنه مديره، دكتورة نهال الحبشى: «لدينا تجارب سريرية فى المراحل الثانية والثالثة والرابعة من تجريب الدواء، وفى المجمل دخلنا ما يزيد على 80 تجربة سريرية، وتم نشر 10 أبحاث دوليًا وعدد العاملين فى المركز 11 شخصًا».
وأفادت أن أكثر التجارب تكون فى مجال علاج الأورام، وهى التجارب الأسهل فى إقناع المرضى لأنهم غالبًا جربوا طرقًا علاجية أخرى ويبحثون عن الجديد.
وقالت: «لدينا مشكلة فى المتابعة بعد انتهاء التجربة، وتتمثل فى استمرار حصول المريض على الدواء وخاصة فى حالة الأمراض المزمنة، وكانت لدينا تجربة ناجحة فى علاج مرض الصدفية عام 2012 بعد انتهائها طلبنا من شركة الدواء الراعية للبحث إعطاء جرعات الدواء للمرضى ووافقت الشركة ورفضت وزارة الصحة».
• التجارب السريرية الأمل الوحيد
ولاء.. اسم مستعار لسيدة تخضع لتجربة سريرية لعلاج السرطان، فى مركز أبحاث التجارب الإكلينيكية فى قسم علاج الأورام بقصر العينى.
وفى غرفة مطلة على النيل يبدو المشهد مبهجًا ومريحًا للأعصاب، جلست السيدة تنتظر الحصول على جرعة، قالت: «لم أعد أشعر بأى جمال، من الصعب أن أشعر بالمتعة من فرط الألم الذى شعرت به منذ مرضى».
قبل عامين علمت إصابتها بسرطان الرئة: «شعرت بالفزع لأن معنديش أى نظام تأمينى».
أجريت لها جراحة على نفقة الدولة لاستئصال الورم، وحصلت على جلسات علاج كيماوى ثم علاج إشعاعى، «بعدها أخبرنى الطبيب أن الورم انتهى تمامًا لكن ألمى لم ينته».
استمر شعورها بالتعب وتبين أن الورم مازال موجودًا ويؤثر على نصف جسدها الأيسر، وأن جزءًا منه فقط تم علاجه، «كنت أنتظر لحين الحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة، وهو إجراء صعب ويستغرق وقتًا، حتى أصبحت أجرى بعض الجلسات على نفقتى الشخصية وبعت بعض ممتلكاتى، بعدها علمت باختبار دواء جديد، فرحت لأنها فرصة للحصول على علاج مجانى ووقعت على استمارة الموافقة المستنيرة ولم أهتم بقراءتها».
تحصل ولاء على بعض الأدوية السرطان من السوق السوداء عبر أشخاص يعملون فى مستشفى للأطفال يقوموا بسرقتها من المخازن وبيعها.
انتهت تجربة ولاء ولم يحدث أى تقدم فى حالتها والأمل الوحيد أمامها الدخول فى تجربة سريرية جديدة، كما ذكر الطبيب المتابع لحالتها، لكن غياب الموافقة الأمنية على خروج العينات للتحليل خارج مصر حرمها من الدخول فى تجربة دوائية أخرى.
• «حسن» فى انتظار فرصة للحياة
أم حسن.. أم لطفل مصاب بأنيميا البحر الأبيض تنتظر الطبيبة، تقول: «أنا من كفر الشيخ وبشتغل حارسة عقار فى مصر الجديدة بالقاهرة، وابنى الكبير مصاب بأنيميا البحر المتوسط و يحتاج نقل دم كل 15 يوما، وبتعب وانا بدور على الدم».
عندما علمت بمرض ابنها فى شهره الرابع لجأت إلى الأطباء فى كفر الشيخ، وتم تحويله إلى مستشفى الشاطبى فى الإسكندرية، ووجدت مستوى جيدا من الرعاية، وأصبحت تحضر من القاهرة للإسكندرية، حتى علمت بوجود علاج جديد يتم تجريبه وقالت: «شعرت من أسلوب شرحهم أن ما يقدمونه من علاج سوف يكون فى مصلحة ابنى».
الابن الذى يبلغ 10 أعوام يبدو وكأنه لم يتجاوز عامه الرابع نظرًا لضعفه الشديد، وقالت والدته إن ما يشجعها هو حصولها على نفقات الانتقال وإجراء التحاليل بالمجان، كما أن لديها أملًا أن يكون العلاج مفيدًا.
• تجربة صباح
صباح سيدة ستينية، لا تفارق الابتسامة وجهها، حتى عندما علمت بإصابتها بمرض السرطان قبل 6 سنوات؛ وهى اللحظة التى بدأت معها معاناتها، لأنها لا تملك مظلة تأمينية، لذلك لجأت فى البداية للعلاج على نفقة الدولة.
وعندما انتقل الورم السرطانى من الثدى إلى المخ والرئة، وجدت صباح ملاذها لضمان الحصول على علاج ودواء مجانى، فى الدخول فى تجربة سريرية لعقار جديد لم يتم طرحه فى الأسواق.
تقول «صباح»: «قبل تجربة الدواء قرأت استمارة الموافقة المستنيرة سريعًا بدون الاهتمام كثيرًا بتفاصيلها؛ لشعورى بالراحة النفسية للفريق القائم على العلاج، وأعطونى مهلة لقراءتها وعرضها على محامٍ».
عام 2013 بدأت صباح التجربة الدوائية، أصيبت خلالها بأعراض مؤلمة منها تساقط أظافرها وحدوث حروق فى الجلد إضافة إلى الإسهال الشديد لدرجة كانت تعجز معها عن تبديل ثيابها بسهولة، نظرًا للحروق الموجودة فى يدها.
«مع بداية الدخول فى التجربة أخبرنى الطبيب أننى سوف أفقد شعرى، أجبته وأنا مبتسمة لقد اشتريت شعرًا مستعارًا بنفس لون شعرى البنى الفاتح، أنا مستعدة».
•• التجارب السريرية للأدوية
• ما هى التجارب السريرية للأدوية؟
تسمى التجارب السريرية أو الإكلينيكية وهى دراسات تجرى بهدف تقييم سلامة وكفاءة علاج أو دواء أو غذاء قبل تطبيقها على المرضى.
• مراحل إجراء التجارب
(1) التجريب المعملى على حيوانات التجارب:
1- ما قبل التجارب السريرية؟
2- المرحلة الصفرية.
(2) التجريب على الإنسان:
1- المرحلة الأولى «على الأصحاء».
2- المرحلة الثانية.
3- المرحلة الثالثة.
4- المرحلة الرابعة «بعد تسويق الدواء».
• المراحل المسموح بها فى مصر:
المرحلة الثانية «فى حالات محدودة».
المرحلة الثالثة:
المرحلة الرابعة:
• كيف يمكن معرفة معلومات عن التجارب؟
يوجد 14 موقعا إلكترونيا تنشر كل ما يتعلق بالتجارب السريرية فى العالم.
• لجان أخلاقيات البحث العلمى:
هى لجان تتشكل فى الجهات البحثية بهدف تقييم الأبحاث الجديدة ومتابعة الأبحاث الجارية.
• لجنة أخلاقيات البحث العلمى فى وزارة الصحة:
هى لجنة فى وزارة الصحة مسئولة عن الموافقة على التجارب الدوائية فى مصر.
• الموافقة المستنيرة:
هى عقد يتم توقيعه طواعية يضمن حقوق المريض ويشمل:
1- عنوان البحث.
2- أهداف البحث.
3- الطرق البحثية.
4- الفوائد المتوقعة.
5- المخاطر المحتمل حدوثها.
• التجريب فى العيادات الخاصة:
كان مسموحا به حتى عام 2008 عندما منعته وزارة الصحة.
• الشركات الوسيطة لإجراء التجارب السريرية للدواء:
تعرف أيضا بمسمى «منظمات البحوث التعاقدية» وهى شركات تقوم بمراقبة اتباع المعايير الصحيحة لإجراء التجربة السريرية وتستعين بها شركات الدواء للتأكد من دقة التجربة.
• إعلان هلسنكى:
هو أهم وثيقة دولية وقعت عام 1964 بمبادرة من الاتحاد الدولى للعلوم الطبية لوضع أسس وقواعد أخلاقيات إجراء البحوث الطبية على البشر وعقدت بعدها عدة اجتماعات لمناقشة وتنقيح بنوده وآخر اجتماع كان فى 2013.
• القواعد المنظمة للتجارب السريرية للدواء:
1- لائحة آداب المهنة فى نقابة الأطباء رقم 238 لسنة 2003 الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان.
2- القواعد التى تضعها لجان أخلاقيات البحث العلمى فى الجهات البحثية.
• عناصر التجربة الدوائية:
1- الممول سواء كان شركة أدوية أو مؤسسة طبية.
2- فريق العمل ويتكون من:
أ) أطباء.
ب) صيادلة.
ج) منسق بحث.
د) تمريض.
3- لجنة أخلاقيات لمراجعة البحث.
4- متطوعين أصحاء أو مرضى.
5- وحدة لإجراء الأبحاث.
• المبادئ العامة لأخلاقيات البحوث الطبية:
1- حق الاختيار.
2- المنفعة والإحسان.
3- العدل.
السمسار الذي التقطته «الشروق» - تصوير: روجيه أنيس