حقن شلل ومعجون أسنان سام.. تقارير تكشف عن أساليب الموساد في الاغتيال

آخر تحديث: الثلاثاء 13 أغسطس 2024 - 11:36 ص بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي:

كشف تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية عن طرق المخابرات الخارجية الإسرائيلي "الموساد" في الاغتيال.

وأضاف التقرير، الذي كتبه الصحفي البريطاني العسكري ديفيد باتريكاراكوس، أن الأساليب تنوعت ما بين الحقن التي تسبب الشلل، والصعق الكهربائي، ومعجون الأسنان السام، والمدافع الرشاشة الذكية.

وربط ديفيد ما سبق بحديث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الذي قال عن قادة حماس بعد عملية طوفان الأقصى أنهم "أموات يمشون على الأرض ويعيشون في وقت مستعار"، مشيرا إلى أن الإسرائيليين "ينفذون وعدهم".

فقبل 12 يوماً، تجلت مرة أخرى فعالية الاغتيالات المستهدفة التي تنفذها إسرائيل عندما تم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في أحد بيوت الضيافة في طهران، ولم تعلن الإسرائيل مسئوليتها عن العملية، ولم تنكرها ولكن الجميع يعلمون أنها المنفذ.

وأشارت التقارير الأولية إلى أن الإسرائيليين قتلوا هنية بقنبلة تم تفجيرها عن بعد وتم تهريبها إلى المنزل الذي كان يقيم فيه، ربما قبل شهرين من ذلك، إلا أن المصادر تقول الآن، إن الضربة جاءت على الأرجح من قاذفة صواريخ محمولة على الكتف.

وجاء في التقرير أن ما يجعل هذا الأمر غير عادي هو أن دار الضيافة هذه تديرها قوات الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، والواقع أنها تشكل جزءاً من مجمع أوسع نطاقاً تابع للحرس الثوري الإسلامي يُعرف باسم "نشات" في أحد أحياء طهران الثرية.

وكانت الضربة "دقيقة لدرجة أن زعيم جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الذي كان يقيم في الغرفة المجاورة، نجا من الضربة، وظلت غرفته سليمة إلى حد كبير".

وأكد ديفيد في تقريره، أن التقارير أشارت إلى أن العملية استغرقت شهوراً من المراقبة مع تحليل موسع لزيارات هنية السابقة للمجمع لتحديد الغرفة التي من المرجح أن يقيم فيها، فيما لم يكن من الممكن لأي إسرائيلي أن يقترب من هذا المرفق، وقد فعل الموساد، وجهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي، ما اعتاد أن يفعله في كثير من الأحيان، وهو "الاستعانة بالسكان المحليين".

ولم يكن هنية الوحيد الذي تم اغتياله في ذلك اليوم، فقد تم القضاء أيضًا على فؤاد شكر، أحد قادة جماعة حزب الله التابعة لإيران والمستشار العسكري لزعيمها حسن نصر الله، بضربة دقيقة في بيروت.

ويعتقد ديفيد في تقريره أن شكر، الذي لعب دوراً حاسماً في تطور حزب الله إلى القوة القتالية الكبيرة والفعالة التي هو عليها اليوم، هو المهندس وراء تفجير ثكنة عسكرية أميركية في بيروت عام 1983، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 250 من مشاة البحرية الأميركية.

- كيف ينفذ الموساد عمليات الاغتيال؟

بحسب التقرير، يقع داخل الموساد فرع قيسارية، المسمى على اسم مدينة الميناء القديمة التي بناها الملك هيرودس الكبير، وهو القسم المكلف بالعمليات السرية الخاصة.

وداخل هذا الفرع تقع وحدة كيدون "الحربة"، المسئولة عن تنفيذ عمليات الاغتيال، غالبًا ما يكون القتلة متعددي اللغات، ومزدوجي الجنسية، ومتخصصين في العمل في الخارج.

وتبدأ العملية بتحديد الهدف وجمع المعلومات عن الهدف، وهنا تعتمد الوحدة على شبكتها من الجواسيس والشركاء المحليين في جميع أنحاء الموقع المستهدف.

وفي حالة حماس، زعم التقرير أن الموساد "يمتلك شبكات واسعة النطاق من المخبرين في مختلف أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة لتتبع اتصالات حماس وحزب الله، وخاصة بين غزة وإسطنبول وبيروت، لتحديد تحركات الشخصيات البارزة".

ويشير ديفد في تقريره إلى أنه بمجرد تحديد هوية المستهدفين، يتم نقل ملفاتهم إلى لجنة أجهزة الاستخبارات، التي تضم رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمعروفة باسمها العبري المختصر "فاراش" أو "الصفحة الحمراء"، ويُعرف أمر القتل الذي يصدره الموساد باسم "أمر الصفحة الحمراء"، ويتم التصديق على كل أمر من أوامر القتل من قبل رئيس الوزراء والوزراء الآخرين، بما في ذلك وزير الدفاع.

-اغتيال علماء إيران وأحد قادة حماس

وأضاف ديفيد أن "الإسرائيليين لا يتسمون بأي قدر من الإبداع، فقبل بضع سنوات قام بتغطية سلسلة من اغتيالات العلماء الإيرانيين العاملين في البرنامج النووي، وتعهدت إسرائيل منذ فترة طويلة بأنها لن تسمح لإيران أبداً بالحصول على قنبلة نووية، وهي تبذل كل ما في وسعها للوفاء بعهدها، وبين العمليات التي نفذتها إسرائيل ضد العلماء النوويين، قُتِل أحدهم باستخدام قنبلة تم تفجيرها عن بعد، وفي الفترة من عام 2010 إلى عام 2012، قتلت إسرائيل 4 آخرين، وكلهم باستخدام عملاء إيرانيين محليين".

وزعم التقرير أن العلماء إما تعرضوا لإطلاق النار أو القتل بواسطة قنابل مثبتة في سياراتهم، وفي كل مرة يقتل فيها الموساد عالماً نووياً، فإنه يضرب قلب البرنامج النووي الأكثر قيمة في إيران ويحرج أجهزتها الأمنية.

ولا يقتصر عمل الموساد على تنفيذ عمليات اغتيال في دول معادية فقط، ففي 20 يناير 2010، اغتالت الوكالة محمود المبحوح في دبي بالإمارات العربية المتحدة، التي أقامت في عام 2020 علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.

وكان المبحوح هو المسئول عن شراء الأسلحة للجناح العسكري لحركة حماس، كتائب القسام، وقد قُتل في غرفته في فندق بدبي في عملية شارك فيها 27 عميلاً من الموساد متنكرين في هيئة سياح.

استخدم العملاء جوازات سفر مزورة، بما في ذلك جوازات سفر لـ 12 بريطانياً، و6 أيرلنديين، و4 فرنسيين، و4 أميركيين، وألماني واحد، وقد تم تعقب المبحوح بدقة شديدة لدرجة أنه في غضون لحظات من عبوره نقطة مراقبة الهجرة، كان عليه أن يحرك عربة أمتعته حول أحد القتلة.

وبمجرد وصوله إلى فندق البستان حيث كان يقيم، وصعد إلى الغرفة 230، حجز عملاء الموساد الغرفة 234 المقابلة له مباشرة ثم أعادوا برمجة القفل بحيث يعمل مفتاحهم للغرفة 234 على الغرفة 230 وانتظروا في غرفته حتى وصوله وكانت الخطوة التالية تأمين الممر بمفتاح 234.

وعندما دخل المبحوح حقنوه بمادة السكسينيل كولين المرخية للعضلات لشل حركته، ثم صعقوه بالكهرباء وخنقوه بوسادة، ثم بدلوه بملابس النوم ووضعوه في السرير ليبدو الأمر وكأنه مات لأسباب طبيعية، وغادر العملاء بعد فترة وجيزة، ولم تستغرق العملية أكثر من 24 ساعة.

وفي عام 1978، قتل الموساد وديع حداد، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كانت مسئولة عن هجمات رفيعة المستوى ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك اختطاف الطائرات.

وبحسب رونين بيرجمان، مؤلف كتاب "انهض واقتل أولاً: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل"، فإن الموساد قتله بوضع السم في معجون أسنانه.

حيث قام عميل سري للغاية يتمتع بإمكانية الوصول إلى منزل حداد بتغيير معجون أسنانه المعتاد إلى معجون مماثل يحتوي على سم تم تطويره في إسرائيل، وفي كل مرة كان حداد ينظف أسنانه، كانت السمية تدخل مجرى دمه، وتفاقمت حالته الصحية على مدى أشهر حتى تم نقله إلى المستشفى، أولاً في العراق حيث كان يعيش، ثم في النهاية إلى مستشفى في ألمانيا الشرقية.

في رحلته، وضع مساعدوه معجون الأسنان المسموم في حقيبة أدواته الشخصية، وتوفي بعد 10 أيام من دخوله المستشفى، وفي أيامه الأخيرة، كانت صرخاته من الألم عالية إلى الحد الذي جعله يحتاج إلى تخدير، وكان ذلك وحشياً، وبمثابة "تحذير للمخالفين لإسرائيل".

ولكن أشار التقرير إلى أنه مع تغير الزمن تتغير أجهزة الموساد معها وتتغير معها أيضاً أساليبها في الاغتيال، ولا سيما من خلال القوة المهيمنة في عصر التكنولوجيا.

وفي 27 نوفمبر 2020، اغتال الموساد العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، وأطلقوا عليه النار في أحد شوارع مدينة أبسارد القريبة من طهران باستخدام روبوت رشاش يعمل بالذكاء الاصطناعي يتم تشغيله عبر قمر صناعي.

تم تفكيك الروبوت إلى أجزائه المكونة وتهريبه إلى إيران قبل إعادة تجميعه هناك، ثم تم تركيبه على شاحنة مزودة بكاميرات، بينما تم استخدام مركبة أخرى على بعد ثلاثة أرباع الميل للتأكد من أن فخري زاده يقود السيارة التي تم نقله فيها.

وبمجرد التعرف عليه، أطلقت الآلة 15 رصاصة على سيارته في 3 دفعات، وكانت الضربة دقيقة للغاية لدرجة أن زوجته، التي كانت تجلس في مقعد الراكب، لم تصب بأذى، ثم فُجِّرت قنبلة لتدمير الروبوت حتى لا يتمكن الإيرانيون من تحليله ورغم أن هذا لم ينجح إلا جزئيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved