مارتن سكورسيزى يشرح لماذا يكره أفلام مارفل
آخر تحديث: الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 6:32 م بتوقيت القاهرة
تقرير ــ نوران عرفة:
تفرض على جمهور الشباب ذوقا واحدا وتحتل قاعات السينما ولو كنت أصغر سنا لأعجبتنى!
صناعة السينما حاليا تواجه ظروفا صعبة بسبب سياسة العرض والطلب وتقديم ما يدعو للتشاؤم وترك القصص الجيدة مثل السينما القديمة
بعدما خلق المخرج الأمريكى من أصل إيطالى «مارتن سكورسيزى»، حالة من الجدل والغضب بين زملائه المخرجين والممثلين مؤخرا بعد وصفه أفلام مارفل (البطل الخارق) بأنها أقرب لجولة فى ألعاب الملاهى، سعى لشرح أسباب عدم تقبله لهذه السلسلة من الزاوية الفنية فى مقال كتبه بصحيفة نيويورك تايمز.
«سكورسيزى»، الذى يعد من أشهر المخرجين فى هوليود شرح وجهة نظره، التى لخصها فى 3 أسباب:
(الأول): أنه لا يحب بحكم كبر سنه هذه الأفلام التى تعجب المرهقين قائلا بوضوح: «لو كنت أصغر سنا لأعجبتنى!».
(الثانى): تزمره من أن هذه الأفلام الأكشن، التى تعجب الشباب، وتفرض عليهم ذوقا واحدا، وتحتل قاعات السينما، حتى أن توزيع وعرض فيلمه الأخير لقى صعوبات بسبب أن الشاشات أصبحت مخصصة بشكل أكبر لأفلام السلاسل مثل مارفل.
(الثالث): أن صناعة السينما حاليا تواجه ظروفا صعبة، بسبب سياسة العرض والطلب ويجرى فرض ذوق موحد على الجميع، وتقديم ما يدعو للتشاؤم وترك القصص الجيدة مثل السينما القديمة.
* لا تقدم سينما حقيقية
فى مقاله، كتب «سكورسيزى»، يؤكد أنه حاول مشاهدة بعض أفلام مارفل، فلم ترق له، ولم يشعر أبدا أنها تقدم سينما حقيقية، ولكنه أكد أن تصريحه أن أفلام مارفل أقرب إلى مدن الملاهى استغل بعض الأشخاص الجزء الأخير من إجابته كإهانة أو كدليل على كراهيته لأفلام مارفل.
وذكر: «أن كثيرا من سلاسل أفلام مارفل صُنعت من قبل أشخاص موهوبين وفنانين حقيقيين، إلا أن الأفلام ذاتها لا تروقنى ولا تناسب سنى، وهذه مسألة أذواق وتفضيلات شخصية، ربما لو كنت أصغر سنا لأعجبنى هذا النوع من الأفلام، بل ربما كنت سأرغب فى صنع فيلم بنفسى».
وقال إن البعض قد يسأل: ما هى مشكلتك إذن مع أفلام البطل الخارق وغيرها من الأفلام التى تعتبر على رأس قائمة الافلام المُشاهدة فى العالم؟
وأجاب: «السبب بسيط، أن الأفلام التى يجب أن تكون فى الصدارة فى أمريكا والعديد من دول العالم، هى «أفلام الامتياز» أو «المختارة»، ويجب أن تكون هى اختيارك الأساسى إذا كنت تريد رؤية شىء ما على الشاشة الكبيرة».
وحذر من أن صناعة الأفلام باتت محفوفة بالمخاطر، أيضا عدد المسارح المستقلة أقل من أى وقت مضى، وانقلبت المعادلة وأصبح الهدف هو تدفق الأفلام وسرعة التسليم لا الجودة.
* أرفض سياسة العرض والطلب
وأوضح «أنه فى العشرين عامًا الماضية، تغيرت الأفلام بصورة أكثر شؤما، والتغيير الأكثر مشئومة حدث بشكل خفى وتحت غطاء الليل، ولذلك العديد من الأفلام اليوم هى منتجات مثالية يتم تصنيعها للاستهلاك الفورى، وكثير منها مصنوعة بشكل جيد من قبل فرق من الأفراد الموهوبين، ومع ذلك، فهم يفتقرون إلى شىء أساسى فى السينما باعتمادهم على الرؤية الموحدة لفنان فردى».
وتابع: «إذا كنت ستخبرنى أن الأمر يتعلق ببساطة بالعرض والطلب وإعطاء الناس ما يريدون، فسأختلف معك، إنها مشكلة الدجاج والبيض، إذا تم إعطاء الناس نوعًا واحدًا فقط من الأشياء وباعوا نوعًا واحدًا من الأشياء إلى ما لا نهاية، فسيريدون بالطبع المزيد من هذا النوع من هذه الأشياء».
لم يخجل «سكورسيزى» من تصريحاته، ولم يتراجع عنها، رغم الهجوم القاسى الذى واجهه على مدار أسابيع، سواء من جمهور مارفل المخلص، أو من الممثلين الذين شاركوا فى أفلامها على مدار أعوام، وأوضح فى مقاله أن المشكلة ليست فى أفلام مارفل وحسب وإنما فى صناعة السينما بأكملها.
* أين أفلام المخرجين العظماء؟
ــ قال «سكورسيزى» إن أفلام مارفل ليست مثل أفلام المخرجين المستقلين الآخرين مثل ويس أندرسون، كلير دينس، سبايك لى، أو حتى بول توماس أندرسون، موضحا: «عندما أشاهد أفلام المخرجين الذين ذكرتهم، أعلم أننى سأرى شيئا جديدا ومختلفا بكل تأكيد».
وتابع: «سيأخذنى هذا إلى عالم وتجربة لم أكن أتوقعها، وانتقل إلى مجالات غير متوقعة وربما غير قابلة للتجربة، وسيتم توسيع إدراكى بما هو ممكن فى سرد القصص بالصور والأصوات المتحركة»، أما فى حالة أفلام مارفل فالأمر يشبه تقديم نفس الشىء مرارا وتكرارا.
واسترسل «سكورسيزى» فى رصد ما أعجبه فى السينما القديمة والحديثة من مغامرات ووحى وغموض وعواطف.
مشيرا إلى أن فهمه للسينما هو أنها تقدم الأدب أو الموسيقى أو الرقص، وهو ما جسدته العديد من الافلام مثل: «The Steel Helmet» و«Persona» و«It's Always Fair Weather»، كما أشار إلى أن أفلام Hitchcock مثل الحدائق الترفيهية، وفيلم «الغرباء على القطار»، الذى يدور فى جولة مرح فى متنزه حقيقى، ويعد إنجازًا رائعًا.
تصريحات سكورسيزى السابقة
كان «سكورسيزى» قال فى تصريحات سابقة خلال مؤتمر صحفى لفيلم الأيرلندى حول أفلام مارفل: «إنها ليست سينما، إنها شىء آخر»، ولا يجب أن يتم غزونا بها»، بحسب موقع «هوليوود ريبورتر».
وتابع: «أفلام عالم مارفل السينمائى على الأخص ليست أفلاما، ولا تمتلك من السمات ما يجعلها سينما»، و«نحن بحاجة إلى دور السينما لتكثيف وعرض الأفلام التى هى أفلام سردية من الفئة الممتازة».
وخلال محاضرة ديفيد لين السنوية BAFTA، كرر «سكورسيزى» مقارنته أفلام Marvel بالحدائق الترفيهية، وقال: «هذا أمر جيد بالنسبة لأولئك الذين يستمتعون بهذا النوع من الأفلام، ولكنه يخلق نوعًا آخر من الجمهور الذى يعتقد أن السينما هى ذلك».
أفلام مارفل ليست سينما
وفى مقابلة أخرى مع مجلة «إمباير» (Empire)، قال المخرج الأمريكى الإيطالى «إنى لا أشاهد هذه الأفلام، لقد حاولت ولكن هذه ليست سينما».
وشبه سكورسيزى أفلام مارفل خاصة فيلم «أفنجرز: إند جيم» (Avengers: Endgame)، «بالحدائق الترفيهية، وبأنها ليست سينما البشر الذين يحاولون نقل التجارب العاطفية والنفسية إلى إنسان آخر، قائلا «إنها تجربة مسلية مثل زيارة مدينة الملاهى والتمتع بالألعاب»، على حد وصفه.
* لماذا رفض إخراج فيلم Joker؟
ــ وخلال مقابلة أجراها مع تلفزيون «BBC» كشف المخرج الأمريكى مارتن سكورسيزى عن إنه كان يستعد لإخراج فيلم «Joker»، بعدما كان المشروع بحوزته على مدار 4 سنوات لكنّه قرر التخلى عنه فى الحظة الأخيرة.
وارجع سكورسيزى ذلك فى اللقاء بقوله: «لم يكن لدى وقت كافٍ لأسباب شخصية، والفيلم بالفعل عمل استثنائى»، مشيرا لأن إخراج فيلم «Joker» المأخوذ عن شخصية من الكتب الهزلية، تختلف تماما عن أفلام «مارفل» الأبطال الخارقين التى انتقدها سابقا.
إيثان هوك: يريدون كسب المال
وقد شارك الممثل الأمريكى إيثان هوك، المخرج سكورسيزى فى ابداء استيائه من أفلام مارفل واعتبارها ليست سينما حقيقية، قائلا: «إن مشاهدى السينما يتعاملون مع أفلام الأبطال الخارقين على أنها أعمال فنية رائعة، وهى ليست كذلك»، بحسب موقع هوليود ريبورتر.
وقال «هوك»: «لدينا مشكلة، هى أنهم يخبروننا أن «لوجان» فيلم رائع، حسنًا، إنه فيلم خارق رائع، لكن لا يزال يحتال على الناس فى لباس ضيق مع المعدن، إنه ليس فيلما للمخرج بريسون، إنه ليس فيلما لانجمار برجمان، لكنهم يتحدثون عنه كما لو أنه كذلك.
وأضاف «ذهبت لرؤية «لوجان» لأن الجميع قالوا «هذا فيلم رائع»، وتساءلت: حقا؟ لا، هذا فيلم أبطال خارقين رائع للغاية لكن هناك فرقا بين فيلم أبطال خارقين رائع، وفيلم رائع بالمطلق، الأزمة أن الشركات الكبرى لا تعتقد أن هناك فرقًا، الشركات الكبرى تريد منك أن تعتقد أن هذا فيلم رائع، لأنهم يريدون كسب المال منه.
فريق «مارفل» ينتقد سكورسيزى
أثارت تعليقات سكورسيزى السابقة ردود أفعال من أعضاء فريق مارفل السينمائى مثل جيمس جان وصامويل إل جاكسون، قالوا إنه من المحبط أن نرى مخرجًا يهاجم بعنف أحد أركان سوق السينما، الذى لا يشكل بأى حال تهديدًا كبيرًا لأنواع أخرى من الأفلام بحيث يجب تجاهله تمامًا.
وأعرب المخرج الأمريكى جيمس، عن حزنه من تعليقات سكورسيزى الأخير، وحاول التلميح للغضب العالمى الذى قوبل به فيلم سكورسيزى «الإغراء الأخير للمسيح» ورد الفعل الدينى الشديد ضده.
وقال صامويل جاكسون خلال مقابلة لمجلة «فارايتى» فى الافتتاح الكبير لأستوديو «تايلر بيرى» (Tyler Perry): «الأمر ليس مضحكا، الأفلام هى أفلام».
ويعتبر صامويل جاكسون واحدا من أهم الممثلين الذين شاركوا فى أفلام عالم مارفل السينمائى الممتد بشخصية نيك فيورى، مؤسس شيلد، الذى ساعد فى تجميع الأبطال الخارقين مثل أفنجرز، وكان له دور مهم فى أغلب أفلام السلسلة، خاصة كابتن مارفل.
أيضا رد الممثل العالمى روبرت داونى، صاحب شخصية، iron man على تصريحات «سكورسيزى» قائلا: «أحترم آراءه بشدة، والاختلاف والتنوع وتعدد الآراء حول شىء يساعد على الوصول إلى نقطة ما يمكن أن نواصل التحرك منها للأفضل».
فيلم «الأيرلندى»
تطرق «سكورسيزى» فى مقاله إلى فيلمه الأخير «الأيرلندى» المقرر عرضه فى دور السينما فى الثامن من نوفمبر الجارى، وسيطرح على شبكة نتفليكس 28 نوفمبر الجارى، مشيرا إلى أن أغلب المخرجين يرغبون فى عرض أفلامهم فى قاعة سينما ليشاهدها أكبر عدد من الجمهور، إلا أن السينما تشهد زمنا محفوفا بالمخاطر وعلى الجميع مواجهته.
وتدور أحداث الفيلم حول وقائع حقيقية مستندة على رواية لستيفن زيليان، وقعت فى منتصف القرن الماضى، حول أحد زعماء المافيا شهرته «فرانك شيران» أو الملقب بـ«الإيرلندى»، والذى يتورط فى مقتل رئيس عصابات المافيا بأمريكا جيمى هوفا.
وفيلم سكورسيزى الجديد The Irishman، وهو فيلم عصابات من بطولة الممثل العالمى روبرت دى نيرو، والممثل العالمى آل باتشينو، والعديد من نجوم هوليوود، ويسرد حياة فرانك شيران وهو أحد رجال المافيا وقاتل محترف، والفيلم الجديد هو إنتاج مستقل لشبكة نتفليكس بميزانية تخطت الـ 200 مليون دولار؛ لتنافس به فى سباق جوائز الأوسكار للعام الحالى.
تكريم سكورسيزى
وسيقوم معهد الفيلم الأمريكى AFI يوم 15 نوفمبر الجارى، بتكريم المخرج الحائز على الأوسكار مارتن سكورسيزى، فى احتفالية ضخمة على مسرح «تى سى إل» الصينى بهوليوود تتضمن عرضا وحلقة نقاشية لأحدث أعماله السينمائية (الأيرلندى) أو.The Irishman
وقال «بوب غزال»، رئيس ومدير المعهد، فى بيان صحفى: «مارتن سكورسيزى هو معلم أمريكى، إنه لشرف عظيم للمعهد أن نجمع عشاق الأفلام لليلة واحدة للوقوف والاحتفال بمسيرة هذا الذكاء البصرى الذى تجاوزت أصداء شغفه بالسينما لتشمل النهوض بالشكل الفنى».